آيات من القرآن الكريم

وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۖ قَالُوا نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ

لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أي: قيل لهم بِصِيَاحٍ، وهذا النداء من قِبَلِ اللَّه، «وأن» مفسرة لمعنى النداء، بمعنى: أي.
وقوله: بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لا على طَرِيق وجوب ذلك على اللَّه تعالى لكن بقرينة رحمته، وتغمده، والأعمال أمارة من اللَّه سبحانه وطريق إلى قوة الرَّجَاء، ودخولُ الجَنَّة إنما هو بِمُجَرَّدِ رحمته، والقَسْمُ فيها على قدر الأعمال. «وأورثتم» مشيرة إلى الأقسام.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]
وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٤٤) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥) وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦)
وقوله سبحانه: وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا مَا وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا... الآية.
هذا النداء من أهل الجنة لأهل النار تَقْرِيعٌ، وتوبيخ، وزيادة في الكَرْبِ، وهو بأن يشرفوا عليهم، ويخلق الإدراك في الأسماع والإبصار.
وقوله سبحانه: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أي: أعلم معلم، والظالمون هنا هم الكافرون.
ت: حكي عن غير وَاحِدٍ أن طاوس دخل على هشام بن عبد الملِكِ «١» فقال له: اتّق الله، واحْذَرْ يوم الأذان، فقال: وما يوم الأذان؟ فقال قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ فصعق هشام، فقال طاوس: هذا ذُلُّ الوَصْفِ، فكيف ذل المُعَايَنَةِ انتهى.
وَيَبْغُونَها عِوَجاً أي: يطلبونها، أو يطلبون لها، والضمير في يَبْغُونَها عائد على السَّبيل.

(١) هشام بن عبد الملك بن مروان: من ملوك الدولة الأموية في الشام. ولد في دمشق وبويع فيها بعد وفاة أخيه يزيد سنة ١٠٥ هـ، خرج عليه زيد بن علي بن الحسين سنة ١٢٠ هـ بأربعة عشر ألفا من أهل الكوفة، فوجه إليه من قتله وفلّ جمعه، نشبت في أيامه حرب هائلة مع خاقان الترك في ما وراء النهر، كان حسن السياسة، يقظا في أمره، يباشر الأعمال بنفسه. ولد سنة ٧١ هـ، وتوفي في سنة ١٢٥ هـ.
انظر: «ابن الأثير» (٥/ ٩٦) «الطبري» (٨/ ٢٨٣)، «اليعقوبي» (٣/ ٥٧)، «ابن خلدون» (٣/ ٨٠)، «الأعلام» (٨/ ٨٦).

صفحة رقم 32

وقوله سبحانه: وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.
وَبَيْنَهُما: أي: بين الجنة والنار، ويحتمل بين الجَمْعَيْنِ، والحِجَابُ هو السور الذي ذكره الله عز وجل في قوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ [الحديد: ١٣].
قال ابن عباس، وقال مجاهد: الأعراف حجاب بين الجنة والنار «١».
وقال ابن عباس أيضاً: هو تَلٌّ بين الجنة والنار».
وذكر الزّهراويّ حديثا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن أُحُداً جَبَلٌ يحبنا ونحبُّه، وإِنَّه يَوْمَ القِيَامَةِ يمثلُ بينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، يَحْتَبِسُ عَلَيْهِ أَقْوَامٌ، يعرفون كُلاًّ بِسِيماهُمْ، هُمْ إِن شَاءَ اللَّه من أَهْلِ الجَنَّةِ» «٣».
والأعراف جمع عرف، وهو المرتفع من الأرض، ومنه عُرْفُ الفرس، وعرف الديك لعلوِّهُمَا.
وقال بعض الناس: سُمِّيَ الأعراف أَعرافاً لأن أصحابه يعرفون الناس.
قال ع «٤» : وهذه عُجْمَةٌ، وإنما المراد على أعراف ذلك الحِجَاب، أي أعاليه.
وقوله: رِجالٌ قال الجمهور: إنهم رِجَالٌ من البَشَرِ، ثم اختلفوا في تعيينهم، فقال شرحبيل بن سَعْدٍ: هم المستشهدون في سَبِيلِ اللَّه الذين خَرَجُوا عُصَاةً لآبائِهِم «٥».
وذكر الطَّبَرِيُّ في ذلك/ حَدِيثاً عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنه تعادل عُقُوقُهم، واستشهادهم «٦».
وقال ابن عباس، وغيره: هم قوم اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وسيئاتهم «٧»، ووقع في «مسند

(١) أخرجه الطبري (٥/ ٤٩٨) برقم: (١٤٦٨٧)، (١٤٦٨٨) وبرقم: (١٤٦٨٦)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٤)، وابن كثير (٢/ ٢١٦)، وذكره السيوطي (٣/ ١٦٠)، (٣/ ١٦١).
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٤٩٨) برقم: (١٤٦٨٥)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٤)، وابن كثير (٢/ ٢١٦)، والسيوطي (٣/ ١٦١).
(٣) الحديث بهذا اللفظ لم أجده أما قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أحد جبل يحبنا ونحبه»
فثابت من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٤٠٤).
(٥) أخرجه الطبري (٥/ ٥٠١) برقم: (١٤٧١١)، وابن عطية (٢/ ٤٠٤)، والبغوي (٢/ ١٦٢) بنحوه.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٥٠١) برقم: (١٤٧١٣) والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٦٣)، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وأحمد بن منيع، والحارث بن أبي أسامة، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في كتاب «الأضداد»، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق»، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في «البعث».
(٧) أخرجه الطبري (٥/ ٥٠٠) برقم: (١٤٧٠٠- ١٤٧٠٥- ١٤٧٠٦)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٤)، والبغوي (٢/ ١٦٢)، وابن كثير (٢/ ٢١٦)، والسيوطي (٣/ ١٦٣).

صفحة رقم 33
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية