آيات من القرآن الكريم

يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ

وقوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً﴾. قال الزجاج: (ولا أقل من ساعة، ولكن ذكرت الساعة لأنها أقل أسماء الأوقات) (١).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾، إن قيل: ما معنى هذا مع استحالة التقدم على الأجل وقت حضوره، وكيف يحسن قوله: ﴿وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ بعد فناء الأجل؟؛ قيل: هذا على المقاربة؛ لأن العرب تقول: جاء الشتاء إذا قارب وقته. وجاء الصيف، ومع مقاربة (٢) الأجل تصور الاستقدام، وإن كان لا يتصور مع الانقضاء، والمعنى: ﴿لَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ عن (٣) آجالهم إذا انقضت، ﴿وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ عليها إذا قاربت الانقضاء، ولفظ قوله: ﴿إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ محتمل للمعنيين (٤).
٣٥ - قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ إلى آخر الآية

= بدون نسبة. والقول الأول أظهر. وهو قول الجمهور، والثاني داخل فيه ومعلوم أن لكل إنسان أجلاً لا يتعداه.
انظر: "تفسير الطبري" ٨/ ١٦٧، والسمرقندي ١/ ٥٣٨، والماوردي ٢/ ٢٢٠، وابن عطية ٥/ ٤٩٠، ٤٩١.
(١) "معاني القرآن" ٢/ ٣٣٤، ومثله ذكر النحاس في "معانيه" ٣/ ٣٠.
(٢) لفظ: (مع مقاربة) عليه طمس في (أ).
(٣) في (ب): (مع).
(٤) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٤/ ٦٨، ونقله عن الواحدي السمين في "الدر" ٥/ ٣٠٨، وقال: (هذا بناء منه على أنه معطوف على ﴿لَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ وهو ظاهر أقوال المفسرين، وهذا لا يجوز؛ لأن (إذا) إنما يترتب عليها وعلى ما بعدها الأمور المستقبلية لا الماضية، والاستقدام بالنسبة إلى مجيء الأجل متقدم عليه، فكيف يترتب عليه؟ ويصير هذا من باب الإخبار بالضروريات التي لا يجهل أحد معناها، وهو مستأنف معناه الإخبار بأنهم لا يسبقون أجلهم المضروب لهم، بل لا بد من استيفائهم إياه، كما أنهم لا يتأخرون عنه أقل زمان) اهـ. ملخصًا. وانظر: "البحر المحيط" ٤/ ٢٩٣.

صفحة رقم 111

مفسر ومشروح في سورة البقرة، وهو قوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ الآية [البقرة: ٣٨]، قال عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾: (يريد: فرائضي وأحكامي، ﴿فَمَنِ اتَّقَى﴾ يريد: اتقاني وخافني، ﴿وَأَصْلَحَ﴾ يريد: ما بيني وبينه، ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يريد: يوم الفزع الأكبر (١)، واختلف أهل المعاني في أن المؤمنين هل يلحقهم خوف وحزن عند أهوال القيامة، فبعضهم ذهب إلى: أنه لا يلحقهم ذلك لعموم نفيه في هذه الآية، وذهب بعضهم إلى أنه يلحقهم لقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ الآية [الحج: ٢].
وأما قوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾، معناه: أن أمرهم يؤول إلى الأمن والسرور كقول الطبيب للمريض: لا بأس عليه، أي: أن أمره يؤول إلى العافية والسلامة، وإن كان في الوقت في بأس (٢) من علته (٣)، وجواب قوله: ﴿إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ هو ما دل عليه الكلام؛ كأنه قيل: فأطيعوهم، هذا قول الأخفش (٤).
وقال الزجاج: (جوابه في الفاء في قوله: ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ﴾ (٥)،

(١) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٧٧، والبغوي ٣/ ٢٢٧، وفي "تنوير المقباس" ٢/ ٩١ - ٩٢ نحوه، وجاء عند الواحدي والبغوي عنه في قوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ قال: (إذا خاف الناس، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ إذا حزنوا) اهـ.
(٢) في (ب): (فلا بأس عليه)، وهو تحريف.
(٣) انظر: "تفسير السمرقندي" ١/ ٥٣٩، والرازي ١٤/ ٦٩، والقرطبي ٧/ ٢٠٢.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٢٧٩.
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٣٣٤، وانظر: "تفسير الطبري" ٨/ ١٦٨، و"إعراب النحاس" ١/ ٦١٠، و"الكشاف" ٢/ ٧٧، و"تفسير ابن عطية" ٥/ ٤٩٣، و"الدر المصون" ٥/ ٣٠٩.

صفحة رقم 112
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
عدد الأجزاء
1