آيات من القرآن الكريم

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ

إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ، أي: شكّت [قلوبهم] [١] وَنَافَقَتْ، فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ، يتحيّرون.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٤٦ الى ٤٨]
وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ (٤٨)
وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ، إِلَى الْغَزْوِ، لَأَعَدُّوا لَهُ، أي: ليهيّؤوا لَهُ عُدَّةً، أُهْبَةً وَقُوَّةً مِنَ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ، خُرُوجَهُمْ، فَثَبَّطَهُمْ، مَنَعَهُمْ وَحَبَسَهُمْ عَنِ الْخُرُوجِ، وَقِيلَ اقْعُدُوا فِي بُيُوتِكُمْ، مَعَ الْقاعِدِينَ، يَعْنِي: مَعَ المرضى والزّمنى. وقيل: مع النِّسَاءِ [٢] وَالصِّبْيَانِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقِيلَ، أَيْ: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اقْعُدُوا. وَقِيلَ: أَوْحَى إِلَى قُلُوبِهِمْ وَأُلْهِمُوا أَسْبَابَ الْخُذْلَانِ.
لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِالْجِهَادِ لِغَزْوَةِ تَبُوكَ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَسْكَرَهُ عَلَى ثَنْيَةِ الْوَدَاعِ وَضَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ عَلَى [ذِي] [٣] جَدَّةَ أَسْفَلَ مِنْ ثَنْيَةِ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ، فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم تخلّف عند عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِيمَنْ تَخَلَّفَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ الرَّيْبِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [بِقَوْلِهِ] [٤] : لَوْ خَرَجُوا، يعني المنافقون فِيكُمْ، أَيْ: مَعَكُمْ، مَا زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا، أَيْ: فَسَادًا وَشَرًّا. وَمَعْنَى الْفَسَادِ: إِيقَاعُ الْجُبْنِ وَالْفَشَلِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَهْوِيلِ الْأَمْرِ، وَلَأَوْضَعُوا، أسرعوا [٥]، خِلالَكُمْ، في وَسَطَكُمْ بِإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَكُمْ بِالنَّمِيمَةِ وَنَقْلِ الْحَدِيثِ مِنَ الْبَعْضِ إِلَى الْبَعْضِ. وَقِيلَ: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ، أَيْ: أَسْرَعُوا فِيمَا يُخِلُّ بِكُمْ. يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ، أَيْ: يَطْلُبُونَ لَكُمْ مَا تُفْتَنُونَ بِهِ، يَقُولُونَ: لَقَدْ جُمِعَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّكُمْ مَهْزُومُونَ وَسَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ عَدْوُكُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ يعني: العنت وَالشَّرَّ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْفِتْنَةُ الشِّرْكُ، ويقال: بغيته الشرك والخير أبغيه بغيا إِذَا الْتَمَسْتُهُ لَهُ، يَعْنِي: بَغَيْتُ لَهُ. وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، قَالَ مجاهد: معناه وفيكم مخبرون [٦] لَهُمْ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِمْ مَا يَسْمَعُونَ مِنْكُمْ، وَهُمُ الْجَوَاسِيسُ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
مَعْنَاهُ وَفِيكُمْ مُطِيعُونَ لَهُمْ، أَيْ: يستمعون كَلَامَهُمْ وَيُطِيعُونَهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ.
لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ، أَيْ: طَلَبُوا صَدَّ أَصْحَابِكَ عَنِ الدِّينِ وَرَدَّهُمْ إِلَى الْكُفْرِ، وَتَخْذِيلَ النَّاسِ عَنْكَ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، كَفِعْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ انْصَرَفَ عَنْكَ بِأَصْحَابِهِ. وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ، وَأَجَالُوا [٧] فِيكَ وَفِي إِبْطَالِ دِينِكَ الرَّأْيَ بِالتَّخْذِيلِ عَنْكَ، وَتَشْتِيتِ أَمْرِكَ، حَتَّى جاءَ الْحَقُّ، النَّصْرُ وَالظَّفَرُ، وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ، دِينُ اللَّهِ، وَهُمْ كارِهُونَ.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٤٩ الى ٥٢]
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٤٩) إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢)

(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «النسوان».
(٣) زيادة عن المخطوط ومعنى «ذو جدّة» : الطريق الواضح المسلوك.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «أشرعوا».
(٦) في المخطوط «عيون» وفي ط «محبون».
(٧) في المطبوع «جالوا» والمثبت عن المخطوط.

صفحة رقم 355

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي، نَزَلَتْ فِي جَدِّ بْنِ قَيْسٍ الْمُنَافِقِ.
«١٠٧٦» وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم لما تجهز لغزو تبوك قال [له] [١] :«يَا أَبَا وَهْبٍ هَلْ لَكَ فِي جِلَادِ بَنِي الْأَصْفَرِ» ؟ - يَعْنِي الرُّومَ- «تَتَّخِذُ مِنْهُمْ سِرَارِيَ وَوُصَفَاءَ»، فَقَالَ جَدٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي أَنِّي رَجُلٌ مُغْرَمٌ بِالنِّسَاءِ، وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ رَأَيْتُ بَنَاتَ بَنِي الْأَصْفَرِ أَنْ لَا أَصْبِرَ عَنْهُنَّ، ائْذَنْ لِي فِي الْقُعُودِ وَلَا تَفْتِنِي بِهِنَّ وَأُعِينُكَ بِمَالِي- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اعْتَلَّ جَدُّ بْنُ قَيْسٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ عِلَّةٌ إِلَّا النِّفَاقُ- فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
«أَذِنْتُ لَكَ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْهُمْ يَعْنِي مِنَ الْمُنَافِقِينَ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي فِي التَّخَلُّفِ وَلا تَفْتِنِّي ببنات [بني] [٢] الْأَصْفَرِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَلَا تُؤْثِمْنِي. أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، أَيْ: فِي الشِّرْكِ وَالْإِثْمِ وَقَعُوا بِنِفَاقِهِمْ وخلافهم أمر الله ورسوله، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ، منطبقة بِهِمْ [٣] وَجَامِعَةٌ لَهُمْ فِيهَا.
إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ، نُصْرَةٌ وَغَنِيمَةٌ، تَسُؤْهُمْ، تُحْزِنْهُمْ، يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ، وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ، قَتْلٌ وَهَزِيمَةٌ، يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا، حَذَرَنَا، أَيْ: أَخَذْنَا فِي الْقُعُودِ عَنِ الْغَزْوِ، مِنْ قَبْلُ، أَيْ: مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ، وَيَتَوَلَّوْا، وَيُدْبِرُوا، وَهُمْ فَرِحُونَ، مَسْرُورُونَ بِمَا نَالَكَ مِنَ الْمُصِيبَةِ.
قُلْ لِهَمْ يَا مُحَمَّدُ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا، أَيْ: عَلَيْنَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، هُوَ مَوْلانا، نَاصِرُنَا وَحَافِظُنَا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا، تَنْتَظِرُونَ بِنَا أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ، إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا النَّصْرَ وَالْغَنِيمَةَ أَوِ الشَّهَادَةَ وَالْمَغْفِرَةَ.
«١٠٧٧» وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مَنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نال من أجر أو

١٠٧٦- أخرجه الطبراني في «الكبير» ٢١٥٤ و١٢٦٥٤ من حديث ابن عباس، وقال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٣٠) : وفيه يحيى الحماني، وهو ضعيف اه.
قلت: وبشر بن عمارة ضعيف، والضحاك لم يسمع من ابن عباس، وللحديث شواهد، انظر «الدر المنثور» (٣/ ٤٩) و «دلائل النبوة» للبيهقي (٥/ ٢١٣ و٢١٤).
١٠٧٧- تقدم في سورة آل عمران آية: ١٧١. [.....]
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «مطيفة عليهم» والمثبت عن المخطوط.

صفحة رقم 356
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية