
﴿إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والذين يصدقون بيوم الدين والذين هم من عذاب ربهم مشفقون إن عذاب ربهم غير مأمون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم بشهاداتهم قائمون والذين هم على صلاتهم يحافظون أولئك في جنات مكرمون﴾ ﴿إنّ الإنسانَ خُلِقَ هَلُوعاً﴾ قال الضحاك والكلبي: يعني الكافر. وفي الهلوع ستة أوجه: أحدها: أنه البخيل، قاله الحسن. الثاني: الحريص، قاله عكرمة. الثالث: الضجور، قاله قتادة. الرابع: الضعيف، رواه أبو الغياث. الخامس: أنه الشديد الجزع، قاله مجاهد. السادس: أنه الذي قاله الله تعالى فيه: ﴿إذا مسّه الشرُّ... ﴾ الآية، قاله ابن ابن عباس.
صفحة رقم 94
وفيه وجهان: أحدهما: إذا مسه الخير لم يشكر، وإذا مسه الشر لم يصبر، وهو معنى قول عطية. الثاني: إذا استغنى منع حق اللَّه وشح، وإذا افتقر سأل وألح، وهو معنى قول يحيى بن سلام. ﴿الذين هُمْ على صَلاتِهم دائمونَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يحافظون على مواقيت الفرض منها، قاله ابن مسعود. الثاني: يكثرون فعل التطوع منها، قاله ابن جريج. الثالث: لا يلتفتون فيها، قاله عقبة بن عامر. ﴿والذين هم لأماناتِهم وعَهْدِهم راعُونَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن الأمانة ما ائتمنه الناس عليه أن يؤديه إليهم، والعهد: ما عاهد الناس عليه أن يَفيَ لهم به، قاله يحيى بن سلام. الثاني: أن الأمانة الزكاة أن يؤديها، والعهد: الجنابة أن يغتسل منها وهو معنى قول الكلبي. ويحتمل ثالثاً: أن الأمانة ما نهي عنه من المحظورات، والعهد ما أمر به من المفروضات. ﴿والذين هُم بشهاداتِهم قائمونَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنها شهادتهم على أنبيائهم بالبلاغ، وعلى أممهم بالقبول أو الامتناع. الثاني: أنها الشهادات في حفظ الحقوق بالدخول فيها عند التحمل، والقيام بها عند الأداء. ويحتمل ثالثاً: أنهم إذا شاهدوا أمراً أقاموا الحق للَّه تعالى فيه، من معروف يفعلونه ويأمرون به، ومنكر يجتنبونه وينهون عنه.
صفحة رقم 95