آيات من القرآن الكريم

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ

(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) هذا كلام يتضمن ذكر نوع آخر من أنواع ضلالهم وبعدهم عن الحق، وهو ما راموه من إبطال الحق بأقاويلهم الباطلة التي هي مجرد كلمات ساذجة ومجادلات زائفة، وهذا تمثيل لحالهم في محاولة إبطال دين الحق ونبوة نبي الصدق بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم

صفحة رقم 287

قد أنارت به الدنيا وانقشعت به الظلمة ليطفئه ويذهب أضواءه، قيل المراد بالنور شرائعه وبراهينه، وسميت الدلائل نوراً لأنه يهتدى بها إلى الصواب كما يهتدى بالنور إلى المحسوسات.
وقيل المراد به الدلائل الدالة على صحة نبوته ﷺ وهي أمور:
أحدها: المعجزات الباهرات الخارقة للعادات.
وثانيها: القرآن العظيم وهو معجزة له باقية على الأبد.
وثالثها: أن دينه الذي أمر به هو دين الإسلام ليس فيه شيء سوى تعظيم الله والثناء عليه والانقياد لأمره ونهيه والتبري من كل معبود سواه: فهذه أمور نيرة ودلائل واضحة في صحة نبوة محمد ﷺ وعلى صدقه، فمن أراد إبطال ذلك بكذب وتزوير فقد خاب سعيه وبطل عمله.
(ويأبى الله إلا أن يتم نوره) أي دينه القويم بإعلاء كلمته، قال في الكشاف أن أبى قد أجري مجرى لم يرد أي ولا يريد إلا أن يتم نوره، وقال علي بن سليمان: إنما جاز هذا في أبى لأنها منع أو امتناع فضارعت النفي. قال النحاس: وهذا أحسن وقال الزجاج: التقدير ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم، وقال الفراء: إنما دخلت (إلا) لأن في الكلام طرفاً من الجحد، وإنما صح الاستثناء المفرغ من الموجب لكونه بمعنى النفي، وفيه من المبالغة والدلالة على الامتناع ما ليس في نفي الإرادة، أي لا يريد شيئاً من الأشياء إلا إتمام نوره، فيندرج في المستثنى منه بقاؤه على ما كان عليه فضلاً عن الإطفاء. قاله الكرخي.
(ولو كره الكافرون) أي أبى الله إلا أن يتم نوره ويعلي دينه ويظهر كلمته ويتم الحق الذي بعث الله به رسوله ولو كره ذلك الكافرون، وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير ولو كره الكافرون تمام نوره لأتمه ولم يبال بكراهتهم وقيل لو لم يكرهوه أو كرفوه أي على كل حال مفروضة.

صفحة رقم 288

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
ثم أكد هذا بقوله:

صفحة رقم 289
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية