آيات من القرآن الكريم

إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦ ﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲ ﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇ ﰉﰊﰋ ﰍﰎ ﰐﰑﰒﰓ

لاحة الصيف والغيار وإشفا ق على سقبة كقوس الضال
وأنشد أبو عبيدة: [الرجز] يا بنت عمي لاحني الهواجر وقال الحسن وابن كيسان: لَوَّاحَةٌ بناء مبالغة من لاح يلوح إذا ظهر، والمعنى أنها تظهر للناس وهم البشر من مسيرة خمسمائة عام، وذلك لعظمها وهولها وزفيرها. وقرأ عطية العوفي «لواحة» بالنصب، وقوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ابتداء وخبره مقدم في المجرور، ولا خلاف بين العلماء أنهم خزنة جهنم المحيطون بأمرها الذين إليهم جماع أمر زبانيتها، وقد قال بعض الناس: إنهم على عدد حروف بسم الله الرحمن الرحيم لأن بها تقووا، وروي أن قريشا لما سمعت هذا كثر إلغاطهم فيه وقالوا: لو كان هذا حقا، فإن هذا العدد قليل، فقال أبو جهل: هؤلاء تسعة عشر، وأنتم الدهم، أفيعجز عشرة منا عن رجل منهم، وقال أبو الأشدي الجمحي: أنا أجهضهم على النار، إلى غير هذا من أقوالهم السخيفة، فنزلت في أبي جهل: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى [القيامة: ٣٤- ٣٥] الآية، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وطلحة بن شبل «تسعة عشر» بسكون العين، وذلك لتوالي الحركات، وقرأ أنس بن مالك وأبو حيوة «تسعة عشر» برفع التاء، وروي عن أنس بن مالك أنه قرأ «تسعة أعشر»، وضعفها أبو حاتم.
قوله عز وجل:
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣١ الى ٤٢]
وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَما هِيَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ (٣١) كَلاَّ وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥)
نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠)
عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢)
وقوله تعالى: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً تبيين لفساد أقوال قريش، أي إن جعلناهم خلقا لا قبل لأحد من الناس بهم وجعلنا عدتهم هذا القدر فتنة للكفار ليقع منهم من التعاطي والطمع في المبالغة ما وقع ولِيَسْتَيْقِنَ أهل الكتاب: التوراة والإنجيل أن هذا القرآن من عند الله، إذ هم يجدوه هذه العدة في كتبهم المنزلة التي لم يقرأها محمد ﷺ ولا هو من أهلها، ولكن كتابه يصدق ما بين يديه من كتب الأنبياء إذ جميع ذلك حق يتعاضد منزل من عند الله، قال هذا المعنى ابن عباس ومجاهد وغيرهم، وبورود الحقائق من عند الله عز وجل يزداد كل ذي إيمان إيمانا ويزول الريب عن المصدقين من أهل الكتاب ومن المؤمنين، وقوله تعالى: وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ الآية، نوع من الفتنة لهذا الصنف المنافق أو الكافر، أي جاروا وضلوا ولم يهتدوا لقصد الحق فجعلوا يستفهم بعضهم بعضا عن مراد الله تعالى بهذا المثل استبعادا أن يكون هذا من عند الله، قال الحسين بن الفضل: السورة مكية ولم يكن بمكة نفاق فإنما المرض في هذه الآية الاضطراب وضعف الإيمان.
قوله تعالى: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ أي بهذه الصفة وهذا الرّين على القلوب يضل، ثم أخبر

صفحة رقم 396

تعالى أنه يَهْدِي مَنْ يَشاءُ من المؤمنين لما ورد بذلك لعلمهم بالقدرة ووقوف عقولهم على كنه سلطان الله تعالى، فهم موقنون متصورون صحة ما أخبرت به الأنبياء وكتب الله تعالى، ثم قال: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ إعلاما بأن الأمر فوق ما يتوهم وأن الخبر إنما هو عن بعض القدرة لا عن كلها، والسماء كلها عامرة بأنواع من الملائكة كلهم في عبادة متصلة وخشوع دائم وطاعة لا فترة في شيء من ذلك ولا دقيقة واحدة. وقوله تعالى: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ قال مجاهد الضمير في قوله وَما هِيَ للنار المذكورة، أي يذكرها البشر فيخافونها فيطيعون الله تعالى. وقال بعض الحذاق. قوله تعالى: ما هِيَ يراد بها الحال والمخاطبة والنذارة، قال الثعلبي: وقيل وَما هِيَ، يراد نار الدنيا، أي إن هذه تذكرة للبشر بنار الآخرة، وقوله عز وجل: كَلَّا رد على الكافرين وأنواع الطاغين على الحق، ثم أقسم ب الْقَمَرِ، تخصيص تشريف وتنبيه على النظر في عجائبه وقدرة الله تعالى في حركاته المختلفة التي هي مع كثرتها واختلافها على نظام واحد لا يختل، وكذلك هو القسم ب اللَّيْلِ وب الصُّبْحِ، فيعود التعظيم في آخر الفكرة وتحصيل المعرفة إلى الله تعالى مالك الكل وقوام الوجود ونور السماء والأرض، لا إله إلا هو العزيز القهار. وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو والكسائي وأبو بكر عن عاصم: «إذ أدبر» بفتح الدال والباء، وهي قراءة ابن عباس وابن المسيب وابن الزبير ومجاهد وعطاء ويحيى بن يعمر وأبي جعفر وشيبة وأبي الزناد وقتادة وعمر بن عبد العزيز والحسن وطلحة. وقرأ نافع وحمزة وحفص عن عاصم، «إذا أدبر» بسكون الدال وبفعل رباعي، وهي قراءة سعيد بن جبير وأبي عبد الرحمن والحسن بخلاف عنهم والأعرج وأبي شيخ وابن محيصن وابن سيرين، قال يونس بن حبيب: «دبر» معناه انقضى و «أدبر» معناه تولى. وفي مصحف ابن مسعود وأبيّ بن كعب «إذ أدبر» بفتح الدال وألف وبفعل رباعي وهي قراءة الحسن وأبي رزين وأبي رجاء ويحيى بن يعمر. وسأل مجاهد ابن عباس عن دبر الليل فتركه حتى إذا سمع المنادي الأول للصبح قال له: يا مجاهد، هذا حين دبر الليل، وقال قتادة: دبر الليل ولى. قال الشاعر [الأصمعي] :[الكامل]

وأبي الذي ترك الملوك وجمعهم بهضاب هامدة كأمس الدابر
والعرب تقول في كلامها كأمس المدبر، قال أبو علي الفارسي: فالقراءتان جميعا حسنتان و «أسفر الصبح» أضاء وانتشر ضوءه قبل طلوع الشمس بكثير والإسفار رتب أول ووسط وآخر، ومن هذه اللفظة السّفر، والسفر بفتح السين، والسفير وسفرت المرأة عن وجهها كلها ترجع إلى معنى الظهور والانجلاء، وقرأ عيسى بن الفضيل وابن السميفع: «إذا أسفر»، فكأن المعنى طرح الظلمة عن وجهه وضعفها أبو حاتم، وقوله تعالى: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ قال قتادة وأبو رزين وغيره: الضمير لجهنم، ويحتمل أن يكون الضمير للنذارة، وأمر الآخرة فهو للحال والقصة، وتكون هذه الآية مثل قوله عز وجل قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ [ص: ٦٨]، و «الكبر»، جمع كبيرة، وقرأ جمهور القراء «لإحدى» بهمزة في ألف إحدى، وروي عن ابن كثير أنه قرأ «لاحدى» دون همزة، وهي قراءة نصر بن عاصم، قال أبو علي:
التخفيف في لَإِحْدَى الْكُبَرِ، أن تجعل الهمزة فيها بين بين، فأما حذف الهمزة فليس بقياس وقد جاء حذفها. قال أبو الأسود الدؤلي: [الكامل]

صفحة رقم 397
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
يا أبا المغيرة رب أمر معضل فرجته بالنكر مني والدّها