آيات من القرآن الكريم

وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
ﭦﭧ ﭩﭪ ﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الفجر
مكية
قوله تعالى: ﴿والفجر * وَلَيالٍ عَشْرٍ * والشفع﴾. ألى قوله: ﴿البلاد﴾.
قال ابن عباس: الفجر " النهار ". وعنه أن الفجر عنى به " صلاة الفجر ".
وقال عكرمة: هو " فجر الصبح ". وقيل: هو صبيحة يوم النحر. وهو قسم

صفحة رقم 8233

والتقدير فيه: ورب الفجر.
وقوله: ﴿وَلَيالٍ عَشْرٍ﴾ أكثر المفسرين على أنها [العشر] الأولى من ذي الحجة.
ورو ى جابر أن النبي ﷺ قال: ﴿وَلَيالٍ عَشْرٍ﴾: عشر الأضحى.
وإنما جعلها عشر ليال، لأن ليلة يوم النحر دخلت فيها، لأن الله جعل ليلة يوم النحر ليوم عرفة فصار ليوم عرفة ليلتان رفقاً بعباده، فلذلك من لم يدرك الوقوف بعرفة يوم عرفة وقف ليلة يوم النحر وتم حجه، لأن ليلة يوم النحر ليلة (يوم عرفة أيضاً فصارت ليلة يوم النحر داخلة في حكم يوم) عرفة، يجزي فيها ما فات من الوقوف بعرفة يوم عرفة. ولا يجزئ الوقوف بعرفات - ليلة يوم عرفة - عن يوم عرفة، فصارت ليلة يوم النحر أخص بيوم عرفة من ليلة يوم عرفة (بيوم عرفة)،

صفحة رقم 8234

فاعرفه، فلذلك جعل ليالي العشر عشر ليال وأقسم بها.
وقال مجاهد: ليس عمل في ليالي السنة أفضل منه في ليالي العشر، وهي عشر موسى التي أتمها الله جل وعز له.
وعن إبن عباس أيضاً أنها العشر الأواخر من رمضان. وحكى الطبري أن بعضهم قال: [هي] العشر الأول من المحرم.
ثم قال تعالى: ﴿والشفع والوتر﴾.
قال ابن عباس: " الشفع: يوم النحر، والوتر: يوم عرفة ". وقال عكرمة.
وقال الضحاك: ﴿وَلَيالٍ عَشْرٍ * والشفع والوتر﴾، أقسم الله بهن لما يعلم من

صفحة رقم 8235

فضلهن على سائر الأيام: فالعشر ذي الحجة، والشفع يوم النحر، والتوتر يوم عرفة.
وقال عبد الله بن الزبير: الشفع: اليومان اللذان بعد يوم النحر، والوتر: (اليوم) الثالث/، وهو يوم النفر الآخر، قال الله ﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣].
وعن ابن عباس أيضاً: أن الشفع الخلق كلهم، والوتر الله، وهو وتر واحد وخلقه شفع. وقيل: الشفع صلاة الغداة، والوتر صلاة المغرب.
وهو قول مجاهد ومسروق.

صفحة رقم 8236

وعن مجاهد [أيضاً] أن الشفع والوتر: الخلق كلهم منهم [شفع] ([و] منهم) وتر. وهو قول الحسن.
وقال ابن زيد: كان أبي يقول: كل شيء خلا الله تعالى شفع ووتر، فأسم - جل ذكره - بما خلق مما تبصرون وما لا تبصرون.
وقال قتادة عن عمران بن الحصين أنه كان يقول: الشفع والوتر: الصلاة منها شفع كالظهر والعصر، ومنها وتر كالمغرب.
وقال الربيع بين أنس: الشفع والوتر: صلاة المغرب، فالشفع منها

صفحة رقم 8237

الركعتان الأوليان، والوتر الركعة الثالثة.
وروى عمران بن الحصين أن النبي ﷺ قال: ﴿والشفع والوتر﴾ " هي الصلاة منها شفع، ومنها وتر.
وروى قتادة أن الحسن كان يقول: الشفع والوتر هو العدد [منه] شفع ومنه وتر. [وقيل: الشفع آدم ﷺ وحواء، والوتر: الله تعالى، وتر كل شيء]. والفتح والكسر في الوتر لغتان: الفتح لغة أهل الحجاز، والكسر لغة بني تميم.
وقال الفراء: والكسر لغة قيس وأسد أيضاً. فأما الوتر الذي هو الترة،

صفحة رقم 8238

ففيه أيضاً لغتان: الفتح والكسر. أهل الحجاز يفتحون، وغيرهم بكسره.
ثم قال تعالى: ﴿واليل إِذَا يَسْرِ﴾ أي: يسري أهله.
وقيل: معناه: والليل إذا سار وذهب. وهي ليلة جمع، ليلة المزدلفة.
قال ابن عباس: إذا يسري: إذا ذهب.
وقال أبو العالية: إذا سار.
وقال ابن زيد: إذا يسير. وقال عكرمة: إذا جمع.

صفحة رقم 8239

ثم قال تعالى: ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ﴾ أي: إن في هذا القسم لكفاية لذي عقل. عظم الله تعالى جل ذكره هذه الأزمنة التي أقسم بها، وهي عشر ذي الحجة ويوم عرفة ويوم النحر وليلة المزدلفة. وأعيد ذكر [يوم] عرفة، وقد دخل في العشر لشرفه. وقيل: أعيد لأنه أقسم أولاً بالليالي، وأعيد ذكر اليوم، لأنه لم يدخل في الليالي.
قال ابن عباس: ﴿لِّذِى حِجْرٍ﴾: لصاحب نُهىً وعقلٍ.
وقال الحسن: " لذي حلم ".
قال قتادة: " لذي عقل ولب " وجواب القسم: ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ﴾.
[وقال مقاتل: " هل " هاهنا في موضع " إن "، وتقدير الكلام: " في ذلك قسماً. ذكره المارودي. فعلى هذا التأويل، تكون " هل " جواب القسم. والله أعلم]. وقيل الجواب: إن ربك لبالمرصاد، وهو الصواب إن شاء الله، لأن " هل " ليست من أجوبة القسم.

صفحة رقم 8240

ثم قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ العماد﴾. من صرف عاداً جعله للحي أو للأب. وقد قرأ الضحاك بغير صرف، جعله اسماً للقبيلة. وقرأ الحسن: " بعاد إرم " بإضافة " عاد " إلى " إرم "، ولم يصرف ﴿إِرَمَ﴾، جعل " إرم " اسم مدينة فلم يصرفها. قال محد بن كعب القرظي: إرم: " الإسكندرية ".
قال [المقبري]: إرم: دمشق، رواه عنه ابن وهب.
وقوله: ﴿واذكر أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بالأحقاف﴾ [الأحقاف: ٢١]، يدل على خلاف هذين القولين، لأن الأحقاف جمع: حقف، والحقف ما التوى من الرمل، وليس كذلك

صفحة رقم 8241

دمشق ولا الإسكندرية، وإنما يجوز هذا التأويل على أن يكون [عاد] [ها هنا] غير عاد أصحاب الأحقاف.
وقال مجاهد: إرم: " أمة ". وعنه أيضاً إرم معناه: " القديمة ".
وقال قتادة: كنا نحدث أن إرم قبيلة من عاد، مملكة عاد. وهذا قول يصح معه ترك صرف " إرم ".
وقال ابن إسحاق: إرم جد عاد، وإرم هو إرم بن عوص بن سام بن نوح. ويلزم على هذا أن يصرف لأنه يذكر.
وعن ابن عباس أن معناه: بعاد الهالك، ويلزم صرفه على هذا، لأنه وصف. وقال بعض أهل النسب: إرم هو سام بن نوح، ويلزم صرفه أيضاً لأنه مذكر.

صفحة رقم 8242

وقيل: إن ﴿إِرَمَ ذَاتِ العماد﴾ كانت مدينة عظيمة موجودة في ذلك الوقت.
وقوله ﴿ذَاتِ العماد﴾ نعت " لعاد " إن جعلته (اسما) للقبيلة أو لإرم فمعناهك ذات الطول لأن العرب تقول للرجل الطويل: معمد، وكانت قبيلة عاد طوال الأجسام.
[قال] ابن عباس: " كان طولهم مثل العماد ".
[وقال] مجاهد: " كان لهم جسم في السماء ".
وقيل: إنما قيل: ﴿ذَاتِ العماد﴾، لأنهم كانوا أهل عمد ينتجعون الغيوث وينتقلون (إلى) الكلا حيث كان ويرجعون إلى منازلهم. هذا معنى قول مجاهد.
وقال ابن زيد: ﴿ذَاتِ العماد﴾، قيل لهم ذلك البناء بناه بعضهم فشيد عمده.

صفحة رقم 8243
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية