
من أهل الجنة النظر إلى عدوه من أهل النار إلا فعل (١)، وهو قول مقاتل (٢).
وقال أبو صَالح: يقال لأهل النار وهم فيها أخرجوا، ويفتح لهم أبوابها فإذا رأوها قد فتحت اقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك، فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم، فذلك قوله: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ (٣).
٣٥ - ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُو﴾ إلى عذاب عدوهم
٣٦ - (قوله تعالى) (٤): ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (أي هل جوزوا بسخرتهم (٥) بالمؤمنين في الدنيا) (٦).
ومعنى الاستفهام -هَاهنا- التقدير: و"ثوب" يعني أثيب، وهو فُعل
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٣٣/ أ، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٧ بمعنى ذلك، وقوله: لكل رجل من أهل الجنة ثلمة ينظرون إلى أعداء الله كيف يعذبون، فيحمدون الله على ما أكرمهم به، فهم يكلمون أهل النار، ويكلمونهم إلى أن تطبق النار على أهلها فتسد حينئذ الكوى.
(٣) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٢، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٧، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٦، "لباب التأويل" ٤/ ٣٦٢.
(٤) ساقط من (ع)
(٥) هكذا وردت في النسختين، بالإضافة إلى مصدر القول، وهو "معاني القرآن وإعرابه" المخطوط: ٢٧/ أ، أما المطبوع فكتبت: بسخريتهم، وورد بمثل ذلك في "الوسيط" ٤/ ٤٥٠.
(٦) ما بين القوسين نقله عن الزجاج. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠١ بنصه.

من الثواب، وهو مَا يثوب، أي يرجح على فاعله من جزاء مَا عمله من خير أو شر، والثواب يستعمل في المكافأة بالشر (١).
أنشد أبو عبيدة:
ألا أبلغ أبا حنش رسولًا | فما لك لا تجيء إلى الثواب (٢) |
(وقُرِىءَ "هل ثوب" بالادغام، والاظهار (٥).
وذكر سيبويه: إدغام (اللام) في (الثاء)، قال: وإدغامها حسن فيها؛ لأنه قد أدغم في الشين (٦)، فيما أنشده.
(٢) ورد البيت غير منسوب في: "الأغاني" ١٢/ ٢٤٨ ط. دار الكتب العلمية، ونسبه إلى كرب أخي شرحيل، وقيل سلمة بن الحارث. وانظر أيضًا: "التفسير الكبير" - ٣١ - ١٠٣ غير منسوب.
(٣) لا أعرف من القائل، ولم أعثر على مصدر لهذا القول.
(٤) انظر: "الدر المصون" ٦/ ٤٩٥، البيان في غريب "إعراب القرآن" لابن الأنباري: ٢/ ٥٠٢.
(٥) قرأ علي بن نصر بن هارون عن أبي عمرو: ﴿هَلْ ثُوِّبَ﴾ بإدغام اللام في الثاء، وكذلك يونس بن حبيب عن أبي عمرو، وحمزة، والكسائي. وقرأ الباقون بإظهار اللام.
انظر: "الحجة" ٦/ ٢٨٩، "المبسوط" ٤٠٤، "إتحاف فضلاء البشر" ٤٣٥.
(٦) "كتاب سيبويه" ٤/ ٤٥٧، نقله عنه بالمعنى وباختصار، فقد بين سيبويه أن لام المعرفة تدغم في ثلاثة عشر حرفًا، لا يجوز فيها معهن إلا الإدغام، وكثرة موافقتها لهذه الحروف، واللام من طرف اللسان، وهذه الحروف إحدى عشر حرفًا، منها =

هل شيء يكفيك لائق (١)
والشين أشدُّ تراخيًا عن "اللام" من "الثاء"، وإنما أدغمت فيها؛ لأنها تتصل مخارجها لتفشيها، والإظهار لتفاوت المخرجين) (٢).
(تمت) (٣)
(١) البيت لطريف بن تميم العنبري. والبيت كاملًا:
تقول إذا استهلكت مالًا للذة | فُكيهَةُ هَشَّ يكَفَّيْك لائقُ |
ومعنى البيت، استهلكت: أتلفت وأنفقت، وفكيهة: علم امرأة، واللائق: المحتبس الباقي، يقال: ما يليق بكفه درهم: أي ما يحتبس.
والشاهد فيه: إدغام لام "هل" في الشين لاتساع مخرج الشين وتفشيها واختلاطها بطرف اللسان، واللام من حروف طرف اللسان، فأدغمت فيها لذلك، وإظهارها جائز؛ لأنهما من كلمتين مع انفصالهما في المخرج. انظر حاشية (٥): "كتاب سيبويه" ٤/ ٤٥٨.
كما ورد البيت في "شرح المفصل" لابن يعيش: ١٠/ ١٤١ من غير نسبة، "لسان العرب" ١٠/ ٣٣٤: مادة: (ليق) من غير عزو وبرواية: هل شيء.
(٢) ما بين القوسين نقله من "الحجة" ٦/ ٣٨٩.
(٣) ساقطة من (ع).