آيات من القرآن الكريم

مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: كانت آلهة يعبدها قوم نوح، ثم عبدتها العرب بعد ذلك، قال: فكان ودّ لكلب بدومة الجندل، وكان سُواعٌ لهُذَيل، وكان يغوث لبني عطيف من مراد بالجُرف، وكان يعوق لهمْدان، وكان نَسْر لذي الكُلاع من حِمْير.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: هذه أصنام كانت تُعبد في زمان نوح.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: هذه أصنام، وكانت تُعبد في زمان نوح.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) هي آلهة كانت تكون باليمن.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: هذه آلهتهم التي يعبدون.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وُدًّا) فقرأته عامة قرّاء المدينة (وُدًّا) بضم الواو، وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة: (وَدًّا) بفتح الواو.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان في قرّاء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح: وقد ضلّ بعبادة هذه الأصنام التي أُحدثت على صور هؤلاء النفر المسمينَ في هذا الموضع كثير من الناس فنُسِب الضّلال إذ ضلَّ بها عابدوها إلى أنها المُضِلة.
وقوله: (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالا) يقول: ولا تزد الظالمين أنفسهم بكفرهم بآياتنا إلا ضلالا إلا طبعًا على قلبه، حتى لا يهتدي للحقّ.
القول في تأويل قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا

صفحة رقم 640

نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (٢٥) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) }
يعني تعالى ذكره بقوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ) من خطيئاتهم (أُغْرِقُوا) والعرب تجعل "ما" صلة فيما نوى به مذهب الجزاء، كما يقال: أينما تكن أكن، وحيثما تجلس أجلس، ومعنى الكلام: من خطيئاتهم أُغرقوا.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ) قال: فبخطيئاتهم (أُغْرِقُوا) فأدخلوا نارا، وكانت الباء ههنا فصلا في كلام العرب.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا) قال: بخطيئاتهم أُغرقوا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار غير أبي عمرو (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ) بالهمز والتاء، وقرأ ذلك أبو عمرو (مِما خَطاياهُمْ) بالألف بغير همز.
والقول عندنا أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب.
وقوله: (فَأُدْخِلُوا نَارًا) جهنم (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا) تقتصّ لهم ممن فعل ذلك بهم، ولا تحول بينهم وبين ما فعل بهم.
وقوله: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) ويعني بالدَّيار: من يدور في الأرض، فيذهب ويجيء فيها وهو فَيْعال من الدوران ديوارًا، اجتمعت الياء والواو، فسبقت الياء الواو وهي ساكنة، وأدغمت الواو فيها، وصيرتا ياءً مشددة، كما قيل: الحيّ القيام من قمت، وإنما هو قيوام، والعرب تقول: ما بها ديار ولا عريب، ولا دويّ ولا صافر، ولا نافخ ضرمة، يعني بذلك كله: ما بها أحد.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ

صفحة رقم 641
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية