آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ

وفي سورة الأنفال تصنيف آخر في قوله تعالى: ﴿والذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وجاهدوا فِي سَبِيلِ الله والذين آوَواْ ونصروا أولئك هُمُ المؤمنون حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: ٧٤].
وفي هذه الآية الكريمة من سورة الأنفال كان تصنيف المؤمنين بعد الهجرة مباشرة، وانتهت الهجرة؛ وأصبح الجميع سواء، فجاء التصنيف الجامع في آية التوبة.
لقد أوضح المولى سبحانه وتعالى أن هذه الأعمال لم تكن مقبولة من المشركين، أما إن قام بها المؤمنون فلهم درجة عند الله. وفي هذه الآية الكريمة يصفهم الحق بأنهم ﴿أَعْظَمُ دَرَجَةً﴾، ﴿أَعْظَمُ﴾ صيغة أفعل التفضيل، وهي تعطي قدراً زائداً عن الأصل المعترف به، فيقال: فلان أعلم من فلان. وبهذا يكون الشخص الثاني عالما، ولكن الشخص الأول أعلم منه. ويقال: فلان أكرم من فلان، أي أن الموصوف الثاني كريم، والموصوف الأول أكرم منه. والله

صفحة رقم 4970

سبحانه وتعالى أراد أن يبين لنا الفوز عنده، فقال:
﴿أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ الله وأولئك هُمُ الفائزون﴾ [التوبة: ٢٠].
فهؤلاء هم الذين يحصلون على أكبر الأجر عند الله تعالى، وهم المؤمنون المهاجرون، والمجاهدون بأموالهم وأنفسهم، والفوز حكم يؤدي إلى أن تأخذ ما تحبه نفسك. فقال الحق موضحاً ما يفوزون به:
﴿الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وجاهدوا فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ الله وأولئك هُمُ الفائزون﴾ [التوبة: ٢٠].
وما دام هؤلاء هم الفائزون، فالفوز إنما يكون في مضمارين اثنين. فالذين يصنعون أمورا خاصة بالدنيا قد يفوزون فيها بدرجة من النعيم، ولكن نعيمهم على قدر إمكاناتهم؛ وهو نعيم غير دائم؛ لأنه إما أن يزول عنهم بذهاب النعمة، وإما أن يزولوا هم عنه بالموت، إذن فهو نعيم ناقص.
أما الذي يؤمن ويهاجر ويجاهد ويعمل لآخرته، فسوف يفوز بنعيم لا على قدر إمكاناته، ولكن على قدر إمكانات الله، ولا مقارنة بين إمكانات الله وإمكانات خلقه. وفوق ذلك فهو نعيم دائم لا يتركك فيزول عنك، ولا تتركه لأنك في الجنة خالد لا تموت.
ثم يذكر الحق بعد ذلك قوله تعالى: ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وجنات... ﴾

صفحة رقم 4971
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية