آيات من القرآن الكريم

۞ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ

الجزء العاشر
وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١) إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأمُورُ (٤٤)
شرح الكلمات:
أنما غنمتم من شيء: أي ما أخذتموه من مال الكافر قهراً لهم وغلبة قليلاً كان أو كثيراً.
فأن لله خمسه: أي خمس الخمسة أقسام، يكون لله والرسول ومن ذكر بعدهما.
ولذى القربى: هم قرابة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بني هاشم وبني المطلب.
وما أنزلنا على عبدنا: أي من الملائكة والآيات.

صفحة رقم 309

يوم الفرقان: أي يوم بدر وهو السابع عشر من رمضان، إذ فرق الله فيه بين الحق والباطل.
التقى الجمعان.: جمع المؤمنين وجمع الكافرين ببدر.
العدوة الدنيا: العدوة حافة الوادي، وجانبه والدنيا أي القريبة إلى المدينة.
بالعدوة القصوى: أي البعيد من المدينة إذ هي حافة الوادي من الجهة الأخرى.
والركب أسفل منكم: أي ركب أبى سفيان وهي العير التي خرجوا من أجلها. أسفل منكم مما يلي البحر.
عن بينة: أي حجة ظاهرة.
لتنازعتم في الأمر: أي اختلفتم.
ويقللكم في أعينهم: هذا قبل الالتحام أما بعد فقد رأوهم مثليهم حتى تتم الهزيمة لهم.
معنى الآيات:
هذه الآيات لا شك أنها نزلت في بيان قسمة الغنائم بعدما حصل فيها من نزاع فافتكها الله تعالى منهم ثم قسمها عليهم فقال الأنفال لله وللرسول في أول الآية ثم قال هنا ﴿واعلموا﴾ أيها المسلمون ﴿أنما غنمتم١ من شيء٢﴾ حتى الخيط والمخيط، ومعنى غنمتم أخذتموه من المال من أيدي الكفار المحاربين لكم غلبة وقهراً لهم فقسمته هي أن ﴿لله خمسه وللرسول ولذي القربى٣ واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ والأربعة أخماس٤ الباقية هي لكم أيها المجاهدون للراجل قسمة وللفارس قسمان لما له من تأثير

١ الغنيمة: ما يناله الرجل أو الجماعة بسعي وهو قتال الكافرين لغرض هدايتهم إلى الإسلام ليكملوا ويسعدوا، قال الشاعر:
وقد طوّفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
٢الإجماع على أن هذا الحكم ليس على عمومه بل هو مخصص بقول الإمام: مَن قتل قتيلاً فله سَلَبه، وكذا الرقاب، فالإمام مخيّر فيها بين القتل والفداء والمنّ وليس هذا للغانمين، وكذا السلب فإن من سلب مقاتلاً شيئا كسلاحه وفرسه فهو له أيضاً.
٣ المراد بذي القربى: قرابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم بنو هاشم، وهو مذهب مالك، وزاد الشافعي وأحمد: بني المطلب لأن بني هاشم وبني المطلب شيء واحد، ولأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قسم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبين عبد المطلب قال: "إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبّك بين أصابعه" رواه البخاري.
٤ من باب الإطلاع لا غير أذكر أنّ بعضاً قال: الغنيمة خمسها لله والأربعة أخماس للإمام إن شاء حبسها وإن شاء قسمها على الغانمين وهو قول مخالف لما عليه جمهور الفقهاء.

صفحة رقم 310

في الحرب، ولأن فرسه يحتاج إلى نفقة علف. والمراد من قسمة الله أنها تنفق في المصالح العامة ولو أنفقت على بيوته لكان أولى وهي الكعبة وسائر المساجد، وما للرسول فإنه ينفقه على عائلته، وما لذي القربى فإنه ينفق على قرابة الرسول الذين يحرم عليهم أخذ الزكاة لشرفهم وهم بنو هاشم وبنو المطلب، وما لليتامى ينفق على فقراء المسلمين، وما لابن السبيل ينفق على المسافرين المنقطعين عن بلادهم إذا كانوا محتاجين إلى ذلك في سفرهم وقوله تعالى ﴿إن كنتم آمنتم بالله﴾ أي رباً ﴿وما أنزلنا على عبدنا﴾ أي محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿يوم الفرقان يوم التقى الجمعان﴾ وهو يوم بدر حيث التقى المسلمون بالمشركين، والمراد بما أنزل تعالى على عبده ورسوله الملائكة والآيات منها الرمية التي رمى بها المشركين فوصلت إلى أكثرهم فسببت هزيمتهم. وقوله ﴿والله على كل شيء قدير﴾ أي كما قدر على نصركم على قلتكم وقدر على هزيمة عدوكم على كثرتهم هو قادر على كل شيء يريده وقوله تعالى ﴿إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب١ أسفل منكم﴾ تذكير لهم بساحة المعركة التي تجلت فيها آيات الله وظهر فيها إنعامه عليهم ليتهيئوا للشكر. وقوله تعالى ﴿ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد﴾ أي لو تواعدتم أنتم والمشركون على اللقاء في بدر للقتال لاختلفتم لأسباب تقتضي ذلك منها أنكم قلة وهم كثرة ﴿ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً﴾ أي محكوماً به في قضاء الله وقدره، وهو نصركم وهزيمة عدوكم. وجمعكم من غير تواعد ولا اتفاق سابق. وقوله تعالى ﴿ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حَيَّ عن بينة﴾ هذا تعليل لفعل الله تعالى يجمعكم في وادي بدر للقتال وهو فعل ذلك ليحيا بالإيمان من حيى على بينة وعلم أن الله حق والإسلام حق والرسول حق والدار الآخرة حق حيث أراهم الله الآيات الدالة على ذلك، ويهلك من هلك بالكفر على بينة إذ أتضح له أن ما عليه المشركون كفر وباطل وضلال ثم رضي به واستمر عليه. وقوله تعالى ﴿وإن الله لسميع عليم﴾ تقرير لما سبق وتأكيد له حيث أخبر تعالى أنه سميع لأقوال عباده عليم بأفعالهم فما أخبر به وقرره هو كما أخبر وقرر. وقوله تعالى ﴿وإذ يريكهم الله في منامك قليلاً﴾ أي فأخبرت أصحابك ففرحوا بذلك

١ ركب أبي سفيان، ولفظ الركب لا يطلق إلاّ على الراكبين، والركب مبتدأ، والخبر متعلّق أسفل الظرف أي: كائن أسفل منكم.

صفحة رقم 311

وسرُّوا ووطنوا أنفسهم للقتال، وقوله: ﴿ولو أراكهم كثيراً﴾ أي في منامك وأخبرت به أصحابك لفشلتم أي جبنتم عن قتالهم، ولتنازعتم في أمر قتالهم ﴿ولكن الله سلَّم﴾ من ذلك فلم يريكهم كثيراً إنه تعالى عليم بذات الصدور ففعل ذلك لعلمه بما يترتب عليه من خير وشر. وقوله تعالى ﴿وإذ يريكموهم﴾ أي اذكروا أيها المؤمنون إذ يريكم الله الكافرين عند التقائكم بهم قليلاً في أعينكم كأنهم سبعون رجلاً أو مائة مثلاً ويقللكم سبحانه وتعالى في أعينهم حتى١ لا يهابوكم. وهذا كان عند المواجهة وقبل الالتحام أما بعد الالتحام فقد أرى الله تعالى الكافرين أراهم المؤمنين ضعفيهم في الكثرة وبذلك انهزموا كما جاء ذلك في سورة آل عمران في قوله ﴿يرونهم مثليهم﴾ وقوله تعالى ﴿ليقضي الله أمراً كان مفعولاً﴾ تعليل لتلك التدابير الإلهية لأوليائه لنصرتهم وإعزازهم وهزيمة أعدائهم وإذلالهم وقوله تعالى ﴿إلى الله ترجع الأمور﴾ إخبار منه تعالى بأن الأمور كلها تصير إليه فما شاء منها كان وما لم يشأ لم يكن خبراً كان أو غيراً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان قسمة الغنائم على الوجه الذي رضيه الله تعالى.
٢- التذكير بالإيمان، إذ هو الطاقة الموجهة باعتبار أن المؤمن حي بإيمانه يقدر على الفعل والترك، والكافر ميت فلا يكلف.
٣- فضيلة غزوة بدر وفضل أهلها.
٤- بيان تدبير الله تعالى في نصر أوليائه وهزيمة أعدائه.
٥- بيان أن مرد الأمور نجاحاً وخيبة لله تعالى ليس لأحد فيها تأثير إلا بإذنه.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (٤٥)

١ قال أبو جهل: إنهم أكلة جزور خذوهم أخذاً واربطوهم بالحبال فلمّا أخذوا في القتال عظم المسلمون في أعين الكفار وكثروا حتى أنهم يرونهم مثليهم.

صفحة رقم 312
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية