آيات من القرآن الكريم

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
ﯺﯻﯼﯽ

بَيْنَهُمَا، فَقَالُوا: النَّخِرَةُ الْبَالِيَةُ وَالنَّاخِرَةُ الْمُجَوَّفَةُ الَّتِي تَمُرُّ فِيهَا الرِّيحُ فَتَنْخُرُ أَيْ تُصَوِّتُ.
قالُوا، يَعْنِي الْمُنْكِرِينَ، تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ، رَجْعَةٌ خَائِبَةٌ، يَعْنِي إِنْ رُدِدْنَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَنَخْسَرَنَّ بِمَا يُصِيبُنَا بَعْدَ الْمَوْتِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنَّما هِيَ، يَعْنِي النَّفْخَةَ الْأَخِيرَةَ، زَجْرَةٌ، صَيْحَةٌ، واحِدَةٌ، يَسْمَعُونَهَا.
فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)، يَعْنِي وَجْهَ الْأَرْضِ أَيْ صَارُوا عَلَى وَجْهِ الأرض بعد ما كَانُوا فِي جَوْفِهَا.
وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْفَلَاةَ وَوَجْهَ الْأَرْضِ: سَاهِرَةٌ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: تَرَاهُمْ سَمَّوْهَا سَاهِرَةً لِأَنَّ فِيهَا نَوْمُ الْحَيَوَانِ وَسَهَرِهِمْ. قَالَ سُفْيَانُ: هِيَ أَرْضُ الشَّامِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ جَهَنَّمُ.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ١٥ الى ٢٧]
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩)
فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤)
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦) أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧)
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥)، يَقُولُ قَدْ جَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ مُوسَى.
إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦).
فَقَالَ يَا مُوسَى: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧)، عَلَا وَتَكَبَّرَ وَكَفَرَ بِاللَّهِ.
فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨)، قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَيَعْقُوبُ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ: أَيْ تَتَزَكَّى وَتَتَطَهَّرَ مِنَ الشرك، وقرأ الآخرون بالتخفيف أَيْ تُسْلِمَ وَتُصْلِحَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩)، أَيْ أَدْعُوكَ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّكَ وَتَوْحِيدِهِ فَتَخْشَى عِقَابَهُ.
فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠)، وَهِيَ الْعَصَا وَالْيَدَ البيضاء.
فَكَذَّبَ، بِأَنَّهُمَا مِنَ اللَّهِ، وَعَصى.
ثُمَّ أَدْبَرَ، تَوَلَّى وَأَعْرَضَ عَنِ الْإِيمَانِ يَسْعى، يَعْمَلُ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.
فَحَشَرَ، فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَجُنُودَهُ، فَنادى، لَمَّا اجْتَمَعُوا.
فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤)، فَلَا رَبَّ فَوْقِي. وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّ الْأَصْنَامَ أَرْبَابٌ وَأَنَا رَبُّكُمْ وَرَبُّهَا.
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥)، قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: عَاقَبَهُ اللَّهُ فَجَعَلَهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأَوْلَى، أَيْ فِي الدُّنْيَا بِالْغَرَقِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ بِالْآخِرَةِ وَالْأُولَى كَلِمَتَيْ فِرْعَوْنَ قَوْلَهُ: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [الْقَصَصِ: ٣٨] وَقَوْلُهُ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى، وَكَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً.
إِنَّ فِي ذلِكَ، الَّذِي فُعِلَ بِفِرْعَوْنَ حِينَ كَذَّبَ وَعَصَى، لَعِبْرَةً، لَعِظَةٌ، لِمَنْ يَخْشى، اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
ثُمَّ خَاطَبَ مُنْكِرِي الْبَعْثِ فَقَالَ: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ، يَعْنِي أَخَلْقُكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَشَدُّ عِنْدَكُمْ وَفِي تَقْدِيرِكُمْ أَمِ السَّمَاءُ؟ وَهُمَا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَاحِدٌ، كَقَوْلِهِ: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غَافِرٍ: ٥٧]، ثُمَّ وَصَفَ خَلْقَ السَّمَاءِ فَقَالَ: بَناها.

صفحة رقم 207
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية