
به الأنصاري، أقبل متقلداً سيفه، فأطاف به، وجعل ينظر إلى النبي عليه السلام، رجاء أن يومئ إليه. ثم إن رسول الله ﷺ، قدم يده فبايعه، فقال: " أما والله لقد تَلُومَنَّكَ فيه لتوفي نذرك "، فقال: يا نبي الله، إني هبتك، فلولا أَوْمَضَتَ إليّ فقال له النبي ﷺ: " إنه لا ينبغي لنبيٍ أن يُومِضَ ".
ومعنى ﴿خَانُواْ الله﴾: خانوا أولياءه.
قوله: ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ﴾، إلى قوله: ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
من فتح " الواو " في: " الوَلاية " جعله مصدر " وَليَ " يقال: هو لي بَيِّنُ الوَلاَيَةِ.

ومن كسر فهو مصدر " والي "، يقال: هو والٍ بيّن الوِلاَيةِ.
ومعنى الآية: إن الذين صدقوا بمحمد عليه السلام، وما جاء به، وهجروا قومهم وعشيرتهم وأرضهم إلى أرض الإسلام، والهجرة هجرتان: هجرة كانت إلى أرض الحبشة، وهجرة إلى المدينة، وهذا إنما كان في أول الإسلام، ثم انقطع ذلك الآن: لأن الدار كلها دار الإسلام، ﴿وَجَاهَدُواْ﴾، أي: أتعبوا أنفسهم في حرب أعداء الله، ﴿والذين آوَواْ ونصروا﴾، أي: آووا رسول [الله] ﷺ والمهاجرين معه ونصروهم، وهم الأنصار، ﴿أولئك بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ﴾، أي: المهاجرون أولياء الأنصار وإخوانهم.

و " الوليُّ " في اللغة: النصير. فاختيار الطبري أن يكون: ﴿أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ﴾ بمعنى أنصار بعض.
قال ابن عباس: كانت هذه الولاية في الميراث، فكان المهاجرون والأنصار يرث بعضهم بعضاً بالهجرة دون القرابة، ألا ترى إلى قوله: ﴿والذين آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حتى يُهَاجِرُواْ﴾، فكانوا يتوارثون على ذلك حتى نزلت بعده: ﴿وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٥]، فنسخت مواريث المهاجرين والأنصار بعضهم من بعض.
وكذلك قال مجاهد.
قال قتادة: لبث المسلمون زماناً يتوارثون بالهجرة، وليس يثرث المؤمن الذي لم يهاجر من المؤمن المهاجر شيئا، وإن كان ذا رحم، ولا الأعرابي من المهاجر شيئاً، فنسخ ذلك قوله: ﴿وَأُوْلُو الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله مِنَ المؤمنين والمهاجرين إِلاَّ أَن تفعلوا إلى أَوْلِيَآئِكُمْ/ مَّعْرُوفاً﴾ [الأحزاب: ٦]، يعني: من أهل الشرك، يوصون لهم إن أرادوا،

ولا يتوارث أهل مِلَّتَيْن.
وقال عكرمة والحسن: نسخها آخر السورة: ﴿وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٥].
وقوله: ﴿والذين آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ﴾.
أي: الذين آمنوا بمكة، ولم يفارقوا دار الكفر، ﴿مَا لَكُمْ﴾.
أيها المهاجرون، ﴿مِّن وَلاَيَتِهِم﴾، أي: نصرهم وميراثهم، ﴿مِّن شَيْءٍ حتى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ استنصروكم﴾، هؤلاء الذين آمنوا ولم يهاجروا، ﴿فِي الدين﴾، أي: على أهل الكفر، ﴿فَعَلَيْكُمُ﴾ نصرهم ﴿إِلاَّ﴾ أن يستنصروكم ﴿على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ﴾، أي عهد وذمة، فلا تنصروهم وهم عليهم، ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، أي: [بصير] فيما أمركم به من ولاية بعضكم بعضاً.
وقال ابن عباس: ﴿وَإِنِ استنصروكم فِي الدين﴾، يعني: الأعراب المسلمين، فعليكم