آيات من القرآن الكريم

وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ

ثم أخذ يعدد النعم التي أعدها للإنسان فى الأرض، وذكر أن الأرض مهيأة مسخرة لأمره كتسخير البساط للرجل يتقلب عليه كما يشاء، ويظهر مواهبه لاستخراج ما فى بطنها من المعادن المختلفة، وخيراتها المنوعة فقال:
(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) أي والله بسط لكم الأرض ومهّدها، وثبتها بالجبال الراسيات.
ثم بين حكمة هذا فقال:
(لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً) أي لتستقروا عليها، وتسلكوا فيها، أين شئتم من نواحيها وأرجائها وأقطارها المختلفة.
وقصارى ما سلف- إن نوحا عليه السلام أمر قومه بالنظر فى علوم الأنفس والآفاق من معدن ونبات وحيوان وإنسان وسماء وأرض وشموس وأقمار.
[سورة نوح (٧١) : الآيات ٢١ الى ٢٤]
قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤)
شرح المفردات
الخسار: الخسران، كبارا: أي كبيرا عظيما، لا تذرنّ: أي لا تتركنّ، ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر: أسماء أصنام كانوا يعبدونها:
المعنى الجملي
أخبر عن نوح أنه أعلم ربه وهو العليم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة أنه مع ما استعمله من الوسائل والأساليب المختلفة المشتملة على الترغيب طورا والترهيب طورا

صفحة رقم 86

آخر- كذبوه وعصوه واتبعوا أبناء الدنيا ممن غفل عن أمر ربه، ومتّع بمال وولد وقالوا: لا نترك آلهتنا التي عبدناها نحن وآباؤنا من قبل، ولا عجب فقد أضلت الأصنام خلقا كثيرا، فدعا عليهم: رب اخذل هؤلاء القوم الظالمين ولا تزدهم إلا ضلالا.
الإيضاح
(قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) أي قال نوح: رب إنهم عصونى فيما أمرتهم به، وأنكروا ما دعوتهم إليه، واتبعوا رؤساءهم الذين بطروا بأموالهم، واغتروا بأولادهم، فكان ذلك زيادة فى خسرانهم وخروجا عن محجة الصواب، وبعدا من رحمة الله.
(وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) أي مكرا كبيرا، فاحتالوا فى الدين، وصدّوا الناس عنه بأساليب شتى، وأغروهم بأذى نوح عليه السلام.
(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) أي وقال بعضهم لبعض: لا تتركوا عبادة آلهتكم وتعبدوا رب نوح، ولا سيما هذه الأصنام التي هى أكبر المعبودات وأعظمها.
وقد انتقلت هذه الأصنام إلى العرب فيما بعد. أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال: صارت هذه الأوثان فى العرب بعد فكان:
ودّ: لكلب.
سواع: لهذيل.
يغوث: لغطيف بالجرف عند سبأ يعوق: لهمدان.
نسر: لحمير آل ذى الكلاع.
وهناك أصنام أخرى لأقوام آخرين:

صفحة رقم 87
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية