آيات من القرآن الكريم

إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا
ﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ

في إِمَّا وهي قراءة حسنة. والمعنى: أما شاكرا فبتوفيقنا، وأما كفورا فبسوء اختياره «١»
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٤]
إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤)
ولما ذكر الفريقين أتبعهما الوعيد والوعد. وقرئ: سلاسل، غير منون. وسلاسلا، بالتنوين «٢». وفيه وجهان: أحدهما أن تكون هذه النون بدلا من حرف الإطلاق، ويجرى الوصل مجرى الوقف. والثاني: أن يكون صاحب القراءة به ممن ضرى برواية الشعر ومرن لسانه على صرف غير المنصرف.
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ٥ الى ١٠]
إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩)
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠)
الْأَبْرارَ جمع برّ أو بارّ، كرب وأرباب، وشاهد وأشهاد. وعن الحسن: هم الذين لا يؤذون الذرّ «٣». والكأس: الزجاجة إذا كانت فيها خمر، وتسمى الخمر نفسها: كأسا مِزاجُها ما تمزج به كافُوراً ماء كافور، وهو اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور «٤» ورائحته

(١). قوله «فيسوء اختياره» هذا على مذهب المعتزلة أنه تعالى لا يخلق الشر، أما عند أهل السنة فهو خالق الخير والشر، كالشكر والكفر. (ع)
(٢). قال محمود: «قرئ بتنوين سلاسل فوجهه أن تكون هذه النون بدلا من ألف الإطلاق... الخ» قال أحمد: وهذا من الطراز الأول لأن معتقده أن القراءة المستفيضة غير موقوفة على النقل المتواتر عن النبي ﷺ في تفاصيلها، وأنها موكولة إلى اجتهاد القراء واختيارهم بمقتضى نظرهم كما مر له، وطم على ذلك هاهنا فجعل تنوين سلاسل من قبيل الغلط الذي يسبق إليه اللسان في غير موضعه لتمرنه عليه في موضعه، والحق أن جميع الوجوه المستفيضة منقولة تواترا عنه صلى الله عليه وسلم، وتنوين هذا على لغة من يصرف في نثر الكلام جميع ما لا ينصرف إلا أفعل، والقراآت مشتملة على اللغات المختلفة، وأما قوارير قوارير: فقرئ بترك تنوينهما وهو الأصل، وتنوين الأول خاصة بدلا من ألف الإطلاق لأنها فاصلة، وتنوين الثانية كالأولى اتباعا لها، ولم يقرأ أحد بتنوين الثانية وترك تنوين الأولى، فانه عكس أن يترك تنوين الفاصلة مع الحاجة إلى المجانسة، وتنوين غيرها من غير حاجة.
(٣). قوله «لا يؤذون الذر» في الصحاح «الذر» النمل. (ع)
(٤). قال محمود: «كافورا عين في الجنة اسمها كذلك في لون الكافور ورائحته وبرده... الخ» قال أحمد: هذا الجواب على القولين الأولين، وأما على القولين الآخرين وهو أن العين بدل من الكأس. ومعنى مزاجها بالكافور:
إما اشتمالها على أوصافه، وإما أن يكون الكافور المعهود كما تقدم، فلا يتم الجواب المذكور، فيجاب عن السؤال بأنه لما ذكر الشراب أولا باعتبار الوقوع في الوجود، ذكره ثانيا مطمئنا للالتذاذ به، وكأنه قال: فيشربون منها فيلتذون بها، وعليه حمله أبو عبيدة.

صفحة رقم 667

وبرده. وعَيْناً بدل منه. وعن قتادة: تمزج لهم بالكافور وتختم لهم بالمسك. وقيل: تخلق فيها رائحة الكافور وبياضه وبرده. فكأنها مزجت بالكافور. وعَيْناً على هذين القولين:
بدل من محل مِنْ كَأْسٍ على تقدير حذف مضاف، كأنه قيل: يشربون فيها خمرا خمر عين. أو نصب على الاختصاص. فإن قلت: لم وصل فعل الشرب بحرف الابتداء أوّلا، وبحرف الإلصاق آخرا؟ قلت: لأنّ الكأس مبدأ شربهم وأوّل غايته، وأما العين فبها يمزجون شرابهم، فكان المعنى: يشرب عباد الله بها الخمر، كما تقول: شربت الماء بالعسل يُفَجِّرُونَها يجرونها حيث شاءوا من منازلهم تَفْجِيراً سهلا لا يمتنع عليهم يُوفُونَ جواب من عسى، يقول:
ما لهم يرزقون ذلك، والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات، لأنّ من وفي بما أوجبه هو على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أو في مُسْتَطِيراً فاشيا منتشرا بالغا أقصى المبالغ، من استطار الحريق، واستطار الفجر. وهو من طار، بمنزلة استنفر من نفر عَلى حُبِّهِ الضمير للطعام، أى: مع اشتهائه والحاجة إليه. ونحوه وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ، لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وعن الفضيل بن عياض: على حب الله وَأَسِيراً عن الحسن: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول: أحسن إليه، فيكون عنده اليومين والثلاثة، فيؤثره على نفسه. وعند عامة العلماء: يجوز الإحسان إلى الكفار في دار الإسلام ولا تصرف إليهم الواجبات. وعن قتادة: كان أسيرهم يومئذ المشرك، وأخوك المسلم أحق أن تطعمه. وعن سعيد بن جبير وعطاء: هو الأسير من أهل القبلة. وعن أبى سعيد الخدري:
هو المملوك والمسجون. وسمى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الغريم:
أسيرا، فقال «غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك» إِنَّما نُطْعِمُكُمْ على إرادة القول. ويجوز أن يكون قولا باللسان منعا لهم عن المجازاة بمثله أو بالشكر، لأن إحسانهم مفعول لوجه الله، فلا معنى لمكافأة الخلق، وأن يكون قولهم لهم لطفا وتفقيها وتنبيها، على ما ينبغي أن يكون عليه من أخلص لله. وعن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تبعث بالصدقة إلى أهل بيت، ثم تسأل الرسول ما قالوا؟ فإذا ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصا عند الله.
ويجوز أن يكون ذلك بيانا وكشفا عن اعتقادهم وصحة نيتهم وإن لم يقولوا شيئا. وعن مجاهد:

صفحة رقم 668
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية