آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ﴾ منصوبٌ على المفعوليةِ بمضمرِ خوطب به النبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلم معطوف على قوله تعالى واذكروا إِذْ أَنتُمْ الخ مسوق لتذكير النعمة الخاصة به ﷺ بعد تذكير النعمةِ العامةِ للكل أي واذكر وقتَ مكِرهم بك
﴿لِيُثْبِتُوكَ﴾ بالوَثاق ويعضُده قراءةُ مَن قرأَ ليقيدوك أو الإثخانِ بالجرح من قولهم ضربه حتى أثبته لا حراك به ولا براح وقرىء ليثبّتوك بالتشديد وليبّيتوك من البيات
﴿أَوْ يَقْتُلُوكَ﴾ أي بسيوفهم
﴿أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ أي من مكة وذلكَ أنَهُم لَمَّا سمعُوا بإسلام الأنصار ومبايعتهم له ﷺ فرِقوا واجتمعوا في دار الندوة يتشاورون في أمره ﷺ فدخل إبليسُ عليهم في صورة شيخٍ وقال أنا من نجد سمعتُ باجتماعكم فأردت أن أحضُركم ولن تعدَموا منى رأياً ونُصحاً فقال أبو البَحْتري رأيي أن تحبِسوه في بيت وتسدّوا منافذه غيرَ كوّةٍ تلقون إليه طعامَه وشرابَه منها حتى يموت فقال الشيخ بئسُ الرأيُ يأتيكم من يقاتلُكم من قومه ويخلِّصه من أيديكم فقال هشامُ بنُ عمْرو رأيي أن تحمِلوه على جمل وتخوجوه من أرضكم فلا يضركم ما صنع فقال وبئس الرأي يُفِسدُ قوماً غيرَكم ويقاتلكم بهم فقال أبو جهل أنا أرى أن تأخُذوا

صفحة رقم 18

من كل بطنٍ غلاماً وتعطوه سيفاً فيضرِبوه ضربةً واحدة فيتفرقَ دمُه في القبائل فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريشٍ كلِّهم فإذا طلبوا العقلَ عقَلْناه فقال صدق هذا الفتى فتفرقوا على رأيه فأتى جبريلُ النبيِّ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ وأخبره بالخبر وأمره بالهجرة فبيّت علياً رضي الله تعالى عنه على مضجعه وخرج هو مع أبي بكرٍ رضيَ الله عنْهُ إلى الغار
﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله﴾ أي يرد مكرَهم عليهم أو يجازيهم عليه أو يعاملهم معاملةَ الماكرين وذلك بأن أخرجهم إلى بدر وقلل المسلمين في أعينهم حتى حمَلوا عليهم فلقُوا منهم ما لقُوا
﴿والله خَيْرُ الماكرين﴾ لا يُعبأ بمكرهم عند مكرِه وإسنادُ أمثالِ هذا إليه سبحانه مما يحسن للمشاكلة ولا مساغَ له ابتداءً لما فيهِ من إيهامِ ما لا يليقُ به سبحانه
سورة الأنفال من الآيات (٣١ ٣٣)

صفحة رقم 19
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية