آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

عُزَرْيَا وَمِيشَائِيلُ، فَأَوْقَدَ لَهُمْ أَتُّونًا وَأَلْقَى فِيهِ الْحَطَبَ وَالنَّارَ، ثُمَّ أَلْقَاهُمَا فِيهِ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمَا بَرْدًا وَسَلَامًا، وَأَنْقَذَهُمَا مِنْهَا، وَأَلْقَى فِيهَا الَّذِينَ بَغَوْا عَلَيْهِ وَهُمْ تِسْعَةُ رَهْطٍ، فَأَكَلَتْهُمُ النَّارُ.
وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ﴾ قَالَ: كَانَتِ الْأُخْدُودُ ثَلَاثَةً: خَدّ بِالْعِرَاقِ، وخَدّ بِالشَّامِ، وخَدّ بِالْيَمَنِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَعَنْ مُقَاتِلٍ قَالَ: كَانَتِ الْأُخْدُودُ ثَلَاثَةً: وَاحِدَةٌ بِنَجْرَانَ بِالْيَمَنِ، وَالْأُخْرَى بِالشَّامِ، وَالْأُخْرَى بِفَارِسَ، أَمَّا الَّتِي بِالشَّامِ فَهُوَ أَنْطَنَانُوسُ الرُّومِيُّ، وَأَمَّا الَّتِي بِفَارِسَ فَهُوَ بُخْتُنَصَّرُ، وَأَمَّا الَّتِي بِأَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ يُوسُفُ ذُو نُوَاسٍ. فَأَمَّا الَّتِي بِفَارِسَ وَالشَّامِ فَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ فِيهِمْ قُرْآنًا، وَأَنْزَلَ فِي الَّتِي كَانَتْ بِنَجْرَانَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ-هُوَ ابْنُ أَنَسٍ-فِي قَوْلِهِ: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ﴾ قَالَ: سَمِعْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فِي زَمَانِ الْفَتْرَةِ فَلَمَّا رَأَوْا مَا وَقَعَ فِي النَّاسِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ وَصَارُوا أَحْزَابًا، ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: ٥٣، الرُّومُ: ٣٢]، اعْتَزَلُوا إِلَى قَرْيَةٍ سَكَنُوهَا، وَأَقَامُوا عَلَى عِبَادَةِ الله ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ﴾ [الْبَيِّنَةِ: ٥]، وَكَانَ هَذَا أَمْرُهُمْ حَتَّى سَمِعَ بِهِمْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَّارِينَ، وحُدّث حَدِيثَهُمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ الَّتِي اتَّخَذُوا (١) وَأَنَّهُمْ أَبَوْا عَلَيْهِ كُلُّهُمْ وَقَالُوا: لَا نَعْبُدُ إِلَّا اللَّهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ. فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ تَعْبُدُوا هَذِهِ الْآلِهَةَ الَّتِي عبدتُ فَإِنِّي قَاتِلُكُمْ. فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فخَدَّ أُخْدُودًا مِنْ نَارٍ، وَقَالَ لَهُمُ الْجَبَّارُ-وَوَقَفهم عَلَيْهَا-: اخْتَارُوا هَذِهِ أَوِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ. فَقَالُوا: هَذِهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا. وَفِيهِمْ نِسَاءٌ وَذُرِّيَّةٌ، فَفَزِعَتِ الذُّرِّيَّةُ، فَقَالُوا لَهُمْ: لَا نَارَ مِنْ بَعْدِ الْيَوْمِ. فَوَقَعُوا فِيهَا، فَقُبِضَتْ أَرْوَاحُهُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّهُمْ حَرّهُا، وَخَرَجَتِ النَّارُ مِنْ مَكَانِهَا فَأَحَاطَتْ بِالْجَبَّارِينَ، فَأَحْرَقَهُمُ اللَّهُ بِهَا، فَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد﴾
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ: حُدِّثت عَنْ عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، بِهِ نَحْوَهُ (٢).
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ أَيْ: حَرقوا (٣) قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ أبْزَى.
﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ أَيْ: لَمْ يُقْلِعُوا عَمَّا فَعَلُوا، وَيَنْدَمُوا عَلَى مَا أَسْلَفُوا.
﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْكَرَمِ وَالْجُودِ، قَتَلُوا أَوْلِيَاءَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢) ﴾

(١) في أ: "التي لتخذوها".
(٢) تفسير الطبري (٣٠/٨٨).
(٣) في م: "حرقوا بالنار".

صفحة رقم 271

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ ﴿لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ (١) بِخِلَافِ مَا أُعِدَّ لِأَعْدَائِهِ مِنَ الْحَرِيقِ وَالْجَحِيمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾
ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ أَيْ: إِنَّ بَطْشَهُ وَانْتِقَامَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ الَّذِينَ كَذَّبوا رُسُلَهُ وَخَالَفُوا أَمْرَهُ، لَشَدِيدٌ عَظِيمٌ قَوِيٌّ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ، الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ كَمَا يَشَاءُ فِي مِثْلِ لَمْحِ الْبَصَرِ، أَوْ هُوَ أَقْرَبُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيد﴾ أَيْ: مِنْ قُوَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ التَّامَّةِ يُبْدِئُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ كَمَا بَدَأَهُ، بِلَا مُمَانِعٍ وَلَا مُدَافِعٍ. ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود﴾ أَيْ: يَغْفِرُ ذَنْبَ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ وخَضَع لَدَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الذَّنْبُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ.
وَالْوَدُودُ-قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ-: هُوَ الْحَبِيبُ، ﴿ذُو الْعَرْشِ﴾ [أَيْ: صَاحِبُ الْعَرْشِ] (٢) الْمُعَظَّمِ (٣) الْعَالِي عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ.
وَ ﴿الْمَجِيدُ﴾ فِيهِ قِرَاءَتَانِ: الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلرَّبِّ، عَزَّ وَجَلَّ. وَالْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْعَرْشِ، وَكِلَاهُمَا مَعْنًى صَحِيحٌ.
﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ أَيْ: مَهْمَا أَرَادَ فِعْلَهُ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ؛ لِعَظَمَتِهِ وَقَهْرِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ، كَمَا رَوَيْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ-وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ-: هَلْ نَظَرَ إِلَيْكَ الطَّبِيبُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: فَمَا قَالُ لَكَ؟ قَالَ: قَالَ لِي: إِنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ﴾ أَيْ: هَلْ بَلَغَكَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ بِهِمْ مِنَ الْبَأْسِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّقْمَةِ الَّتِي لَمْ يَرُدَّهَا عَنْهُمْ أَحَدٌ؟.
وَهَذَا تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ أَيْ: إِذَا أَخَذَ الظَّالِمَ أَخَذَهُ أَخْذًا أَلِيمًا شَدِيدًا، أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ تَقْرَأُ: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ﴾ فَقَامَ يسمع (٤) فقال: "نعم، قد جاءني" (٥).

(١) في أبعدها: "خالدين فيها".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في أ: "العظيم".
(٤) في أ: "يستمع".
(٥) وهذا مرسل.

صفحة رقم 372

وَقَوْلُهُ: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ﴾ أَيْ: هُمْ فِي شَكٍّ وَرَيْبٍ وَكُفْرٍ وَعِنَادٍ، ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ أَيْ: هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِمْ، قَاهِرٌ لَا يَفُوتُونَهُ وَلَا يُعْجِزُونَهُ، ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ أَيْ: عَظِيمٌ كَرِيمٌ، ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ أَيْ: هُوَ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى مَحْفُوظٌ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَالتَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا قُرَّة بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ سُرَيج (١) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ قَالَ: إِنَّ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ فِي جَبْهَةِ إِسْرَافِيلَ (٢).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ: أَنَّ أَبَا الأعْيَس-هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمَان-قَالَ: مَا مِنْ شَيْءٍ قَضَى اللَّهُ-الْقُرْآنُ فَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ-إِلَّا وَهُوَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَاللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ بَيْنَ عَيْنَيْ إِسْرَافِيلَ، لَا يُؤْذَنُ لَهُ بِالنَّظَرِ فِيهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْمَجِيدَ عِنْدَ اللَّهِ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ، يُنَزِّلُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ.
وَقَدْ رَوَى الْبَغَوِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقِ بْنِ بِشْرٍ (٣) أَخْبَرَنِي مُقَاتِلٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّهُ فِي صَدْرِ اللَّوْحِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، دِينُهُ الْإِسْلَامُ، وَمُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَ بِوَعْدِهِ وَاتَّبَعَ رُسُلَهُ، أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ. قَالَ: وَاللَّوْحُ لَوْحٌ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، طُولُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَعَرْضُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَحَافَّتَاهُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ، وَدَفَّتَاهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ، وَقَلَمُهُ نُورٌ، وَكَلَامُهُ مَعْقُودٌ بِالْعَرْشِ، وَأَصْلُهُ فِي حِجْرِ مَلَكٍ (٤).
قَالَ مُقَاتِلٌ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَوْحًا مَحْفُوظًا مِنْ دُرَّة بَيْضَاءَ، صَفَحَاتُهَا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، قَلَمه نُورٌ وَكِتَابُهُ نُورٌ، لِلَّهِ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةُ لَحْظَةٍ، يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَيُمِيتُ وَيُحْيِي، ويُعِزُّ ويُذِلُّ، وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" (٥).
آخِرُ تَفْسِيرِ سورة "البروج" ولله الحمد (٦).

(١) في أ: "شريح".
(٢) تفسير الطبري (٣٠/٩٠).
(٣) في أ: "بشير".
(٤) معالم التنزيل للبغوي (٨/٣٨٩).
(٥) المعجم الكبير (١٢/٧٢) وزياد وليث بن أبي سليم ضعيفان، وقد جاء موقوفا على ابن عباس، رواه الطبراني في المعجم الكبير (١٠/٣١٦) من طريق بُكَيْرِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بنحوه.
(٦) في أ: "والله أعلم".

صفحة رقم 373
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية