آيات من القرآن الكريم

۞ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ

وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ (٢٣)
شرح الكلمات:
ولا تولوا عنه: أي لا تعرضوا عن طاعته إذا أمركم أو نهاكم كأنكم لا تسمعون.
إن شر الدواب: أي شر ما يدب على الأرض الكافرون.
لأسمعهم: لجعلهم يسمعون أو لرفع المانع عنهم فسمعوا واستجابوا.
معنى الآيات:
ينادي الله تعالى عباده المؤمنين١ الذين آمنوا به وبرسوله وصدقوا بوعده ووعيده يوم لقائه فيأمرهم بطاعته وطاعة رسوله، وينهاهم عن الإعراض عنه وهم يسمعون الآيات تتلى والعظات تتوالى في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن نصركم وتأييدكم كان ثمرة لإيمانكم وطاعتكم فإن أنتم أعرضتم وعصيتم فتركتم كل ولاية لله تعالى لكم أصبحتم كغيركم من أهل الكفر والعصيان هذا معنى قوله ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله، ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون﴾ وقوله ﴿ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون﴾ ينهاهم عز وجل أن يسلكوا مسلك الكافرين المشركين٢ في التصامم عن سماع الآيات الحاملة للحق والداعية إليه، والتعامي عن رؤية آيات الله الدالة على توحيده الذين قالوا إنا عما يقوله محمد في صمم، وفيما يذكر ويشير إليه في عمى، فهم يقولون سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون بقلوبهم لأنهم لا يتدبرون ولا يفكرون فلذا هم في سماعهم كمن لم يسمع إذ العبرة بالسماع الانتفاع٣ به لا مجرد سماع صوت وقوله تعالى ﴿إن شرّ٤ الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون﴾ يعني بهم المشركين وكانوا شر الدواب لأنهم كفروا بربهم وأشركوا به فعبدوا غيره، وضلوا عن سبيله ففسقوا وظلموا وأجرموا الأمر الذي جعلهم حقاً شر الدواب في الأرض فهذا تنديد بالمشركين، وفي نفس الوقت هو تحذير للمؤمنين من

١ لا يجب الالتفات لمن قال: هذا الخطاب هو للمنافقين كأنما قال: يا من آمنتم بألسنتكم ولم تؤمن قلوبكم، إذ الآية في المؤمنين الصادقين بلا شك ولا ريب.
٢ واليهود والمنافقين أيضاً، إذ الكل كان هذا موقفهم مما يدعوهم إليه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣ في الآية دليل على أن المؤمن إذ أمر أو نهي فقال سمعاً وطاعةً أي: سمعت وأطعت ولم يفعل ولم يترك لا وزن ولا عبرة بقوله بل لابد من الفعل والترك.
٤ شرّ أصلها: أشر اسم تفضيل، ولكثرة الاستعمال اكتفوا بلفظ شّر لأنه أخف على اللسان بنقص حرف الهمزة.

صفحة رقم 295

معصية الله ورسوله والإعراض عن كتابه وهدي نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقوله تعالى ﴿ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم﴾ أي لجعلهم يسمعون آيات الله وما تحمله من بشارة ونذارة وهذا من باب الفرض لقوله تعالى ﴿ولو أسمعهم لتولوا عنه وهم معرضون﴾ هؤلاء طائفة من المشركين١؟ توغلوا في الشر والفساد والظلم والكبر والعناد فحرموا لذلك هداية الله تعالى فقد هلك بعضهم في بدر وبعض في أحد ولم يؤمنوا لعلم الله تعالى أنه لا خير فيهم وكيف لا وهو خالقهم وخالق طباعهم، ﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب طاعة الله ورسوله في أمرهما ونهيهما، وحرمة معصيتهما.
٢- حرمة التشبه بالمشركين والكافرين وسائر أهل الضلال وفي كل شيء من سلوكهم.
٣- بيان أن من الناس من هو شر من الكلاب والخنازير فضلاً عن الإبل والبقر والغنم أولئك البعض كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٥) وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦)

١ في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿إنَّ شرّ الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون﴾ قال: هم نفر من بني عبد الدار، والآية عامة في مَنْ تلك حالهم.

صفحة رقم 296
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية