الحق واهل الذوق وقال القاشاني نزه الله وجرده عن شوب الغير بذلك الذي هو اسمه الأعظم الحاوي للاسماء كلها بان لا يظهر فى شهودك تلوين من النفس او القلب فحتجب برؤية الاثنينية او الأنانية والا كنت مشبها لا مسبحا روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال خرجت يوما بمكة متعرضا لرسول الله ﷺ فوجدته قد سبقنى الى المسجد فجئت فوقفت وراءه فافتتح سورة الحاقة فلما سمعت سرد القرآن قلت فى نفسى انه لشاعر كما يقول قريش حتى بلغ الى قوله انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ثم مر حتى انتهى الى آخر السورة فأدخل الله فى قلبى الإسلام تمت سورة الحاقة بعون الله تعالى فى السابع عشر من شهر رمضان من شهور سنة ست عشرة ومائة والف
تفسير سورة المعارج
اربع وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ من السؤال بمعنى الدعاء والطلب يقال دعا بكذا استدعاه وطلبه ومنه قوله تعالى يدعون فيها بكل فاكهة اى يطلبون فى الجنة كل فاكهة والمعنى دعا داع بعذاب واقع نازل لا محالة سوآء طلبه او لم يطلبه اى استدعاه وطلبه ومن التوسعات الشائعة فى لسان العرب حمل النظير على النظير وحمل النقيض على النقيض فتعدية سأل بالباء من قبيل التعدية بحمل النظير على النظير فانه نظير دعا وهو يتعدى بالباء لا من قبيل التعدية بالتضمين بأن ضمن سأل معنى دعا فعدى تعديته كما زعمه صاحب الكشاف لان فائدة التضمين على ما صرح به ذلك الفاضل فى تفسير سورة النحل إعطاء مجموع المعنيين ولا فائدة فى لجمع بين معنى سأل ودعا لان أحدهما يغنى عن الاخر والمراد بهذا السائل على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما واختاره الجمهور هو النضر بن الحارث من بنى عبد الدار حيث قال إنكارا واستهزاء اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وصيغة الماضي وهو واقع دون سيوقع للدلالة على تحقق وقوعه اما فى الدنيا وهو عذاب يوم بدر فان النضر قتل يومئذ صبرا واما فى الآخرة وهو عذاب النار وعن معاوية انه قال لرجل من اهل سبأ ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال أجهل من قومى قومك قالوا لرسول الله عليه السلام حين دعاهم الى الحق ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء ولم يقولوا ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له وقيل السائل هو الرسول عليه السلام استعجل بعذابهم وسأل أن يأخذهم الله أخذا شديدا ويجعله سنين كسنى يوسف وان قوله تعالى سأل سائل حكاية لسؤالهم المعهود على طريقة قوله تعالى يسألونك عن الساعة وقوله تعالى متى هذا الوعد ونحوهما إذ هو المعهود باوقوع على الكافرين لا ما دعا به النضر فالسؤال بمعناه
وهو التفتيش والاستفسار لان الكفرة كانوا يسألون النبي عليه السلام وأصحابه إنكارا واستهزاء عن وقوعه وعلى من ينزل ومتى ينزل والباء يمعنى عن كما فى قوله تعالى فاسأل به خبيرا اى فاسأل عنه لان الحروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض باتفاق العلماء وعن الامام الواحدي ان الباء فى بعذاب زائدة للتأكيد كما فى قوله تعالى وهزى إليك بجذع النخلة اى عذابا واقعا كقولك سألته الشيء وسألته عن الشيء لِلْكافِرينَ اى عليهم فاللام بمعنى على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها ان فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها اى فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على ما ذهب بعضهم فى قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله اى بأن يعبدوا الله او على معناه اى نازل لاجل كفرهم ومتعلقه على التقادير الثلاثة هو واقع قال بعض العارفين بهذا وصف اهل الأمل والظن الكاذب الذين يظنون انهم يتركون فى قبائح أعمالهم وهم لا يعذبون لَيْسَ لَهُ اى لذلك العذاب دافِعٌ مِنَ اللَّهِ اى من جهته تعالى إذا جاء وقته وأوجبب الحكمة وقوعه ذِي الْمَعارِجِ صفة لله لانه من الأسماء المضافة مثل فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ونحوهما والمعارج جمع معرج بفتح الميم هنا بمعنى مصعد وهو موضع الصعود قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد ومعنا ذى المعارج بالفارسية خداوند در جهان بلند است. والمراد الافلاك التسعة المرتبة بعضها فوق بعض وهى السموات السبع والكرسي والعرش تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ المأمورون بالنزول والعروج دون غيرهم من المهيمين ونحوهم لان من الملائكة من لا ينزل من السماء أصلا ومنهم من لا يعرج من الأرض قطعا وَالرُّوحُ اى جبريل أفرده بالذكر لتميزه وفضله كما فى قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فقد ذكر مع نزولهم فى آية وعروجهم فى اخرى إِلَيْهِ اى يعرجون من مسقط الأمر الى عرشه والى حيث تهبط منه أوامره كقول ابراهيم عليه السلام انى ذاهب الى ربى اى الى حيث أمرني ربى بالذهاب اليه فجعل عروجهم الى العرش عروجا الى الرب لان العرش مجلى صفة الرحمانية فمنه تبتدأ الاحكام والى حيث شاء الله تعالى تهبط الملائكة بأعمال بنى آدم الى الله تعالى والروح إليها ناظر في ذلك المشهد (فى يوم) متعلق بتعرج كألى (كان مقداره خمسين الف سنة) مما يعده الناس كما صرح به قوله تعالى فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون وقوله خمسين خبر كان وهو من باب التشبيه البليغ والأصل كمقدار مدة خمسين الف سنة.
واعلم ان تحقيق هذه الآية يستدعى تمهيد مقدمه وهى ان المبروج اثنا عشر على ما أفاده هذا البيت وهو قوله
چون حمل چون ثور و چون جوزا وسرطان واسد | سنبله ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت |
هذه البروج السته وهى الميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت أحد وعشرون الف سنة ومن الحمل الى برج السنبلة فى الحكم خمسون الف سنه ومدة دور السنبلة سبعة آلاف سنة وهى الآخرة وفى أول هذه الدورة التي هى دور السنبلة بموجب الأمر الإلهي الموحى به هناك ظهر النوع الإنساني وبعث نبينا عليه السلام فى الالف الآخر من السبعة وفى الاجزاء البرزخية بين احكام دور السنبلة ودور الميزان المختص بالآخرة فانه إذا تم دور البروج الاثني عشر ينتقل الحكم الى الميزان وهو زمان القيامة الكبرى فأخذنا كفة الالف الاولى للدنيا فى الدولة المحمدية والكفة الأخرى للآخرة والحشر اى أخذنا النصف الاول من الف الميزان الثاني لهذه النشأة والنصف الأخير منه للنشأة الآخرة ولهذا استقرت الاخبار فى قيام الساعة وامتدادها الى خمسمائة سنة بعد الالف وهى النصف الاول من الالف الثاني من الميزان الثاني ولم يتجاوز حد الدنيا ذلك عند أحد من علماء الشريعة فبعث النبي عليه السلام فى زمان امتزاج الدنيا بالآخرة كالصح الذي هو أول النهار المشرع ومنه الى طلوع الشمس نظر الزمان الذي هو من المبعث الى قيام الساعة فكما يزداد الضوء بعد طلوع الفجر بالتدريج شيأ بعد شىء كذلك ظهور احكام الآخرة من حين المبعث يزداد الى زمان طلوع الشمس من مغربها كما أشار عليه السلام اليه بقوله بعثت انا والساعة كفرسى رهان وبقوله لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وحتى يحدثه فخذه بما يصنع اهله بعده وكذا يسمع جمهور الناس فى آخر الزمان نطق الجمادات والنباتات والحيوانات على ما ورد فى الاخبار الصحيحة فلليوم مراتب واحكام. فيوم كالآن وهو أدنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل وهو المشار اليه بقوله تعالى كل يوم هو فى شأن فسمى الزمن الفرد يوما لان الشان يحدث فيه وهو أصغر الأزمان وأدقها والساري فى كل الأدوار سريان المطلق فى المقيد. ويوم كألف سنة وهو اليوم الإلهي ويوم الاخرة كمال قال تعالى وان يوما عند ربك كألف سنة وقال يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون. ويوم كخمسين الف سنة والى ما لا يتناهى كيوم اهل الجنة فلاحد لاكبر الأيام يوقف عنده فهذا اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة هو يوم المعراج ويوم القيامة ايضا. در فتوحات آورده كه هر اسمى را از اسماء الهيه روزيست خاص كه تعلق بدو دارد ودر قرآن در روز از انها مذكور است يوم الرب كه هزار سالست ويوم ذى المعارج كه پنجاه هزار سالست. وكل الف سنة دورة واحدة تقع فيها القيامة الصغرى لاهل الدنيا بتبديل الاحكام والشرائع وأنواع الهياكل والنفوس وكل سبعة آلاف سنة دورة لنوع خاص كالانسان وكل خمسين الف سنة دورة ايضا تقع فيما القيامة الكبرى فيفنى العالم واهله وكان عروج الملائكة من الأرض الى السماء ونزولهم من السماء الى الأرض لاجراء احكام الله وإنفاذ امره فى مدة البروج الستة الآخر التي هى الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة وهى خمسون الف سنة كما سبق وعند العارفين يطلق على نزول الملائكة العروج ايضا وان كانت حقيقة العروج انما هى لطالب العلو
صفحة رقم 155
وذلك لان لله تعالى فى كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه فنزول الملائكة وعروجهم دائما الى الحق لعدم تحيزه وكل ما كان اليه فهو عروج وان كان فى السفليات لانه هو العلى الأعلى فهو صفة علو على الدوام وجعلت اجنحة الملائكة للهبوط عكس الطائر عبرة ليعرف كل موجود عجزه وعدم تمكنه من تصرفه فوق طاقته التي أعطاها الله له فالملائكة إذا نزلت نزلت بجناحها وإذا علت علت بطبعها والطيور بالعكس فاعلم ذلك وكذلك يكون عروجهم
ونزولهم اى يقع فى اليوم الطويل الذي هو يوم القيامة لاجراء احكام الله على ما شاء وإنفاذ امره على مقتضى علمه وحكمته وهو مقدار خمسين الف سنة من سنى الدنيا ودل على مدة هذا اليوم قوله عليه السلام ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها الا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها فى نار جهنم اى مرة ثانية ليشتد حرها فيكون بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له اى لمكيه الى نار جهنم فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة اى ان لم يكن له ذنب سوه او كان ولكن الله عفا عنه واما الى النار اى ان كان على خلاف ذلك رواه مسلم (وروى) ان للقيامة خمسين موقفا يسأل العبد فى كل منها عن امر من امور الدين فان لم يقدر على الجواب وقف فى كل موقف بمقدار اليوم الإلهي الذي هو الف سنة ثم لا ينتهى اليوم الى ليل اى يكون وقت اهل الجنة كالنهار ابدا ويكون زمان اهل النار كالليل ابدا إذ كما لا ظلمة لاهل النور كذلك لا نور لاهل الظلمة وفيه تذكير للعاقل على ان يوم القيامة إذا كان اوله مقدار خمسين الف سنة فماذا آخره ثم هذا الطول فى حق الكافر والعاصي لا المؤمن والمطيع لما روى ابو سعيد الخدري رضى الله عنه انه قيل لرسول الله عليه السلام ما أطول هذا اليوم فقال عليه السلام والذي نفسى بيده انه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف من صلاة مكتوبة يصليها فى الدنيا وفى التمثيل بالصلاة اشارة الى وجه آخر لسر العدد وهو ان الكافر أضاع الصلاة وهى فى الأصل خمسون صلاة فكأنه عذب بكل واحدة منها الف سنة ولهذا السر يكلف يوم القيامة بالسجود لا بغيره ولا يلزم من وجود هذا اليوم بهذا الطول ومن عروج الملائكة فى اثنائه الى العرش أن يكون ما بين أسفل العالم وأعلى سرادقات العرش مسيرة خمسين الف سنة لان المراد بيان طول اليوم عروج الملائكة ونزولهم فى مثل هذا اليوم الى العرش ومنه لتلقى امره وتبليغه الى محله مرار او كرارا لا بيان طول المعارج لان ما بين مركز الأرض ومقعر السماء مسيرة خمسمائة عام وتخن كل واحدة من السموات السبع كذلك فيكون المجموع تسعة آلاف الى العرش اى بالنظر الظاهري والا فهى أزيد من ذلك بل من كل عدد متصور كما ستجيئ الاشارة اليه وقول من قال جعل ما بين الكرسي والعرش كما بين غيرهما غير موجه لما فى الحديث الصحيح ان فى الجنة مائة درجة أعدها الله للجاهدين فى سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فيكون بين الكرسي الذي هو صحن الجنة وبين العرش الذي هو سقف الجنة خمسمائة سنة مائة مرة أولها من ارض الكرسي الى الدرجة السافلة
من العرش فيكون المجموع مقدار خمسين الف سنة تأمل تعرف ان كلامه ليس بصحيح من وجوه الاول ان المراد فى هذا المقام بيان الطول من أسفل العالم الى أعلاه وانه مقدار خمسين الف سنة لا من صحن الجنة الى سقفها لانه على ما ذكره من المسافة بين العرشين يزيد على ذلك المقدار بالنظر الى أسفل العالم زيادة بينة فلا يحصل المقصود ولثانى ان المراد النبي عليه السلام من التمثيل بما بين السماء والأرض ليس التحديد بل بيان مجرد السعة وطول الامتداد بما لا يعرفه الا الله كما يقتضيه المقام والثالث ان الحديث الذي أورده لا يدل على ان نهاية الدرجة الاخيرة من تلك الدرجات منتهة الى الدرجة السافلة من العرش بل هو ساكت عنه فيجوز أن يكون المقدار أزيد مما ذكره لان طبقات المجاهدين متفاوتة على ان سقف الجنة وان كان هو عرش الرحمن لكن المراد به ذروته وهى التي ينتهى دونها عالم التركيب وهى موضع قدم النبي عليه السلام ليلة المعراج وما بين أسفل الجنة من محدب الكرسي الى أعلاها من تلك الذروة التي هى محدب العرش لا حد له يعرف على ما سيجيئ فى سورة الأعلى ان شاء الله تعالى فاذا تحققت هذا البيان الشافي فى الآية الكريمة وهو الذي أشار اليه الحكماء الالهية فدع عنك القيل والقال الذي قرره اهل المراء والجدال فمنه ان قوله فى يوم بيان لغابة ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على منهاج التمثيل
والتخييل والمعنى من الارتفاع بحيث لو قدر قطعها فى ذلك لكان ذلك الزمان مقدار خمسين الف سنة من ستى الدنيا انتهى وفيه ان كونه محمولا على التمثيل انما يظهر إذا فسرت المعارج بغير السموات وهو خلاف المقصود ومنه ان معناه تعرج الملائكة والروح الى عرشه فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة اى يقطعون فى يوم من ايام الدنيا ما يقطعهه الإنسان فى خمسين الف سنة لو فرض ذلك القطع وذلك لغاية سرعتهم وقوتهم على الطيران وبالفارسية اگر يكى از بنى آدم خواهد كه سير كند از دنيا تا آنجا كه محل امر ملائكه است وايشان بيكروز ميروند او بدين مقدار سال تواند رفت انتهى. وفيه ان سير الملائكة لحظى فيصلون من أعلى الأوج الى أسفل الحضيض فى آن واحد فتقدير سيرهم باليوم المعلوم فى العرف غير واضح ومنه ان اليوم فى الآية عبارة عن أول ايام الدنيا الى انقضائها وانها خمسون ألف سنة لا يدرى أحدكم مضى وكم بقي الا الله تعالى انتهى وفيه ان ايام الدنيا تزيد على ذلك زيادة بينة كما لا يخفى على اهل الأخيار وعندى انها ثلاثمائة وستون ألف سنة بمقدار ايام السنة دل عليه قولهم ان عمر الإنسان جامعة من جمع الآخرة وقد اسلفناه فى موضعه ومنه ان المراد باليوم هو يوم من ايام الدنيا يعرج فيه الأمر من منتهى أسفل الأرضين الى منتهى أعلى السموات ومقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة واما اليوم الذي مقداره ألف سنة كما فى سورة الم السجدة فباعتبار نزول الأمر من السماء الى الأرض وباعتبار عروجه من الأرض الى السماء فللنزول خمسمائة وكذا للصعود والمجموع ألف وفيه انه زاد فى الطنبور نغمة اخرى حيث اعتبر العروج من أسفل الأرضين ليطول المسافة وظاهر انه لا يتم المقصود بذلك ومنه ان المراد تصعد الحفظة باعمال بنى آدم كل يوم الى محلى قربته
وكرامته وهو السماء فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من سنى الدنيا لو صعد فيه غير الملك لان الملك يصعد من منتهى امر الله من أسفل السفل الى منتهى امره من فوق السماء السابعة فى يوم واحد ولو صعد فيه بنوا آدم لصعدوا فى خمسين ألف سنة انتهى وفيه ما فى السابق من تقدير اليوم فى حق الملائكة مع ان قصر الصعود على الصعود بمجرد العمل قصور لانه شأن الملائكة الحافظين والآية مطلقة عامة لهم ولغيرهم من المدبرات ومنه ان قوله فى يوم متعلق بواقع على أن يكون المراد به يوم القيامة والمعنى يقع العذاب فى يوم طويل مقداره خمسون الف سنة من سنى الدنيا فتكون جملة قوله تعرج الملائكة معترضة بين الظرف ومتعلقه انتهى وفيه انه من ضيق العطن لانه لا مانع من ارادة يوم القيامة على تقدير تعلقه بتعرج ايضا على ما عرف من تقديرنا السابق فان قلت لماذا وصف الله ذاته فى مثل هذا المقام بذي المعارج قلت للتنبيه على ان عروج الملائكة على مصاعد الافلاك ونزولهم منها انما هو للامر الإلهي كما قال تعالى يتنزل الأمر بينهن ومن امره إيصال اللطف الى أوليائه وإرسال القهر على أعدائه ففيه تحذير للكفار من عقوبة السماء النازلة بواسطة الملائكة كما وقعت للامم الماضية المكذبة وزجر لهم عما يؤدى الى المحاسبة الطويلة يوم القيامة هذا ما تيسر لى فى هذا المقام والعلم عند الله العلام وفى التأويلات النجمية فى ذى المعارج اى يصعد بتعذيب اهل الشهوات واللذات مرتبة فوق مرتبة ومصعدا فوق مصعد من معرج نفوسهم الى معرج قلوبهم ومنه الى معرج سرهم ومنه الى معرج روحهم يعذبهم فى كل مرتبة عذابا أشد من أول وفى قوله تعالى تعرج إلخ اى تعرج الخواطر الروحانية خصوصا خاطر جبريل الروح فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة من ايام الله وهى ايام السماء التي تحت حيطة الله الاسم الجامع فافهم قال القاشاني ذى المعارج اى المصاعد وهى مراتب الترقي من مقام الطبائع الى مقام المعادن بالاعتدال ثم الى مقام النبات ثم الى الحيوان ثم الى الإنسان فى مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض ثم فى منازل السلوك بالانتباه واليقظة والتوبة والانابة الى آخر ما أشار اليه اهل السلوك من منازل اليقين ومناهل القلب فى مراتب الفناء فى الافعال فى الذات مما لا يحصى كثرة فان له تعالى بإزاء كل صفة مصعدا بعد المصاعد المتقدمة
على مقام والصفات الى الفناء الفناء فى الصفات تعرج الملائكة من القوى الارضية والسمائية فى وجود الإنسان والروح الإنساني الى حضرته الذاتية الجامعة فى القيامة الكبرى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة وهو يوم من ايام الله العلى بالذات ذى المعارج العلى وهى الأيام الستة السرمدية من ابتداء الأزل الى انتهاء الابد واما اليوم المقدار بألف سنة فى قوله وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فهو يوم من ايام الرب المدبر الذي وقت به العذاب وانجاز الوعد فى قوله ويسعجلونك بالعذاب ولن بخلف الله وعده والتدبير فى قوله يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقدار الف سنة مما تعدون وذلك اليوم الأخير من الأسبوع الذي هو مدة الدنيا المنتهية بنبوة الخاتم ﷺ والذي قال فيه ان استقامت أمتي فلها يوم وان لم تسبقم فلها نصف يوم مع قوله بعثت انا والساعة كهاتين