آيات من القرآن الكريم

وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا
ﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩ

صلوا إليها بالمعقول فَقُلْتُ لهم عقيب الدعوة عطف على قوله دعوت اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ اطلبوا المغفرة منه لأنفسكم بالتوبة عن الكفر والمعاصي قبل الفوت بالموت إِنَّهُ تعالى كانَ غَفَّاراً للتائبين بجعل ذنوبهم كأن لم تكن والمراد من كونه غفارا فى الأزل كونه مريدا للمغفرة فى وقتها المقدر وهو وقت وجود المغفور له وفى كشف الاسرار كان صلة اليه ورؤية التقصير فى العبودية الندم على ما ضاع من ايامهم بالغفلة عن الله وفى الحديث (من اعطى الاستغفار لا يمنع المغفرة لانه تعالى قال استغفروا ربكم انه كان غفارا ولذا كان على رضى الله عنه يقول ما ألهم الله عبدا الاستغفار وهو يريد ان يعذبه وعن بعض العلماء قال الله تعالى ان أحب عبادى الى المتحابون بحبي والمعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا أردت اهل الأرض بعقوبة ذكرتهم فتركتهم وصرفت العقوبة عنهم والغفار ابلغ من الغفور وهو من الغافر واصل الغفر الستر والتغطية ومنه قيل لجنة الرأس مغفر لانه يستر الرأس والمغفرة من الله ستره للذنوب وعفوه عنها بفضله ورحمته لا بتوبة العباد وطاعتهم وانما التوبة والطاعة للعبودية وعرض الافتقار وفى بعض الاخبار عبدى لو أتيتنى بقراب اصرض ذنوبا لغفرتها لك ما لم تشرك بي (حكى) ان شيخا حج مع شاب فلما احرم قال لبيك اللهم لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت اسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلاى شىء تتعب نفسك فبكى الشيخ فقال فالى اى باب التجئ فقيل له قد قبلناك

همه طاعت آرند ومسكين نياز بيا تا بدرگاه مسكين نواز
چوشاخ برهنه برآريم دست كه بي برك ازين بيش نتوان نشست
يُرْسِلِ السَّماءَ اى المطر كما قال الشاعر إذا نزل السماء بأرض قوم وقال بعضهم اى ماء السماء فحذف المضاف عَلَيْكُمْ حال كونه مِدْراراً اى كثير الدرور اى السيلان والانصباب وبالفارسية فرو كشايد بر شما باران پى در پى وبيهنكام. وفى الإرسال مبالغة بالنسبة الى الانزال وكذا المدرار صيغة مبالغة ومفعال مما يستوى فيه المذكر والمؤنث كقولهم رجل او امرأة معطار ويرسل جواب شرط محذوف اى ان تستغفروا يرسل السماء وفى قول النجاة فى مثلة انه جواب الأمر وهو هاهنا استغفر واتسامح فى العبارة اعتمادا على وضوح المراد وكسر اللام بالوصل لتحرك الساكن به كأن قوم نوح تعللوا وقالوا ان كنا على الحق فكيف نتركه وان كنا على الباطل فكيف يقبلنا بعد ما عكفنا عليه دهرا طويلا نأمرهم الله بما يمحق ما سلف منهم من المعاصي ويجلب عليهم المنافع وهو الاستغفار ولذلك وعدهم بالعوائد العاجلة التي هى أوقع فى قلوبهم من المغفرة وأحب إليهم إذا النفس حريصة بحب العاجل ولذلك جعلها جواب الأمر بأن قال يوسل السماء إلخ دون المغفرة بأن قال يغفر لكم ليرغبوا فيها ويشاهدوا ان اثرها وبركتها ما يقاس عليه حال المغفرة فالاشتغال بالطاعة سبب لانفتاح أبواب الخيرات كما ان المعصية سبب لخراب العالم بظهور اسباب القهر الإلهي وقيل لما كذبوه بعد تكرير الدعوة حبس الله عنهم القطر واعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل

صفحة رقم 176

سبعين سنة فوعدهم ان آمنوا ان يرزقهم الله الخصب ويدفع عنهم ما كانوا فيه. يقول الفقير هذا القول هو الموافق للحكمة لان الله تعالى يبتلى عباده بالخير والشر ليرجعوا اليه ألا ترى الى قريش حيث ان الله جعل لهم سبع سنين كسنى يوسف بدعاء النبي عليه السلام ليرجعو اعما كانوا عليه من الشرك فلم يرفعوا له رأسا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ اى يوصل إليكم ويعط لكم المدد والقوة بهما كما قال الله تعالى ويزدكم قوة الى قوتكم وَيَجْعَلْ لَكُمْ اى وينشئ لكم جَنَّاتٍ بساتين ذوات أشجار واثمار وَيَجْعَلْ لَكُمْ فيها أَنْهاراً جارية تزينها بالنبات وتحفظها عن اليبس وتفرح القلوب وتسقى النفوس كان الظاهر تقديم الجنات والأنهار على الامداد لكونهما من توابع الإرسال وانما أخرهما لرعاية رأس الآية وللاشعار بأن كلا منهما نعمة الهية على حدة وعن الحسن البصري قدس سره ان رجلا شكا اليه الجدب فقال استغفر الله وشكا اليه آخر الفقر وآخر قلة النسل وآخر قلة ربع ارضه فأمرهم كلهم بالاستغفار فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أبوابا ويسألون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار فتلاله الآية قال فى فتح الرحمن ولذلك شرع الاستغفار فى الاستسقاء وهو الدعاء بطلب السقيا على وجه مخصوص فاذا أجدبت الأرض وقحط المطر سن الاستسقاء بالاتفاق ومنع أبو حنيفة وأصحابه من خروج اهل الذمة ولم يمنعوا عند الثلاثة ولم يختلطوا بالمسلمين ولم يفردوا بيوم وقد سبق بعض تفصيله فى سورة البقرة ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً انكار لان يكون لهم سبب ما فى عدم رجائهم لله تعالى وقارا على ان الرجاء بمعنى الاعتقاد اى الظن بناء على انه اى الرجاء انما يكون بالاعتقاد وأدنى درجته الظن والوقار فى الأصل السكون والحلم وهو هاهنا بمعنى العظمة لانه يتسبب عنها فى الأغلب ولا ترجون حال من ضمير المخاطبين والعامل فيها معنى الاستقرار فى لكم ولله متعلق بمضمر وقع حالا من وقارا ولو تأخر لكان صفة له والمعنى اى سبب حصل لكم واستقر حال كونكم غير معتقدين لله عظمة موجية لتعظيمه بالايمان والطاعة له اى لا سبب لكم فى هذا مع تحقق مضمون الجملة الحالية وبالفارسية چيست شما را كه اميد نداريد يعنى نمى شناسيد مر خدايرا عظمت وبزركوارى واعتقاد نمى كنيد تا بترسيد از نافرمانئ او. وفى كشف الاسرار هذا الرجاء بمعنى الخوف والوقار العظمة اى لا تخافون لله عظمة وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما لكم لا تخشون منه عقابا ولا ترجون منه ثوابا بتوقيركم إياه وفى التأويلات النجمية ما لكم لا تطلبون ولا تكسبون من اسم الله الأعظم ما يوقركم عنده بالتخلق بكل اسم تحته حتى تصيروا بسبب تحققكم بجميع أسمائه الداخلة فيه مظهره ومجلاه وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً يقال فعل كذا طورا بعد طور أي تارة بعد تارة وعدا طوره اى تجاوز حده وقدره والمعنى والحال انكم على حالة منافية لما أنتم عليه بالكلية وهى انكم تعلمون انه تعالى خلقكم وقدركم تارات اى مرات حالا بعد حال عناصر ثم اغذية ثم اخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم انشأكم خلقا آخر فان التقصير فى توقير من هذه شؤونه فى القرة القاهرة والإحسان التام مع العلم بها مما لا يكاد يصدر عن العاقل وقال بعضهم هى اشارة الى الأطوار السبعة المذكورة فى قوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة

صفحة رقم 177
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية