آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ

بنا إنا معكم متربصون من عاقبتنا وعاقبتكم إن أصررتم على كفركم وظهر أمركم، فنحن على بينة من ربنا ولا بينة لكم، فإذا لقى كل منا ومنكم ما يتربصه، لا نشاهد إلا ما يسوءكم ولا تشاهدون إلا ما يسرنا.
والدين لا يأمر بقتل المنافق ما دام يظهر الإسلام ويقيم الصلاة ويؤتى الزكاة.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٥٣ الى ٥٥]
قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥)
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عز اسمه اعتذار المنافقين بالمعاذير الكاذبة، وتعللاتهم الباطلة فى التخلف عن القتال، وذكر ما يجول فى نفوسهم من كراهتهم للرسول ﷺ والمؤمنين، وأنهم يتربصون بهم الدوائر- قفى على ذلك ببيان أن نفقاتهم على الجهاد فى هذه الحال طوعا أو كرها لن يتقبلها الله ولا ثواب لهم عليها، لما يبطنونه فى صدورهم من الكفر والفسوق عن أمر الله، فهم إن فعلوا شيئا من أركان الدين فإنما يفعلونه رئاء الناس وخوفا على أنفسهم من الفضيحة إذا هم تركوها، وأن أموالهم الكثيرة إنما هى عذاب لهم فى الدنيا والآخرة.
الإيضاح
(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) أي قل أيها الرسول لهؤلاء المنافقين: أنفقوا من أموالكم ما شئتم فى الجهاد أو فى غيره من

صفحة رقم 136

النفقات التي أمر الله بها وحث فى شرعه عليها حال الطوع تقية وحفظا للنفس، وكرها وخوفا من العقوبة، فمهما أنفقتم فلن يتقبّل منكم ما دمتم فى شك مما جاء به الرسول من الدين والجزاء على الأعمال فى الآخرة، لأنكم قوم فاسقون أي خارجون من دائرة الإيمان، والله إنما يتقبل من المؤمنين.
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) أي وما منع قبول نفقاتهم إلا كفرهم بالله وصفاته على الوجه الحق، وكفرهم برسالة رسوله وما جاء به من الهدى والبينات.
(وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) أي ولا يصلون إلا رياء وتقيّة، لا إيمانا بوجوبها، ولا قصدا إلى ثوابها واحتسابا لأجرها، ولا تكميلا لأنفسهم بما شرعه الله لأجلها، لأنهم لا يأتونها إلا وهم متثاقلون كسالى لا تنشرح لها نفوسهم ولا تنشط لها أبدانهم.
(وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) أي ولا ينفقون أموالهم فى مصالح الجهاد وغيره إلا وهم كارهون لذلك غير طيبة به أنفسهم، لأنهم يعدون هذه النفقات مغارم تضرب عليهم ينتفع بها المؤمنون وهم ليسوا منهم، فلا نفع لهم بما أنفقوا لا فى الدنيا وهو واضح ولا فى الآخرة، إذ لا يؤمنون بها.
ولما كان من أقوى أسباب إعراضهم عن آيات الله كثرة المال وطغيان الغنى بين سبحانه سوء عاقبة المال لهم فقال:
(فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) الإعجاب بالشيء السرور به مع الافتخار واعتقاد أنه ليس لغيره ما يساويه، والخطاب لكل من سمع القول أو بلغه.
أي فلا تعجبك أيها السامع أموالهم ولا أولادهم التي هى من أكبر النعم وأجلها، ولا يجولنّ بخاطرك أنهم- وقد حرموا ثوابها فى الآخرة- صفا لهم نعيمها فى الدنيا، وإلى هذا أشار بقوله سبحانه:

صفحة رقم 137
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية