آيات من القرآن الكريم

نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا
ﭑﭒ ﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪ

سورة المزمّل
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» : الحادثات بالله حصلت، فقلوب العارفين بالله عرفت ما عرفت وأرواح الصّديقين بالله ألفت من ألفت وفهوم الموحّدين بساحات جلاله وقفت، ونفوس العابدين بالعجز عن استحقاق عبادته اتّصفت وعقول الأولين والآخرين بالعجز عن معرفة جلاله اعترفت.
قوله جل ذكره:
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤)
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥)
أي: المتزمل المتلفّف في ثيابه. وفي الخبر: أنه كان عند نزول هذه الآية عليه مرطّ من شعر ووبر، وقالت عائشة رضى الله عنها: كان نصفه عليّ وأنا نائمة، ونصفه على رسول الله وهو يصلّى، وطول المرط أربعة عشر ذراعا «١».
«نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» قم الليل إلا قليلا، نصفه بدل منه أي: قم نصف الليل، وأنقص من النصف إلى الثلث أو زد على الثلث، فكان عليه الصلاة والسلام في وجوب قيام الليل مخيّرا ما بين ثلث الليل إلى النصف وما بين النصف إلى الثلث. وكان ذلك قبل فرض الصلوات الخمس، ثم نسخ بعد وجوبها على الأمة- وإن كانت بقيت واجبة على الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويقال: يا أيها المتزمّل بأعباء النبوّة... قم الليل.
(١) معنى هذا: أن السورة مدنية وليست مكية، لأن النبي لم يبن بعائشة إلا في المدينة.

صفحة رقم 641

ويقال: يا أيها الذي يخفى ما خصصناه به قم فأنذر... فإنّا نصرناك «١».
ويقال: قم بنا... يا من جعلنا الليل ليسكن فيه كلّ الناس... قم أنت فليسكن الكلّ... ولتقم أنت.
ويقال: لمّا فرض عليه القيام بالليل أخبر عن نفسه لأجل أمّته وإكراما لشأنه وقدره.
وفي الخبر: «أنه ينزل كلّ ليلة إلى السماء الدنيا... » ولا يدرى التأويل للخبر «٢»، أو أنّ التأويل معلوم... وإلى أن ينتهى إلى التأويل فللأحباب راحات كثيرة، ووجوه من الإحسان موفورة.
قوله جل ذكره: «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» ارتع بسرّك في فهمه، وتأنّ بلسانك في قراءته.
«إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا» قيل: هو القرآن. وقيل: كلمة لا إله إلا الله.
ويقال: الوحى وسمّاه ثقيلا أي خفيفا على اللسان ثقيلا في الميزان.
ويقال: ثقيل أي: له وزن وخطر. وفي الخبر: كان إذا نزل عليه القرآن- وهو على ناقته- وضعت جرانها «٣»، ولا تكاد تتحرك حتى يسرّى عنه.
وروى ابن عباس: أنّ سورة الأنعام نزلت مرة واحدة فبركت ناقة رسول الله ﷺ من ثقل القرآن وهيبته.
ويقال «ثَقِيلًا» سماعه على من جحده

(١) هذان تخريجان مجازيان للفظة (المزمل).
(٢) هذا الخبر فعلا كان موضع نظر فقد روى عن طريقين عن أبى هريرة على الشك، ففى صحيح مسلم عن أبى هريرة قال: قال رسول الله (ص) :«إذا مضى شطر الليل- أو ثلثاه ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا» وفي رواية أخرى: «ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضى ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك، أنا الملك من ذا الذي يدعونى فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألنى فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرنى فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضىء الفجر». وخرجه ابن ماجه من حديث ابن شهاب عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن الرسول (ص) قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول... » وهكذا انتظم الحديث والقرآن. [.....]
(٣) أي: صدرها.

صفحة رقم 642
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية