آيات من القرآن الكريم

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ

قال أصحابنا: (أقل عدد كل صنف ثلاثة فصاعدًا، للفظ الجمع في (١) الآية، فإن دفع سهم الفقراء إلى فقيرين ضمن نصيب الثالث، وهو ثلث سهم الفقراء، يضمنه لفقير واحد أو (٢) أكثر) (٣).
وأما كيفية قسمها فهو أن تنظر فإن وجدت خمسة أصناف وقد لزمك أن تتصدق بعشرة دراهم، جعلت العشرة خمسة أسهم، كل سهم درهمان، ولا يجوز التفاضل، ثم يلزمك أن تدفع إلى كل صنف درهمين، وأقل عددهم ثلاثة ولا تلزمك التسوية بينهم، ولك أن تعطي فقيرًا درهمًا، وفقيرًا خمسة أسداس، وفقيرًا سدس درهم، هذه صفة قسم الصدقات على مذهب الشافعي (٤).
٦١ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ﴾، قال المفسرون: (نزلت في رجل من المنافقين يقال له نبتل بن الحارث (٥) وجماعة معه، كانوا يؤذون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويبلغون حديثه إلى المنافقين ويعيبونه، ويقولون فيما بينهم: نقول ما شئنا ثم نأتيه ونحلف له ونقول: ما قلنا فيصدقنا؛ لأنه أذن، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ﴾ (٦)

(١) ساقط من (ح).
(٢) في (ح): (و).
(٣) انظر: "المهذب في فقه الإمام الشافعي" ١/ ١٧٣، و"روضة الطالبين" ٢/ ٣٢٩.
(٤) انظر: "الأم"، كتاب: قسم الصدقات ٢/ ٩٤ وما بعدها، و"روضة الطالبين" ٢/ ٣٣٠.
(٥) هو: نبتل بن الحارث بن قيس الأوسي، أخو بني عمرو بن عوف، ذكره ابن إسحاق في المنافقين، على وجه الظن من غير سند واعتمد قوله من جاء بعده. وقال الحافظ ابن حجر: (يحتمل أن يكون أبو عبيدة اطلع على أنه تاب). انظر: "السيرة النبوية" ٤/ ٢٠٨، و"تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٦٨، و"الإصابة" ٣/ ٥٤٩.
(٦) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٦٨، والثعلبي ٦/ ١٢٢ أ، والبغوي ٤/ ٦٧، و"السيرة النبوية" لابن هشام ٤/ ٢٠٨، و"أسباب النزول" للمؤلف ص ٢٥٤.

صفحة رقم 520

يعني (١) من المنافقين من يوذيه بنقل حديثه، وعيبه ﴿وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ﴾ أي يسمع من كل أحد ما يقول ويقبله، وقال (٢) الحسن: (قالوا: ما هذا الرجل إلا أذن، من شاء صرفه كيف شاء، ليست له عزيمة (٣).
وقرأ نافعٌ (أذن) بالتخفيف (٤)، مثل عنق وظفر وطنب، وكل ذلك يجيء فيه (٥) التخفيف، والأذن في الأصل عبارة عن جارحة مخصوصة، ويجوز أن يطلق على الجملة، ويوصف به، كما قال الخليل في الناب من الإبل: (إنه سميت به لمكان الناب البازل (٦) فسميت الجملة كلها به (٧)) (٨).
وكما قالوا للربيئة (٩)، وهو عين القوم، ويجوز أن يجري الاسم وصفًا للشيء إذا وجد معنى ذلك الاسم فيه (١٠)، وذلك كما أنشد أبو عثمان (١١):

(١) ساقط من (ى).
(٢) في (ى): (قال).
(٣) ذكره عن الحسن، الشيخ هود بن محكم في "تفسيره" ٢/ ١٤٥، والرازي في "تفسيره" ١٦/ ١١٦، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٠٧.
(٤) انظر: "كتاب السبعة في القراءات" ص ٣١٥، و"إتحاف فضلاء البشر" ص ٢٤٣.
(٥) في (ى): (في).
(٦) قال الجوهري في "الصحاح" (بزل) ٤/ ١٦٣٣: (بزل البعير يبزل بزولاً: فطر نابه، أي انشق، فهو بازل، ذكرًا كان أو أنثى وذلك في السنة التاسعة، وربما بزل في السنة الثامنة، والبازل أيضًا: اسم للسن التي طلعت).
(٧) في (ح): (بها).
(٨) انظر: "كتاب سيبويه" ٣/ ٤٨٣، و"الحجة للقراء السبعة" ٤/ ١٩٩.
(٩) قال ابن فارس في "مجمل اللغة" (ربو) ٢/ ٤١٧: (الربيئة: عين القوم، يكون فوق مربأ من الأرض)، ونحوه في "تهذيب اللغة" (ربا) ١/ ١٣٣٤.
(١٠) ساقط من (ح).
(١١) هو: بكر بن محمد، أبو عمان المازني.

صفحة رقم 521

مئبرة العرقوب إشفى المرفق (١)
فوصف المرفق بالإشفى لما أراد من الدقة (٢) والهزال، وخلاف الدرم (٣).
وقال آخر (٤):

فلولا الله والمهر المفدى لأبت وأنت غربال الإهاب
فجعله غربالًا لكثرة الخروق فيه من آثار الطعن، فكذلك ﴿هُوَ أُذُنٌ﴾ أجرى على الجملة اسم الجارحة لإرادة (٥) كثرة استعمالها (٦) في الاصغاء بها، ويجوز أن تكون (فعلا) من أذن يأذن: إذا استمع، ويكون معناه: إنه كثير الاستماع، وفي التنزيل: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ (٧) أي استمعت، وقالوا: ائذن لكلامي: أي استمع له، وفي الحديث: "ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي
(١) لم أهتد إلى قائله، وانظر الرجز بلا نسبة في: "الخصائص" ٢/ ٢٢١، ٣/ ١٩٥، و"المخصص" ١٥/ ١٠٦، و"الممتع في التصريف" ١/ ٧٤.
والمئبر: ما رقّ من الرمل، وإبرة الفرس: ما انحد من عرقوبيه. اللسان (أبر).
والإشفى: المثقب. المصدر السابق (شفا).
يقول: إنها حادة العرقوب، حادة المرفق بسبب الهزال.
(٢) في (ى): (الذمة)، وهو خطأ.
(٣) الدرم في الكعب: أن يوازيه اللحم حتى لا يكون له حجم، ودرم الكعب والعرقوب والساق درمًا: استوى، والأدرم: الذي لا حجم لعظامه، وكل ما غطاه الشحم واللحم وخفي حجمه فقد درم. انظر: "اللسان" (درم) ٣/ ١٣٦٦.
(٤) البيت لمنذر بن حسان كما في "المقاصد النحوية" ٣/ ١٤٠، وهو بلا نسبة في "الخصائص" ٢/ ٢٢١، و"الدرر اللوامع" ٢/ ١٣٦، و"شرح الأشموني" ٢/ ٣٦٢، و"لسان العرب" (غربل) ٦/ ٣٢٣١، و"المخصص" ١٥/ ١٠٦.
(٥) في (ح) و (ي): (لإرادته).
(٦) في (م): (استعماله لها).
(٧) الآية: ٢ والآيه: ٥ من سورة الانشقاق.

صفحة رقم 522

يتغنى بالقرآن" (١)، ومنه قول عدي (٢):

في سماع يأذن الشيخ له وحديث مثل ماذي مشار (٣)
ويقوي هذا الوجه أن أبا زيد قال: رجل أُذُنٌ، ويَقَنٌ: إذا كان يصدق بكل ما يسمع (٤)، فكما أن يَقَنٌ صفة كبطل (٥)، كذلك أُذُن كأنُف.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾ أي مستمع خير وصلاح ومصغ إليه، لا مستمع شر وفساد، وروى الأعشى (٦) والبرجمي (٧): (أذنٌ
(١) الحديث بهذا اللفظ رواه مسلم في "صحيحه"، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، (رقم ٢٣٤) ١/ ٥٤٦، وبنحوه رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب من لم يتغن بالقرآن، (رقم ٤٢) ٦/ ٣٢٨.
(٢) هو: عدي بن زيد بن حمار العبادي التميمي، شاعر جاهلي، من دهاة العرب، كان يسكن الحيرة، ويحسن الفارسية فاتخذه كسرى ترجمانًا بينه وبين العرب، وعلماء العربية لا يرون شعره حجة لتأثره بالعجم، قتله النعمان بن المنذر نحو سنة ٢٥ ق هـ. انظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ١٣٧، ١٤٠، و"الشعر والشعراء" ص ١٣٠، و"الأعلام" ٤/ ٢٢٠.
(٣) البيت لعدي بن زيد كما في "ديوانه" ص ٩٥، و"شرح حماسة التبريزي" ٤/ ٢٤، والمرزوقي ص ١٤٥١، و"اللسان" (شور) ٤/ ٢٣٥٦.
والماذي: العسل الأبيض، والمشار: المجتنى. انظر: "لسان العرب"، الموضع السابق.
(٤) "النوادر في اللغة"، له ص ٣٢١، و"الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٢٠١.
(٥) ساقط من (ى).
(٦) هو: يعقوب بن محمد بن خليفة الكوفي، أبو يوسف الأعشى، أجل تلاميذ شعبة، كان قارئًا مجيدًا ضابطًا، توفي نحو سنة ٢٠٠ هـ.
انظر: "معرفة الاقراء الكبار" ١/ ١٥٩، و"غاية النهاية" ٢/ ٣٩٠.
(٧) هو: عبد الحميد بن صالح بن عجلان البرجمي التميمي، أبو صالح الكوفي، مقرئ ثقة، من تلاميذ شعبة، توفي سنة٢٣٠هـ.
انظر: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٢٠٢، و"غاية النهاية" ١/ ٣٦٠.

صفحة رقم 523

خيرٌ) (١) على وصف الأذن بـ (خير) ومعناه: أن يسمع منكم ويصدقكم خير لكم من أن يكذبكم ولا يقبل قولكم، و ﴿خَيْرٍ﴾ في القراءة الأولى بمعنى صلاح (٢)، وفي الثانية بمعنى أصلح، قال أبو إسحاق: (من قرأ (أذنٌ خيرٌ) بالتنوين، فالمعنى: قل من يسمع منكم، ويكون قريبًا منكم، قابلًا للعذر، خير لكم (٣).
والقراءة هي الأولى؛ لأن ما بعده يؤكده، وهو قوله: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي يسمع ما ينزله (٤) الله جل وعز عليه (٥) فيصدق به ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به، فهو أذن خير، لا أذن شر، وقال عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾ (يريد: يسمع كلام جبريل فينهاكم عن معاصي الله، ويأمركم بطاعته، ولتطرحوا عنكم ما علم الله في قلوبكم من النفاق) (٦)، وقال الفراء في قوله: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾: أي يصدق بالله، و ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ويصدق المؤمنين أراد: لكنه لا يصدقكم إنما يصدق المؤمنين، قال: وهو كقوله: ﴿لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٤] أي يرهبون ربهم (٧).

(١) يعني بالرفع والتنوين في الكلمتين، وقد روى هذه القراءة الأعشى والبرجمي عن أبي بكر عن عاصم، انظر: "الغاية في القراءات العشر" ص ١٦٥، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٣١٩، و"تفسير البغوي" ٤/ ٦٧.
(٢) في (ى): (صاد).
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٥٧.
(٤) في (ح): (ما بين).
(٥) من (م).
(٦) هذا الأثر من رواية عطاء التي لم أعثر على مصدرها.
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٤٤٤.

صفحة رقم 524

ويقال: آمن به وآمنه وآمن له، أي: صدقه، وقال أبو علي: اللام في ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ على حدها في قوله ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢] أو على المعنى؛ لأن معنى يؤمن: يصدق، فعدى باللام كما عدي مصدق به في نحو: ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ [المائدة: ٤٦] (١).
قال المفسرون (٢): وهذا تكذيب من الله للمنافقين، كأنه قال: إن محمدًا يصدق الله ويصدق المؤمنين، قال: وهو كقوله: ﴿لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٤].
وتكلم صاحب "النظم" في هذه الآية فأفاد، وهو أنه قال: من قرأ بترك الإضافة فقوله: ﴿أُذُنٌ﴾ رفع بالابتداء في الظاهر، وموضعه في الباطن نصب على الحال؛ لأن تأويله: قل هو أذنًا خير لكم، أي: إذا كان أذنًا خير لكم، و (خير) بمنزلة (أفعل) لأنه يقبل منكم ما تقولون فيما تعتذرون به، وليس ذلك راجعًا عليه بعيب، ويكون قوله: (هو) -لو ظهر- مبتدأ، وقوله تعالى: (أذنًا) (٣) بعده حال.
وقوله تعالى: ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ خبر للمبتدأ، كما تقول في الكلام: هو حافظًا خير لك (٤)، [أي: في حال الحفظ خير لك] (٥)، فلما كف -عز وجل- ذكره (هو) وضع ما بعده من الحال موضعه فصار مبتدأ، كما تقول في الكلام: هو حافظ خير لك، والعرب تضمر (هو) في الكلام، كقوله: {سَيَقُولُونَ

(١) "الحجة" ٤/ ٢٠٤.
(٢) القول للإمام ابن جرير، انظر: "تفسيره" ١٠/ ١٦٩، وانظر معناه في: "تفسير الثعلبي" ٦/ ١٢٢ ب، والبغوي ٤/ ٦٧.
(٣) يعني في حالة التأويل.
(٤) في (ح): (لكم)، وأثبت ما في (م) و (ى) لموافقته للموضعين بعده.
(٥) ما بين المعقوفتين ساقط من (ى).

صفحة رقم 525

ثَلَاثَةٌ} [الكهف: ٢٢] الآية (١).
ومن قرأ بالإضافة في (خير) ليس على (أفعل) وتقديره (٢) تقدير (فضل) و (نفع) [بمعنى: قل هو أذن نفع] (٣) لكم، لما (٤) تجدون فيه وعنده من السهولة والمسامحة فيما يبلغه عنكم، ثم بين الله -عز وجل- ذلك بقوله: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي يصدقهم كما قال -عز وجل-: ﴿وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ﴾ [آل عمران: ٧٣] أي: لا تصدقوا، والمؤمنون هاهنا: المنافقون (٥) الذين آمنوا بألسنتهم ولم (٦) يخلصوا بقلوبهم، فقبل - ﷺ - ظاهرهم، وخلطهم بالمؤمنين في الأحكام، ومنه قوله: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠] [فسماهن مؤمنات بإقبالهن إلى الهجرة ثم قال: ﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾] (٧) ولا يقع الامتحان إلا على من لا يُعرف إيمانه، ثم قال: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ أي بما يظهرن من الإيمان بألسنتهن.
وأما قوله: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهم (٨) المخلصون؛ لأن الرحمة لا تنال إلا من أخلص إيمانه، وقد يحتمل أن يكون قوله: ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي يصدق المؤمنين المخلصين فأما غير المخلصين فإنه يسمع منهم

(١) انظر: قول صاحب النظم في "تفسير الرازي" ١٦/ ١١٧ - ١١٨ وقال: هذا الوجه شديد التكلف.
(٢) ساقط من (ح).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط عن (ح).
(٤) في (ح): (ما).
(٥) في (ى): (المنافقين)، وهو خطأ.
(٦) في (ح): (وإن لم).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).
(٨) ساقط من (ح).

صفحة رقم 526

ما يقولون ولا يظهر لهم التكذيب، ويكل أمرهم إلى الله -عز وجل (١) -، والله أعلم بما أراد من ذلك.
وقوله تعالى: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾، قال الزجاج: (أي وهو رحمة؛ لأنه كان سبب إيمان المؤمنين) (٢)، فجعله الرحمة لكثرة هذا المعنى منه، وعلى هذا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧].
وقرأ حمزة (ورحمةٍ) بالجر (٣)، عطفا على خير، كأنه: أذن خير ورحمة، أي مستمع رحمة، وجاز هذا كما جاز مستمع خير، ألا ترى أن الرحمة من الخير، فإنه قيل: فهلا (٤) استغنى بشمول الخير للرحمة وغيرها عن (٥) تقدير عطف الرحمة عليه؟ فالقول: إن ذلك لا يمتنع، كما لم يمتنع ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: ١]، ثم خص فقال: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ [العلق: ٢] كذلك الرحمة، وإن كانت من الخير، لم يمتنع أن تُعطف عليه (٦) فتخصص (٧) الرحمة بالذكر من بين ضروب الخير لغلبة ذلك في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- وكثرته، قال أبو عبيد: (هذه القراءة بعيدة في مذهب

(١) وهذا الوجه هو اختيار ابن جرير في تفسيره ١٠/ ١٦٩ حيث قال: يقول جل ثناؤه: إنما محمد - ﷺ - مستمع خير، يصدق بالله وبما جاء من عنده، ويصدق المؤمنين، لا أهل النفاق والكفر بالله.
(٢) اهـ. كلام الزجاج، كما في "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٥٧.
(٣) كتاب: "السبعة" ص ٣١٥، وكتاب: "التيسير" ص ١١٨.
(٤) في (ى): (هلا)، وأثبت ما في (ح) و (م) لموافقة لما في "الحجة للقراء السبعة"؛ لأن النص منقول منه حرفيًّا.
(٥) في (ى): (من)، وأثبت ما في (ح) للسبب السابق.
(٦) ساقط من (ى).
(٧) في (ح): (فتخص).

صفحة رقم 527
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية