
﴿إن الذين آمنوا وَهَاجَرُواْ﴾ هم المهاجرون هاجروا أوطانَهم حباً لله تعالى ولرسوله
﴿وجاهدوا بأموالهم﴾ بأن صرفوها إلى الكُراع والسلاح وأنفقوها على المحاويج
﴿وَأَنفُسِهِمْ﴾ بمباشرة القتال واقتحامِ المعارك والخوضِ في المهالك
﴿فِى سَبِيلِ الله﴾ متعلقٌ بجاهدوا قيدٌ لنوعي الجهادِ ولعل تقديمَ الأموال على الأنفس لما أن المجاهدةَ بالأموال أكثرُ وقوعاً وأتمُّ دفعاً للحاجة حيث لا يُتصور المجاهدةُ بالنفس بلا مجاهدة بالمال
﴿والذين آووا وَّنَصَرُواْ﴾ هم الأنصارُ آوَوا المهاجرين وأنزلوهم منازلَهم وبذلوا إليهم أموالَهم وآثروهم على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة ونصروهم على أعدائهم
﴿أولئك﴾ إشارةٌ إلى الموصوفينَ بما ذُكِرَ من النعوتِ الفاضلة وما فيه من معنى البُعدِ للإيذانِ بعلوِّ طبقتِهم وبعد منزلتهم في الفضيلة وهو مبتدأُ وقولُه تعالى
﴿بَعْضُهُمْ﴾ إما بدلٌ منه وقوله تعالى
﴿أَوْلِيَاء بعض﴾ خبره

سورة الأنفال من الآيات (٧٣ ٧٥) وإما مبتدأٌ ثانٍ وأولياءُ بعضٍ خبرُه والجملةُ خبرٌ للمبتدأ الأول أي بعضُهم أولياءُ بعضٍ في الميراث وقد كان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنُصرة دون الأقاربِ حتى نُسخ بقوله تعالى وَأُوْلُو الارحام الآية وقيل في النُصرة والمظاهرة ويردُه قوله تعالى فَعَلَيْكُمُ النصر بعد نفي موالاتِهم
﴿والذين آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا﴾ كسائر المؤمنين
﴿مَا لَكُم مّن ولايتهم مِن شَىْء﴾ أي من تولّيهم في الميراث وإن كانوا من أقرب أقاربِكم
﴿حتى يُهَاجِرُواْ﴾ وقرئ بكسر الواو تشبيهاً بالعمل والصناعة كالكتابة والإمارة
﴿وَإِنِ استنصروكم فِى الدين فَعَلَيْكُمُ النصر﴾ فواجبٌ عليكم أن تنصُروهم على المشركين
﴿إِلاَّ على قَوْمٍ﴾ منهم
﴿بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق﴾ معاهدةٌ فإنه لا يجوز نقضُ عهدِهم بنصرهم عليهم
﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فلا تخالفوا أمرَه كيلا يحِلَّ بكم عقابُه