آيات من القرآن الكريم

وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ

هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- إن المنافقين لما كان مرضهم واحد وهو الكفر الباطني كان سلوكهم متشابها.
٢- الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف علامة النفاق وظاهرة الكفر وانتكاس الفطرة.
٣- الاغترار بالمال والولد من عوامل عدم قبول الحق والإذعان له والتسليم به.
٤- تشابه حال البشر وإتباع بعضهم لبعض في الباطل والفساد والشر.
٥- حبوط الأعمال بالباطل وهلاك أهلها أمر مقضى به لا يتخلف.
٦- وجوب الاعتبار بأحوال السابقين والاتعاظ بما لاقاه أهل الكفر منهم من عذاب.
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١) وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)
شرح الكلمات:
والمؤمنون: أي الصادقون في إيمانهم بالله ورسوله ووعد الله ووعيده.
أولياء بعض: أيما يتولىّ بعضهم بعضاً في النّضرة والحماية والمحبة والتأييد.
ويقيمون الصلاة". أي يؤدونها في خشوع وافية الشروط والأركان والسنن والآداب.
ويؤتون الزكاة: أي يخرجون زكاة أموالهم الصامتة كالدراهم والدنانير والمعشرات، والناطقة كالأنعام: الإبل والبقر والغنم.

صفحة رقم 395

في جنات عدن: أي إقامة دائمة لا يخرجون منها ولا يتحولون١ عنها.
ورضوان من الله أكبر: أي رضوان الله الذي يحله عليهم أكبر من كل نعيم في الجنة.
معنى الآيتين:
بمناسبة ذكر المنافقين وبيان سلوكهم ونهاية أمرهم ذكر تعالى المؤمنين وسلوكهم الحسن ومصيرهم السعيد فقال ﴿والمؤمنون والمؤمنات﴾ أي المؤمنون بالله ورسوله ووعده ووعيده والمؤمنات بذلك ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ أي يوالي بعضهم بعضاً محبة٢ ونصرة وتعاوناً وتأييداً ﴿يأمرون بالمعروف﴾ وهو ما عرفه الشرع حقاً وخيراً من الإيمان وصالح الأعمال، ﴿وينهون عن المنكر﴾ وهو ما عرفه الشرع باطلاً ضاراً فاسداً من الشرك وسائر الجرائم فالمؤمنون والمؤمنات على عكس المنافقين والمنافقات في هذا الأمر وقوله تعالى ﴿ويقيمون٣ الصلاة ويؤتون الزكاة﴾ والمنافقون لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى فهم مضيعون لها غير مقيمين لها، ويقبضون أيديهم فلا ينفقون، والمؤمنون يطيعون الله ورسوله٤، والمنافقون يعصون الله ورسوله، المؤمنون سيرحمهم الله ٥، والمنافقون سيعذبهم الله، ﴿إن الله عزيز﴾ غالب سينجز وعده ووعيده ﴿حكيم﴾ يضع كل شيء في موضعه اللائق به فلا يعذب المؤمنين وينعّم المنافقين بل ينعّم المؤمنين ويعذب المنافقين.
وقوله تعالى في الآية الثانية (٧٢) ﴿وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار﴾ أي من خلال قصورها وأشجارها ﴿خالدين فيها ومساكن﴾ أي قصوراً طيبة في غاية النظافة وطيب الرائحة ﴿في جنات عدن٦﴾ أي إقامة، وقوله ﴿ورضوان من الله﴾

١ قال تعالى من سورة الكهف: ﴿لا يبغون عنها حولاً﴾ أي: تحولاً لأنّ نعيمها لا يُمل ولا تثشوق النفس لغيره أبداً.
٢ شاهده من السنة قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" وشبّك بين أصابعه وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".
٣ يشمل اللفظ: الصلوات الخمس والنوافل كما شمل الزكوات المفروضة والصدقات إذ المدح يحصل بهما معاً فرضا ونفلا.
٤ أي: يؤدون الفرائض والسنن فعلا ويجتنبون المنهيات والمكروهات تركاً.
٥ السين في ﴿سيرحمهم﴾ للتأكيد وتحمل معنى الخوف والرجاء وهما جناحا المؤمنين لا يطيرون في سماء الكمالات إلا بهما.
٦ شاهدهُ في الصحيح قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلاّ رداء الكبر على وجهه في جنة عدن" وقوله أيضاً في الصحيح: "إنّ للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا في السماء، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهن لا يرى بعضهم بعضاً".

صفحة رقم 396

أي يحله عليهم أكبر من الجنات والقصور وسائر أنواع النعيم. وقوله ﴿ذلك هو الفوز العظيم﴾ ذلك المذكور من الجنة ونعيمها ورضوان الله فيها هو الفوز العظيم. والفوز هو السلامة من المرهوب والظفر بالمرغوب. هذا الوعد الإلهي الصادق للمؤمنين والمؤمنات يقابله وعيد الله تعالى للمنافقين والكفار في الآيات السابقة، ونصه ﴿وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم﴾.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
١- بيان صفات المؤمنين والمؤمنات والتي هي مظاهر إيمانهم وأدلته.
٢- أهمية صفات أهل الإيمان وهي الولاء لبعضهم بعضاً، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، طاعة الله ورسوله.
٣- بيان جزاء أهل الإيمان في الدار الآخرة وهو النعيم المقيم في دار الإسلام.
٤- أفضلية رضا١ الله تعالى على سائر النعيم.
٥- بيان معنى الفوز وهو النجاة من النار، ودخول الجنة.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ

١ أخرج الشيخان البخاري ومسلم، ومالك في الموطأ عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّ الله عزّ وجلّ يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير بين يديك فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً"

صفحة رقم 397
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية