
شرح الكلمات:
موسى: أي موسى بن عمران عليه السلام.
بالواد المقدس طوى: أي بالواد الطاهر المبارك المسمى بطوى.
اذهب إلى فرعون: أي بأن أذهب إلى فرعون.
إنه طغى: أي تجاوز حده كعبد إلى ادعاء الربوبية والألوهية.
إلى أن تزكى: أي تسلم فتطهر من رجس الشرك والكفر بالإسلام لله تعالى.
وأهديك إلى ربك: أي أرشدك إلى معرفة ربك الحق فتخشاه وتطيعه فتنجو من عذابه.
فأراه الآية الكبرى: أي العصا واليد إذ هي من أكبر الآيات الدالة على صدق موسى.
ثم أدبر يسعى: أي بعد ما كذب وعصى رجع يجمع جموعه ويحشر جنوده لحرب موسى وقال
كلمة الكفر أنا ربكم فلا طاعة إلا لي.
فأخذه الله نكال الآخرة والأولى: أي عذبه تعالى عذاب الآخرة وهو قوله أنا ربكم الأعلى وعذاب الأولى وهي قوله ما علمت لكم من إله غيري.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿هل أتاك حديث موسى﴾ الآيات.. المقصود من هذه الآيات تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يعاني من تكذيب قومه له ولما جاء به من التوحيد والشرع فقص تعالى عليه طرفا من قصة موسى مع فرعون تخفيفا عليه، وتهديداً لقومه بعقوبة تنزل بهم كعقوبة فرعون الذي كان أشد منهم بطشاً وقد أهلكه الله فأغرقه وجنده.. فقال تعالى ﴿هَلْ أَتَاك﴾ ١ يا رسولنا ﴿حَدِيثُ مُوسَى﴾ بن عمران، ﴿إِذْ٢ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً﴾ أي بالواد المطهر المبارك المسمى طوى ناداه فأعلمه أولاً أنه لا إله إلا هو وأمره بعبادته، ثم أمره بأن يذهب إلى فرعون الوليد بن الريان ملك القبط بمصر فقال له اذهب إلى فرعون إنه طغى أي عتا وتكبر وظلم فأفحش في الظلم والفساد. وعلمه ما يقول له إذا انتهى إليه فقل ﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ ٣ أي إلى أن تسلم فتزكو روحك وتطهر بالإسلام وأهديك ٤ إلى ربك فتخشى أي وأرشدك إلى ربك وأعرفك به فتخشى أي عقابه فتترك الظلم والطغيان قال تعالى فأراه الآية الكبرى والتي هي اليد والعصا، فكذب فرعون موسى في دعوته وعصى ربه
٢ إذ اسم زمان بدل اشتمال من حديث موسى.
٣ قرأ نافع تزكى بتشديد الزاي وقرأ حفص بتخفيفها فمن شددها أدغم فيها إحدى تائي تتزكى ومن خفف حذف إحدى التائين لأن أصل الفعل تتزكى بتائين.
٤ الهداية: الدلالة على الطريق الموصل إلى المطلوب إذا سلكه المرء وصل إلى مرغوبه.

فلم يستجب له ولم يطعه فيما أمره به ودعاه إليه من الإيمان برسالة موسى وإرسال بني إسرائيل معه بعد الإسلام لله ظاهرا وباطنا. ثم أدبر فرعون أي عن دعوة الحق رافضا لها يسعى في الباطل والشر ﴿فَحَشَرَ﴾ رجاله وجنده ﴿فَنَادَى﴾ أي ناداهم ليعدهم إلى حرب موسى ﴿فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ يعني أنه لا رب فوقه، ﴿فَأَخَذَهُ الله﴾ أي عذبه ﴿نَكَالَ﴾ أي١ عذاب ﴿الْآخِرَة﴾ أي الكلمة وهي قوله: "أنا ربكم الأعلى" ونكال الأولى وهي قوله (ما علمت لكم من إله غيري) وبين الكلمتين الخبيثتين أربعون سنة فالأولى قالها في بداية الدعوة حيث ادعى أنه بحث واستقصى في البحث واجتهد وأنه بعد كل ذلك الاجتهاد لم يعلم أن للناس من قومه من إله سواه. وقوله تعالى إن في ذلك ﴿لَعِبْرَةً لِمَنْ٢ يَخْشَى﴾ أي فيما قص تعالى من خبر موسى وفرعون ﴿لَعِبْرَةً﴾ أي عظة لمن يخشى الله وعذاب الدار الآخرة فيؤمن ويتقي أي فيزداد إيماناً وتقوى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تسلية الداعي إلى الله تعالى وحمله على الصبر في دعوته حتى ينتهي بها على غايتها.
٢- إثبات مناجاة موسى لربه تعالى وأنه كلمه ربه كفاحاً بلا واسطة.
٣- تقرير أن لا تزكية للنفس البشرية إلا بالإسلام أي بالعمل بشرائعه.
٤- لا تحصل الخشية من الله للعبد إلا بعد معرفة الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء.
٥- وجود المعجزات لا يستلزم الإيمان فقد رأى فرعون أعظم الآيات كالعصا واليد وما آمن.
٦- التنديد والوعيد الشديد لمن يدعي الربوبية والألوهية فيأمر الناس بعبادته.
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢) مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٣)
٢ لمن يخشى: أي يخشى الله تعالى وهو المؤمن التقي إذ مثله النفسي هو الذي يجد العظة والعبرة فيما يعرض عليه من أحداث فاصلة أما الكافر فأنى له أن يسمع حتى يبصر؟