آيات من القرآن الكريم

عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ
ﰂﰃﰄﰅ ﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﰕﰖﰗﰘ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡ

وذهب قوم إلى أن الْأَبْرارَ و «المقربين» في هذه الآية لمعنى واحد، يقال: لكل من نعم في الجنة، وذهب الجمهور من المتأولين إلى أن منزلة الأبرار دون المقربين، وأن الْأَبْرارَ: هم أصحاب اليمين وأن المقربين هم السابقون، وعَيْناً منصوب إما على المدح، وإما أن يعمل فيه تَسْنِيمٍ على رأي من رآه مصدرا، أو ينتصب على الحال من تَسْنِيمٍ أو يُسْقَوْنَ، قاله الأخفش وفيه بعد، وقوله تعالى:
يَشْرَبُ بِهَا معناه: يشربها كقول الشاعر [أبو ذؤيب الهذلي] :[الطويل]

شربن بماء البحر ثم تصعدت متى لجج خضر لهن نئيج
ثم ذكر تعالى أن الأمر الذي أَجْرَمُوا بالكفر أي كسبوه كانوا في دنياهم يَضْحَكُونَ من المؤمنين ويستخفون بهم ويتخذونهم هزؤا، وروي أن هذه الآية نزلت في صناديد قريش وضعفة المؤمنين، وروي أنها نزلت بسبب أن علي بن أبي طالب وجمعا معه مروا بجمع من كفار مكة، فضحكوا منهم واستخفوا بهم عبثا ونقصان عقل، فنزلت الآية في ذلك.
قوله عز وجل:
[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٣٠ الى ٣٦]
وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤)
عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)
الضمير في مَرُّوا
للمؤمنين، ويحتمل أن يكون للكفار، وأما الضمير في يَتَغامَزُونَ
فهو للكفار لا يحتمل غير ذلك، وكذلك في قوله: انقلبوا فاكهين معناه: أصحاب فاكهة ومزج ونشاط وسرور باستخفافهم بالمؤمنين يقال: رجل فاكه كلابن وتامر هكذا بألف، وهي قراءة الجمهور، ويقال: رجل فكه من هذا المعنى. وقرأ عاصم في رواية حفص: «فكهين» بغير ألف، وهي قراءة أبي جعفر وأبي رجاء والحسن وعكرمة، وأما الضمير في: «رأوا» وفي قالُوا: قال الطبري وغيره: هو للكفار، والمعنى أنهم يرمون المؤمنين بالضلال، والكفار لم يرسلوا على المؤمنين حفظة لهم، وقال بعض علماء التأويل: بل المعنى بالعكس، وإن معنى الآية: وإذا رأى المؤمنون الكفار قالوا إنهم لضالون وهو الحق فيهم، ولكن ذلك يثير الكلام بينهم، فكأن في الآية حضا على الموادعة، أي أن المؤمنين لم يرسلوا حافظين على الكفار، وهذا كله منسوخ على هذا التأويل بآية السيف، ولما كانت الآيات المتقدمة قد نطقت بيوم القيامة، وأن الويل يومئذ للمكذبين ساغ أن يقول: فَالْيَوْمَ على حكاية ما يقال يومئذ وما يكون، والَّذِينَ رفع بالابتداء، وقوله تعالى: عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ معناه: إلى عذابهم في النار، قال كعب: لأهل الجنة كوى ينظرون منها، وقال غيره بينهم جسم عظيم شفاف يرون معه حالهم، وهَلْ

صفحة رقم 454

ثُوِّبَ الْكُفَّارُ؟ تقرير وتوقيف لمحمد عليه السلام وأمته، ويحتمل أن يريد: يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ، والمعنى هل جوزي، ويحتمل أن يكون المعنى يقول بعضهم لبعض، وقرأ ابن محيصن وأبو عمرو وحمزة والكسائي: «هثوب» بإدغام اللام في الثاء، قال سيبويه: وذلك حسن وإن كان دون إدغام في الراء لتقاربهما في المخرج، وقرأ الباقون: «هل ثوب» لا يدغمون، وفي قوله تعالى: ما كانُوا، حذف تقديره جزاء ما كانوا أو عقاب ما كانوا يفعلون.
نجز تفسير سورة «المطففين» بحمد الله.

صفحة رقم 455
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية