آيات من القرآن الكريم

إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉ

وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَمِلَ لِيَهُودِيٍّ بِشَيْءٍ مِنْ شَعِيرٍ، [فَقَبَضَ الشَّعِيرَ] (١) فَطَحَنَ ثُلُثَهُ فَجَعَلُوا مِنْهُ شَيْئًا لِيَأْكُلُوهُ، فَلَمَّا تَمَّ إِنْضَاجُهُ أَتَى مِسْكِينٌ فَسَأَلَ فَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ الطَّعَامَ، ثُمَّ عُمِلَ الثُّلُثُ الثَّانِي فَلَمَّا تَمَّ إِنْضَاجُهُ أَتَى يَتِيمٌ فَسَأَلَ فَأَطْعَمُوهُ، ثُمَّ عُمِلَ الثُّلُثُ الْبَاقِي فَلَمَّا تَمَّ إِنْضَاجُهُ أَتَى أَسِيرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسَأَلَ فَأَطْعَمُوهُ، وَطَوَوْا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ: وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، أَنَّ الْأَسِيرَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِطْعَامَ الْأَسَارَى، وَإِنْ كَانُوا مَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، حَسَنٌ يُرْجَى ثَوَابُهُ (٢).
﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢) ﴾
﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا﴾ ١٨١/ب وَالشُّكُورُ مَصْدَرٌ كَالْعُقُودِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِنَّهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ وَلَكِنْ عَلِمَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ. ﴿إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا﴾ تَعْبَسُ فِيهِ الْوُجُوهُ مِنْ هَوْلِهِ وَشِدَّتِهِ، نُسِبَ الْعَبُوسُ إِلَى الْيَوْمِ، كَمَا يُقَالُ: يَوْمٌ صَائِمٌ وَلَيْلٌ قَائِمٌ. وَقِيلَ وُصِفَ الْيَوْمُ بِالْعَبُوسِ لِمَا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ ﴿قَمْطَرِيرًا﴾ قَالَ قَتَادَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُقَاتِلٌ: "الْقَمْطَرِيرُ": الَّذِي يَقْبِضُ الْوُجُوهَ وَالْجِبَاهَ بِالتَّعْبِيسِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: الْعَبُوسُ الَّذِي لَا انْبِسَاطَ فِيهِ، و"الْقَمْطَرِيرُ" الشَّدِيدُ، قَالَ الْأَخْفَشُ: "الْقَمْطَرِيرُ" أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَيَّامِ وَأَطْوَلُهُ فِي الْبَلَاءِ، يُقَالُ: يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَقُمَاطِرٌ، إِذَا كَانَ شَدِيدًا كَرِيهًا، واقْمَطَرَّ الْيَوْمُ فَهُوَ مُقْمَطِرٌّ. ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ﴾ الَّذِي يَخَافُونَ ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً﴾ حُسْنًا فِي وُجُوهِهِمْ، ﴿وَسُرُورًا﴾ فِي قُلُوبِهِمْ. ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا﴾ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عَلَى الْفَقْرِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: عَلَى الْجُوعِ. ﴿جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَأَلْبَسَهُمُ الْحَرِيرَ.

(١) ساقط من "ب".
(٢) قال الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف، صفحة (١٨٠) :"رواه الثعلبي من رواية القاسم بن بهرام عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد، عن ابن عباس، ومن رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.. وقال الحكيم الترمذي: ومن الأحاديث التي تنكرها القلوب حديث رووه عن ابن عباس، فذكره.. ثم قال: هذا حديث مزوَّق مفتعل لا يروج إلا على أحمق جاهل. ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال "هذا لا شك في وضعه". وانظر: الواحدي في أسباب النزول، صفحة: (٥١٦). وراجع ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة": ٧ / ١٧٤-١٨٧ في رده على ابن المطهر في الاحتجاج بأمثال هذا، فقد بين بطلانه من ثلاثة عشر وجها. وانظر: تفسير القرطبي: ١٩ / ١٣٠-١٣٥.

صفحة رقم 295
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية