آيات من القرآن الكريم

فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ

أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
عطف على ما تقدم والإعراب مماثل ومن الذين كفروا صفة ل «ألفا». (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) بأنهم جار ومجرور متعلقان بيغلبوا والباء للسببية وأن واسمها وقوم خبرها وجملة لا يفقهون صفة ل «قوم». (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) الآن ظرف متعلق بخفف والله فاعل وعنكم متعلق بخفف. (وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) عطف على خفف وأن وما في حيزها سدت مسد مفعولي علم وفيكم خبر أن المقدم وضعفا اسمها المؤخر. (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) فيها ما تقدم من الإعراب. (وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) عطف على ما تقدم. (بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) بإذن الله جار ومجرور متعلقان بيغلبوا والله مبتدأ ومع ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر والصابرين مضاف إليه.
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٦٧ الى ٦٩]
ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)
اللغة:
(يُثْخِنَ) في المصباح «أثخن في الأرض إثخانا سار الى العدو وأوسعهم قتلا، وأثخنته أو هنته بالجراحة وأضعفته» وأثخنه المرض

صفحة رقم 41

إذا أثقله، من الثخانة التي هي الغلظ والكثافة، والمعنى حتى يذل الكفر ويضعفه بإشاعة القتل في أهله، ويعز الإسلام ويقويه بالاستيلاء والقهر ثم الأسر بعد ذلك.
(عَرَضَ الدُّنْيا) حطامها، سمي بذلك لأنه قليل اللبث يريد الفداء، وقد سمى المتكلمون الأعراض أعراضا لأنها لا ثبات لها، فإنها تطرأ على الأجسام ثم تزول عنها.
الإعراب:
(ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) ما نافية وكان فعل ماض ناقص ولنبي خبر مقدم وأن وما في حيزها اسمها ويجوز أن تكون تامة بمعنى ما حصل وما استقام فيتعلق الجار والمجرور بها وتكون أن وما في حيزها فاعلا لها. ويكون وخبرها المقدم واسمها المؤخر. (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) حتى حرف غاية وجر ويثخن فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بيثخن. (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) الجملة استئنافية وعرض الدنيا مفعول تريدون. (وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الواو استئنافية أو عاطفة والله مبتدأ وجملة يريد الآخرة خبر، والله مبتدأ وعزيز خبر أول وحكيم خبر ثان.
(لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) لولا حرف امتناع لوجود متضمن معنى الشرط وكتاب مبتدأ محذوف الخبر ومن الله نعت لكتاب وكذا سبق والخبر محذوف تقديره موجود ولمسكم اللام واقعة في جواب لولا ومسكم فعل ومفعول به وفيما جار ومجرور متعلقان بمسكم أي: بسبب ما أخذتم وما مضافة وأخذتم صلة وعذاب فاعل وعظيم صفة. (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ

صفحة رقم 42

غَفُورٌ رَحِيمٌ)
الفاء الفصيحة أي ما دمت قد أبحت لكم الغنائم فكلوا، وكلوا فعل أمر وفاعل ومما جار ومجرور متعلقان بكلوا وجملة غنمتم صلة وحلالا نصب على الحال من المغنوم أو صفة للمصدر أي أكلا حلالا، واتقوا عطف على كلوا ولفظ الجلالة مفعول به وإن واسمها وخبراها.
البلاغة:
حسن التعليل:
في قوله تعالى: «لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم» فن يدعى «فن التعليل»، وهو أن يريد المتكلم ذكر حكم واقع أو متوقع، فيقدم قبل ذكره علة وقوعه لكون رتبة العلة التقدم على المعلول، وسبق الكتاب من الله تعالى هو العلة في النجاة من العذاب.
هذا وبالنسبة للعلة والوصف المعلل ينقسم هذا الفن الى أربعة أقسام:
١- ثابت ظاهر العلة ولكنها مخالفة للعلة الأصلية ومثاله قول ابن المعتز:
قالوا: اشتكت عينه، فقلت لهم:... من كثرة القتل نالها الوصب
حمرتها من دماء من قتلت... والدم في السيف شاهد عجب

صفحة رقم 43

فإن العلة الحقيقية في حمرة العين هي الرمد وهي ظاهرة تركها الشاعر، وعلل بعلة غير حقيقية وهي: أن حمرتها من دماء من قتلت من العشاق.
٢- ثابت خفي العلة كقول أبي الطيب المتنبي:

لم يحك نائلك السحاب وإنما حمّت به فصبيبها الرّحضاء
يعني أن السحاب لم يحك نائلك، أي عطاءك، وإنما صارت محمومة بسبب نائلك وتفوقه عليها، فالمصبوب منها هو عرق الحمى، فنزول المطر من السحاب صفة ثابتة لا يظهر لها في العادة، وقد علله بأنه عرق حماها الحادثة بسبب عطاء الممدوح.
٣- ثابت وهو متمكن كقول مسلم بن الوليد المعروف بصريع الغواني:
يا واشيا حسنت فينا إساءته نجى حذارك إنساني من الغرق
فاستحسان إساءة الواشي وصف غير ثابت إلا أنه ممكن، وقد خالف الناس في استحسانها معللا بأن حذره من الواشي كان سببا لسلامة إنسان عينه من الغرق في الدموع حيث ترك البكاء خوفا منه.
٤- القسم الرابع ليس بثابت ولا ممكن كقول الشاعر:
لو لم تكن نية الجوزاء خدمته لما رأيت عليها عقد منتطق
فنسبة النية الى الجوزاء غير ثابتة ولا ممكنة، فإن الارادة لا تكون إلا من حي، والجوزاء جماد ليس فيه حياة ولا إرادة لها

صفحة رقم 44
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية