آيات من القرآن الكريم

إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ

أخذوا المخاض من الفصيل غُلَّبة ظلمًا ويكتب للأمير فصيلاً (١)
أراد: بدلاً من الفصيل.
﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، قال ابن عباس: يريد: الدنيا كلها (٢). ﴿إِلَّا قَلِيلٌ﴾ عند شيء من الجنة (٣)، وقال الزجاج: أي ما يتمتع به في الدنيا قليل عند ما يتمتع به أولياء الله في الجنة (٤).
٣٩ - قوله تعالى: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾، قال مقاتل: إلا تنفروا مع نبيكم إلى الجهاد يعذبكم عذابًا أليمًا (٥)، وروي عن ابن عباس أنه قال: هذا العذاب المتوعد به على ترك النفير هو إمساك المطر (٦)، قال: استنفر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيًّا من الأحياء فتثاقلوا عنه فأمسك عنهم المطر (٧)، وقال الزجاج: هذا وعيد شديد في التخلف عن
(١) انظر: "ديوان الراعي" ص ١٤٥، و"جمهرة أشعار العرب" ص ٣٣٦، و"شرح أبيات المغني" الشاهد رقم (٥٢٩) ١/ ٣٤٢. والمخاض: الناقة الحامل. والفصيل: ولد الناقة المفصول عن الرضاعة. انظر: "لسان العرب" (مخض وفصل). والشاعر يشكو جباة الزكاة ويذكر ظلمهم.
(٢) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٤٩٦، ورواه بمعناه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ١٩٣.
(٣) روى مسلم في (٢٨٥٨)، كتاب: الجنة، باب: فناء الدنيا عن المستورد بن شداد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه -وأشار يحيى (أحد الرواة) بالسبابة- في اليم فلينظر بم ترجع".
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٨.
(٥) "تفسير مقاتل" ١٢٩ أ، ولفظه: إلا تنفروا في غزاة تبوك إلى عدوكم يعذبكم عذابًا أليمًا.
(٦) هذا هو معنى أثر ابن عباس التالي.
(٧) رواه ابن جرير ١٠/ ١٣٤، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ١١٨، وصححه، ووافقه =

صفحة رقم 433

الجهاد (١)، قال عكرمة والحسن: هذه الآية منسوخة بقوله: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: ١٢٢] (٢)، قال المفسرون: الصحيح أن هذه الآية خاصة فيمن استنفره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾، قال ابن عباس: يريد: من التابعين بإحسان (٤)، وهذا كالاستعتاب من الله تعالى لأولئك القوم، والتوعد لهم أنهم إن تركوا الغزو مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أتى الله بقوم آخرين ينصر بهم الدين، وهم التابعون في قول ابن عباس (٥)، وقال سعيد بن

= الذهبي، ورواه أيضًا البيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب: الجهاد، باب: النفير، رقم (١٧٩٤٣) ٩/ ٨٣، ورواه مختصرًا أبو داود (٢٥٠٦)، كتاب: الجهاد، باب: في نسخ نفير العامة بالخاصة.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٨.
(٢) رواه عنهما ابن جرير ١٠/ ١٣٥، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٩٧ - ١٧٩٨، والصواب أن هذه الآية، وكذلك الآية التالية ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ محكمتان غير منسوختين؛ لأنه لا تنافي بينهم وبين الآية المدعى أنها ناسخة، وذلك لإمكان توجيه كل آية لحالة غير التي للأخرى، فالآيتان الأوليان لبيان حكم النفير حالة كون الجهاد فرض عين كحالة غلبة العدو على بلاد الإسلام، أو استنفار الإمام قومًا معينين، أو احتيج للجميع، أو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- خارجاً للجهاد.
أما قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ فهي لبيان حكم النفير حالة كون الجهاد فرض كفاية، فالآية تبين أن النفر في هذه الحالة واجب على بعضهم دون بعض. انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٤٣٦، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي ٢/ ٢٤٩، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي بن أبي طالب ص ٢٧٣، و"زاد المسير" ٣/ ٤٣٨، و"تفسير ابن كثير" ٢/ ٣٩٥.
(٣) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ١٣٥، وابن الجوزي ٣/ ٤٣٨، والرازي ١٦/ ٥٩.
(٤) انظر: "تفسير الرازي" ١٦/ ٦١.
(٥) سبق ذكره وتخريجه.

صفحة رقم 434
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية