آيات من القرآن الكريم

إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ
ﭾﭿﮀ

(إرم ذات العماد) عطف بيان لعاد، والمراد بعاد اسم أبيهم وإرم إسم القبيلة أو بدلاً منه، وامتناع صرف إرم للتعريف والتأنيث، وقيل المراد بعاد أولاد عاد وهم عاد الأولى، ويقال لمن بعدهم عاد الأخرى فيكون ذكر إرم على طريقة عطف البيان أو البدل للدلالة على أنهم عاد الأولى لا عاد الأخرى.
ولا بد من تقدير مضاف على كلا القولين أي أهل إرم أو سبط إرم فإن إرم هو جد عاد، لأنه عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وقرأ الحسن وأبو العالية بإضافة عاد إلى إرم، وقرأ الجمهور إرم بكسر الهمزة وفتح الراء والميم، وقرىء بفتح الهمزة والراء وقرأ معاذ بسكون الراء تخفيفاً وقرىء بإضافة إرم إلى ذات العماد.
وقال مجاهد: من قرأ بفتح الهمزة شبههم بالإِرم التي هي الأعلام واحدها أرم. وفي الكلام تقديم وتأخير أي والفجر وكذا وكذا إن ربك لبالمرصاد ألم تر أي ألم ينته علمك إلى ما فعل ربك بعاد، وهذه الرؤية رؤية القلب، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو لكل من يصلح له.
وقد كان أمر عاد وثمود مشهوراً عند العرب، لأن ديارهم متصلة بديار العرب، وكانوا يسمعون من أهل الكتاب أمر فرعون.
وقال مجاهد أيضاً إرم أمة من الأمم، وقال قتادة هي قبيلة من عاد، وقيل هما عادان فالأولى هي إرم، قال معمر إرم إليه مجتمع عاد وثمود وكان يقال عاد إرم وعاد ثمود وكانت القبيلتان تنسب إلى إرم، قال أبو عبيدة هما عادان فالأولى إرم.
ومعنى ذات العماد ذات القوة والشدة مأخوذ من قوة الأعمدة، كذا قال الضحاك وقال قتادة ومجاهد أنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع، فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم، وقال مقاتل ذات العماد يعني طولهم، وكان طول

صفحة رقم 220

الرجل منهم إثني عشر ذراعاً، يقال رجل طويل العماد أي القامة.
قال أبو عبيدة ذات العماد ذات الطول، يقال رجل معمد إذا كان طويلاً، وقال مجاهد وقتادة أيضاًً كان عماداً لقومهم يقال فلان عميد القوم وعمودهم أي سيدهم، وقال ابن زيد ذات العماد يعني إحكام البنيان بالعمد.
قال في الصحاح: والعماد الأبنية الرفيعة تذكر وتؤنث، وقال عكرمة وسعيد المقبري: هي دمشق، وعن مالك مثله، وقال محمد بن كعب: هي الاسكندرية، قال ابن عباس يعني بالإرم الهالك، ألا ترى أنك تقول إرم بنو فلان، وذات العماد يعني طولهم مثل العماد.
وعن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه ذكر إرم ذات العماد فقال كان الرجل منهم يأتي إلى الصخرة فيحملها على كاهله فيلقيها على أي حي أراد فيهلكهم " أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه وفي إسناده رجل مجهول لأن معاوية بن صالح رواه عمن حدثه عن المقدام.

صفحة رقم 221
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية