آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ
ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﰿ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

شرح الكلمات:
حسبك الله١: أي كافيك الله كل ما يهمك من شأن أعدائك وغيرهم.
ومن اتبعك من المؤمنين: أي الله حسبهم كذلك أي كافيهم ما يهمهم من أمر أعدائهم.
حرض المؤمنين على القتال: أي حثهم على القتال مرغباً لهم مرهباً.
صابرون: أي على القتال فلا يضعفون ولا ينهزمون بل يثبتون ويقاتلون.
لا يفقهون.: أي لا يعرفون أسرار القتال ونتائجه بعد فنونه وحذق أساليبه.
معنى الآيات:
ينادي الرب تبارك وتعالى رسوله بعنوان النبوة التي شرفه الله بها على سائر الناس فيقول ﴿يا أيها النبي﴾ ويخبره بنعم الخبر مطمئناً إياه وأتباعه من المؤمنين بأنه كافيهم أمر أعدائهم فما عليهم إلا أن يقاتلوهم ما دام الله تعالى ناصرهم ومؤيدهم عليهم، فيقول: ﴿حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين﴾ ثم يُنَاديه ثانية قائلاً ﴿يا أيها النبي﴾ ليأمره بالأخذ بالأسباب الموجبة للنصر بإذن الله تعالى وهي تحريض المؤمنين على القتال وحثهم عليه وترغيبهم فيه فيقول ﴿حرض٢ المؤمنين على القتال﴾ ويخبره آمراً له ولأتباعه المؤمنين بأنه ﴿إن يكن﴾ أي يوجد منهم في المعركة ﴿عشرون٣ صابرون يغلبوا مائتين﴾، وإن يكن منهم مائة صابرة يغلبوا ألفاً من الكافرين، ويعلل لذلك فيقول ﴿بأنهم قوم لا يفقهون﴾ أي لا يفقهون أسرار القتال وهي أن يعبد الله تعالى ويرفع الظلم من الأرض ويتخذ الله من المؤمنين شهداء فينزلهم منازل الشهداء عنده، فالكافرون لا يفقهون هذا فلذا

١ ﴿حسبك﴾ خبر مقدم ولفظ الجلالة مبتدأ أي: الله حسبك بمعنى كافيك: ﴿ومن اتبعك﴾ يصح أن يكون في موضع نصب عطفاً على الكاف في (حسبك)، والصواب أنها في موضع رفع علّى الابتداء والخبر محذوف والتقدير: ومن اتبعك من المؤمنين حسبهم الله أيضاً.
٢ يقال: حرّضه على كذا: حثه وحضّه وحارض على الأمر وواظب وواصب وأكب بمعنى، والحارض: الذي أشرف على الهلاك ومنه: (حتى تكون حرضاً) أي: تذوب عمّا فتقارب الهلاك فتكون من الهالكين.
٣ ﴿إن يكن منكم عشرون صابرون... ﴾ الخ لفظ مضمّن وعداً إلهياً مشروط بشرط الصبر، إذ تقدير الكلام: إن يصبر منكم عشرون صابرون الخ.

صفحة رقم 326

هم لا يصبرون على القتال لأنهم يقاتلون لأجل حياتهم فقط فإذا خافوا عنها تركوا القتال طلباً للحياة زيادة على ذلك أنهم جهال لا يعرفون أساليب الحرب ولا وسائلها الناجعة بخلاف المؤمنين فإنهم علماء، علماء بكل شيء هذا هو المفروض، وإن ضَعُفِ الإيمان ضعف تبعاً له الفقه والعلم وحل الجهل والضعف كما هو مشاهد اليوم في المسلمين وقوله تعالى ﴿الآن خفف١ الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً٢ فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين﴾ الآن بعد علمه تعالى بضعفكم حيث لا يقوى الواحد على قتال عشرة، ولا العشرة على قتال مائة ولا المائة على قتال الألف خفف تعالى رحمة بكم ومنة عليكم، فنسخ٣ الحكم الأول بالثاني الذي هو قتال الواحد للإثنين، والعشرة للعشرين والمائة للمائتين، والألف للألفين، ومفاده أن المؤمن لا يجوز له أن يفر من وجه اثنين ولكن يجوز له أن يفر إذا كانوا أكثر من اثنين وهكذا سائر النِسب فالعشرة يحرم عليهم أن يفروا من عشرين ولكن يجوز لهم أن يفروا من ثلاثين أو أربعين مثلاً. وهذا من باب رفع الحرج فقط وإلا فإنه يجوز للمؤمن أن يقاتل عشرة أو أكثر، فقد قاتل ثلاثة آلاف صحابي يوم مؤتة مائة وخمسين ألفاً من الروم والعرب المتنصرة وقوله تعالى ﴿بإذن الله﴾ أي بمعونته وتأييده إذ لا نصر بدون عون من الله تعالى وإذن، وقوله ﴿والله مع الصابرين﴾ أي بالتأييد والنصر والصبر شرط في تأييد الله وعونه فمن لم يصبر على القتال فليس له على الله وعد في نصره وتأييده.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- لا كافي إلا الله تعالى، ومن زعم أن هناك من يكفي سوى الله تعالى فقد أشرك.
٢- وجوب تحريض. المؤمنين على الجهاد وحثهم عليه في كل زمان ومكان.
٣- حرمة هزيمة الواحد من الواحد والواحد من الاثنين، ويجوز ما فوق ذلك.

١ لما شق على المؤمنين ثبات العشرة للمائة والعشرين للمائتين وثبات المائة للألف، خفّف الله تعالى عنهم وأنزل قوله: ﴿الآن حففّ الله عنكم..﴾ فرخّص للواحد أن يفر من أكثر من اثنين وهكذا إن شاء فإنّه لا حرج.
٢ قرىء ضعفاً بفتح الضاد وضمها، وقيل إن الفتح في ضعف العقول والضم في ضعف الأجسام، والصحيح أنهما لغتان فصيحتان.
٣ لا بأس أن يسمى هذا نسخاً لأنه حكم جديد غاير الأوّل ويسمى تخفيفاً وهو حسن أيضاً.

صفحة رقم 327
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية