
نزاعة للشوى، وليس كذا سبيل الحال.
- قوله تعالى: ﴿والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ إلى آخر السورة.
أي: وإلا الذين [يحفظون] فروجهم فلا يطئون إلا أزواجهم أو مملوكاتهم فلا لوم عليهم في ذلك.
- ثم قال تعالى: ﴿فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذَلِكَ...﴾.
أي: فمن التمس لفرجه منكحاً سوى زوجته ومملوكته فهو متعد إلى ما حرم الله عليه، ملوم على فعله.
- ثم قال ﴿والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾.
أي: وإلا الذين يحافظون على أداء أمانتهم من فروضهم - التي ألزمهم الله إياها - وأَمَاناتِ عباده التي ائتمنوهم عليها، والوفاء بعهودهم التي أخذها الله

عليهم، وعهود عباده عندهم.
- ثم قال ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ﴾.
أي: وإلا الذي هم لا يكتمون ما أشهدوا عليه، ولكن يؤدونه حيث يلزمهم أداؤه غير مبدلين ولا مغيرين.
- ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾.
أي: وإلا الذين يحافظون على أداء صلواتهم بفروضها في أوقاتها، بحدودها لا يضيعون شيئاً من ذلك ثم أخبر عن مصير هؤلاء الذين تقدمت صفتهم في الاستثناء من الإنسان الهلوع فقال:
﴿أولئك فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ﴾.
أي: الذين تقدمت صفتهم - من قوله: " إِلاَّ المُصَلِّينَ " - في بساتين يكرمهم الله بكرامته.
ثم قال تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾.
أي: فما شأن الذين كفروا نحوك عامدين: قال قتادة: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ " عامدين ". وقال: ابن زيد: المهطع " الذي [لا يطرف "]. وقال الحسن:

﴿مُهْطِعِينَ﴾: " منطلقين ". وقال أبو عبيدة: مسرعين. فالمعنى: فما شأن الذين كفروا مسرعين بالتكذيب لك. وقيل: بالاستماع منك، لِيَعِيبُوكَ.
- ثم قال ﴿عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال عِزِينَ﴾.
روي عن ابن عباس (أنه قال): [العزون]: العصب من الناس عن يمين وشمال معرضين عن محمد يستهزئون به. وقال مجاهد (عزين: مجالس مجالس). قل قتادة: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ عامدين، ﴿عِزِينَ﴾ فرق حول رسول اله لا يرغبون في كتاب الله ولا في نبيه. وقال الضحاك: عزين: (حلقاً) وفرقاً. قال ابن زيد: عزين: مجالس.
ومعنى ﴿عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال﴾ أي: عن يمينك وشمالك جماعات متفرقة

في أديانهم مخالفين للإسلام. وقال الطبري: ﴿عِزِينَ﴾ متفرقين حلقاً حلقاً ومجالس مجالس، [جماعة جماعة] متفرقين عنك وعن كتاب الله.
- ثم قال ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امرىء مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلاَّ...﴾.
[أي]: أيطمع كل إنسان منهم أن ينجو من عذاب الله فيدخل الجنة التي ينعم مَن دخلها؟! لا يكون ذلك.
- ثم قال: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ﴾.
أي: مِن مَني حقير لا يستوجب (به) دخول الجنة، إنما يستوجب دخولها بالطاعة لله. قال قتادة: ﴿مِّمَّا يَعْلَمُونَ﴾ من مني قذر، فَاتَّقِ الله يا ابن آدم.
وقيل: هو إشارة إلى إعلامهم أنهم كسائر الخلق ليس لهم فضل بأن يؤتى كل أحد منهم ما يريد من دخول الله، بل حكم جميع الخلق ألا يدخل أحد الجنة إلا بالإيمان والعمل الصالح، وأنتم أيها المخاطبون مثل جميع خلقتم من نطفة.

- ثم قال تعالى -ayah text-primary">﴿فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ المشارق والمغارب إِنَّا لقادرون * على أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ﴾.
" لا " زائدة، والتقدير: [أقسم برب: مشارق الشمس] وهي ثلاثمائة وستون، وبرب مغاربها، وهي ثلاثمائة وستون.
- ﴿إِنَّا لقادرون﴾.
على أن نخلق خيراً منه هؤلاء المشركين ونهلكهم.
- ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾:
أي ما يفوتنا أحد نريد هلاكه ولا أمر نريد إتمامه.
قال ابن عباس: " (إن) الشمس تطلع كل سنة في ثلاثمائة وستين كُوَّة، تطلع كل يوم في كوة لا ترجع إلى تلك الكوة إلى ذلك اليوم من العام المقبل، ولا تطلع إلا وهي كارهة، [تقول]: يا رب، لا تطلعني على عبادك، فإني أراهم يعصونك ويعملون بمعاصيك ". وعن ابن عباس أيضاً في قوله: {فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ المشارق

والمغارب} أنه قال: " هو مطلب الشمس ومغربها ومطلع القمر ومغربه ".
- ثم قال تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ (يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ) حتى يلاقوا يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ﴾.
هذا تهديد ووعيد لكفار قريش ومن كان على دينهم. أي: دع يا محمد هؤلاء المشركين - المهطعين/ عن اليمين وعن الشمال عزين - يخوضوا في [باطلهم] ويلعبوا في هذه الدنيا حتى يلاقوا يوم القيامة الذي وعدوا به.
ثم بَيَّنَ [يومهم] الذي يوعدون فقال: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث سِرَاعاً...﴾، فهو يم بدلٌ من " يوم " الأول. فالمعنى [فَذَرْهُمْ] يا محمد حتى يلاقوا يوم يخرجون من القبور مسرعين إلى الداعي.
- ﴿كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾.
أي: كأنهم إلى عَلَم قد نصب لهم يستبقون، [و " نَصْب " مصدر: نَصَبتُ الشيء] نَصْباً فتأويله كأنهم إلى صنم منصوب (لهم) يسرعون ذليلين. وروي

عن عاصم أنه [قرأ: ﴿نُصُبٍ﴾] بضم النون والصاد، جعله [واحداً لأنصاب]، وَهي آلهتهم التي كانوا يعبدون، كطُنُب وأطناب. وقيل: هو جمع نَصْبٍ، والنَّصْبُ: الصنم الذي ينصب لهم فيكون كرَهْن ورُهُن، وهو قول أبي عبيدة. وقيلأ: هو جمع نصاب، والنصاب الحجر أو الضم ينصب فيذبح عنده. وقرأ قتادة: ﴿نُصُبٍ﴾ بضم النون وإسكان الصاد فهو مخفف من " نُصُب ".
وقد قيل: إن نَصْباً ونُصْباً ثلاث لغات بمعنىً، كما يقال عَمْرٌو وعُمْرٌو وعُمُرٌو. فأما قوله تعالى ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب﴾ [المائدة: ٣] فهو جمع نصاب عند كل العلماء، وهو

الذي ينصب ليذبحوا الآلهتهم عنده وقد مضى ذكره. قال: أبو العالية ﴿إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ أي: كأنهم إلى غايات يستبقون. وقال ابن عباس: إلى غايات يسعون. وقال الضحاك: إلى (" علم ينطلقون "). وقال ابن زيد: [﴿إلى نُصُبٍ﴾]: النَّصْبُ حجارة طوال يعبدونها يسمونها نَصْباً، قال: و ﴿يُوفِضُونَ﴾: يسرعون إليه.
وقال الحسن: ﴿(كَأَنَّهُمْ) إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ أي: يبْتَدِرون نصبهم أيهم يسْتلمه أول، قال: وذلك إذا طلعت الشمس لا يلوي أولهم على آخرهم.
- وقوله: ﴿خاشعة أبصارهم...﴾.
أي: خاضعة ذليلة لما نزل بهم من الخزي والهوان.

- -ayah text-primary">﴿تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ...﴾.
أي: تغشاهم ذلة. والعامل في " خاشعةً " " يخرجون " أو " ترهقهم "،
- ثم قال تعالى: ﴿ذَلِكَ اليوم (الذي) كَانُواْ يُوعَدُونَ﴾.
أي: هذا اليوم الذي تقدمت صفته هو اليوم الذين كانوا يوعدون به في الدنيا فلا يصدقون به.