آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ

من أن هذا يكون ما لم يضطر إليه أهل ناحية أخرى من نواحي بلاد الإسلام.
فإن اضطروا لزم عونهم ونصرهم، أي ولو كان ذلك في ناحية غير قريبة. والله أعلم.
وجملة وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً لا تفسر فيما يتبادر لنا بالقسوة في القتل والإبادة أو بذلك وحسب بل بمعنى إظهار العزيمة والحمية والتصميم والشدة التي ترهب الأعداء أيضا. ولعلّ الجملة التي انتهت بها الآية التي فيها الجملة ممّا يبرز هذا التنبيه. وفي تفسير البغوي ورشيد رضا والقاسمي ما يتساوق مع هذا القول.
وفيه والحالة هذه تلقين مستمر المدى.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٢٤ الى ١٢٦]
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥) أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦)
. (١) سورة: نرجح أن معنى الكلمة في مقامها هو اللغوي الذي هو «جملة من آيات القرآن» وليس «السورة» التي صارت تطلق على سور القرآن الكاملة من بدء إلى نهاية.
في هذه الآيات:
١- إشارة إلى موقف من مواقف المنافقين. حيث كان بعضهم إذا ما أوحى الله تعالى لنبيه ﷺ بسورة قرآنية سألوا سؤال المستهزئ الجاحد عن من استفاد منها زيادة إيمان وهدى وعلم.
٢- وردّ منطو على التنديد والإنذار للمنافقين والتنويه بالمخلصين: فالذين أخلصوا في إيمانهم يزيدهم ما ينزل من القرآن يقينا واستبشارا لأنهم يرون فيه تعليما وإرشادا وهدى. وأما المنافقون ذوو القلوب المريضة فيزدادون رجسا إلى

صفحة رقم 565

رجسهم بما يزدادون من شكّ وتصميم على عدم الإخلاص والتصديق حتى يموتوا كفارا جاحدين.
٣- وتساؤل على سبيل التنديد من جهة والتدليل على ازديادهم رجسا إلى رجس من جهة أخرى عما إذا كانوا لا يرون أنهم يختبرون ويبتلون في كل عام مرة أو مرتين فتظهر أمارات نفاقهم وجحودهم بالمواقف التي يقفونها والأقوال التي يقولونها ويفتضح أمرهم ويتعرضون نتيجة لذلك للتقريع والخزي ثم هم لا يرعوون ولا يتوبون عن مواقفهم ولا يتذكرون ما وقع لهم فيعودون إلى الارتكاس فيها والتعرض للفضيحة والخزي والتقريع مرة بعد أخرى.
تعليق على الآية وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً.. والآيتين التاليتين لها وما فيها من صور وتلقين
الآيات فصل جديد ولم نطلع على رواية خاصة في سبب نزولها. وعبارتها مطلقة تلهم أن المقصودين بالتنديد هم المنافقون وأن الموقف الذي يندد بهم من أجله هو موقف متكرر دائم منهم عند نزول السور والجمل القرآنية. ومن المحتمل أن تكون نزلت بعد الآية السابقة فوضعت مكانها للتناسب الظرفي. ولعل بعض المنافقين تساءلوا تساءلهم المستهزئ الجاحد عقب نزول بعض الآيات السابقة فنزلت الآيات تفضحهم وتندد بهم وتنذرهم. ولا يبعدأن تكون الآية [١٢٢] التي احتوت تخفيفا بعد التشديد الذي سبقها كانت موضوع التساؤل. وورود الآيات عقبها قد يكون قرينة على ذلك. وإذا صحّ هذا فتكون للآيات صلة موضوعية بما سبقها أيضا. وعلى كل حال فالشدة التي جاءت في الآيات تلهم أن الموقف الذي وقفه المنافقون كان شديد الخبث والأثر.
والآيات من حيث هي تحتوي تقرير مبدأ من مبادئ الإيمان والتهذيب الديني. فعلى المؤمن المخلص أن يتلقى كل ما أتى ويأتي من الله تعالى ورسوله ﷺ باستبشار وتصديق واعتقاد بأن فيه حكمة وهدى حتى ولو قصر ذهنه

صفحة رقم 566
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية