آيات من القرآن الكريم

أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘ

المؤمنون وهم مؤمنوا أهل الكتاب. ويقال: هم الذين وراء رمل عالج وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وهم الكفار منهم وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ يعني: اختبرناهم بالخصب والجدوبة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ من الكفر إلى الإيمان.
ثم قال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ يعني: بعد بني إسرائيل خلف السوء وَرِثُوا الْكِتابَ يعني: التوراة يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى يقول: يستحلون أخذ الحرام من هذه الدنيا وهو الرشوة في الحكم وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا قال مجاهد: يعني: يأخذون ما يجدون حلالاً أو حراماً ويتمنَّون المغفرة وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أي وإن يجدوا مثله من العرض يأخذوه. ويقال: معناه أنهم يصرون على الذنوب وأكل الحرام، فإذا أخذوا أول النهار يعودون إليه في آخر النهار ولا يتوبون عنه. ويقال: يطلبون بعلمها الدنيا. ويقال: يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون: سيغفر لنا هذه المرة. وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ويقولون مثل ذلك: أي سيغفر لنا لأنا لا نشرك بالله شيئاً. وقال سعيد بن جبير: يأخذون عرض هذا الأدنى. يقول: يعملون بالذنوب. ويقولون: سيغفر لنا ما عملنا بالليل كفر عنا بالنهار. وما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل. وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ يعني: الذنوب. قال الله تعالى:
أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ يعني: ألم يؤخذ عليهم ميثاقهم في التوراة أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ أي: إلا الصدق وَدَرَسُوا مَا فِيهِ أي قرءوا ما فيه وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أي: يتقون الشرك، ويحلون حلاله، ويحرمون حرامه أَفَلا تَعْقِلُونَ أن الآخرة خير من الدنيا. ويقال: أَفَلا يَعْقِلُونَ ما يدرسون من الكتاب. ويقال: أَفَلا يَعْقِلُونَ أن الإصرار على الذنوب ليس من علامة المغفورين، قرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص أَفَلاَ تَعْقِلُونَ بالتاء على وجه المخاطبة. وقرأ الباقون بالياء على وجه المغايبة.
قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ يعني: يعملون بالتوراة ولا يغيرونها عن مواضعها وَأَقامُوا الصَّلاةَ يعني: أتموا الصلاة المفروضة إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ يعني: عمل الموحدين وهم الذين يمسكون بالكتاب، وأقاموا الصلاة. قرأ عاصم في رواية أبي بكر يُمَسِّكُونَ بالتخفيف. وقرأ الباقون يُمَسِّكُونَ بالتشديد على معنى المبالغة.
ثم قال تعالى:
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٧١ الى ١٧٤]
وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١) وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤)

صفحة رقم 562

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ يقول: قلعنا ورفعنا الجبل فوقهم كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ أي كهيئة الغمام وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ أي أنه يعني: أيقنوا الجبل واقع بهم خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أي قيل لهم: اعملوا بما أعطيناكم من التوراة بقوة أي بجد ومواظبة وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ أي اعملوا ما فيه من الحلال والحرام والأمر والنهي لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ المعاصي، وذلك حين أبوا أن يقبلوا التوراة، فرفع الجبل فوقهم فقبلوا.
وقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ أي: اذكر يا محمد إذا أخذ ربك. ويقال: معناه وقد أخذ ربك من بني آدم من ظهور بني آدم ذُرِّيَّتَهُمْ يعني: أَخَذَ رَبُّكَ مِن ظهور بني آدم ذُرّيَّتُهُم. وقال بعضهم: يعني الذرية التي تخرج وقتاً بعد وقت إلى يوم القيامة وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ فقال لهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى يعني: إنَّ كل بالغ تشهد له خلقته بأن الله تعالى واحد شَهِدْنا يعني: قال الله تعالى شهدنا أَنْ تَقُولُوا أي لكيلا تقولوا. ويقال: هذا كراهة أن يقولوا: يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ وروي عن أبي صالح عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: إن الله مسح على ظهر آدم فأخرج ذريته من صلبه كهيئة الذر من هو مولود إلى يوم القيامة. فقال لهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شهدنا بأنك ربنا قال بعضهم: هذا التفسير لا يصح وطعنوا فيه من وجوه أحدها أن الرواية لم تصح لأنها رواية أبي صالح، وأبو صالح ليس ممن يعتمد على روايته، لأنه روي عن الشعبي أنه كان يمر بأبي صالح، وأبو صالح ليس ممن يعتمد على روايته، لأنه روي عن الشعبي أنه كان يمر بأبي صالح ويفرك أذنه، ويقول له: إنك لم تحسن أن تقرأ القرآن، فكيف تفسره بالرأي. قالوا: ولأن هذا غير محتمل في اللغة لأنه قال: من ظهورهم ولم يقل من ظهر آدم.
قالوا: ولأنه لا يجوز من الحكيم أن يخاطب الذر. وإنما يجوز خطاب من هو عاقل. ومن كان مثل الذر كيف يجوز خطابه؟ قالوا: ولأنه لا يجوز أن تكون حجة الله بشيء لم يذكر.
وإنما تكون الحجة بشيء يكون الإنسان ذاكراً له. قالوا: ولأن الله تعالى قال: رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ [غافر: ١١] ولم يقل: أحييتنا ثلاث مرات. ولكن الجواب أن يقال: إن الرواية صحيحة، لأن الآثار قد جاءت عن أصحاب رسول الله ﷺ ما لا يجوز دفعه. فمن ذلك ما حدثنا الخليل بن أحمد. قال: حدثنا الماسرخسي. قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وهو ابن علية عن كلثوم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ قال: مسح الله تعالى ظهر آدم فأخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة. فأخذ ميثاقهم وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى.

صفحة رقم 563

قال: حدثنا الشيخ الرئيس أبو طاهر محمد بن داود. قال: حدثنا محمد بن أحمد بأستراباذ. قال: حدثنا أحمد بن زكريا. قال: حدثنا عبد السلام بن صالح عن جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري. قال: حججنا مع عمر في أول خلافته فوقف على الحجر ثم قال: أما إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ قبَّلك ما قبّلتك. فقال له عليّ- رضي الله عنه-: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فإنه يضر وينفع بإذن الله. ولو أنك قرأت القرآن وعلمت ما فيه ما أنكرت عليّ ما قلت. قال الله تعالى:
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فلما أقروا بالعبودية على أنفسهم، كتب إقرارهم في رق، ثم دعا هذا الحجر فقال له: افتح قال: فألقمه ذلك الرق فهو أمين الله في هذا المكان يشهد لمن استلمه ووافاه يوم القيامة. فقال له عمر- رضي الله عنه-: لقد جعل الله بين ظهرانيكم من العلم غير قليل.
وروى ربيع بن أنس عن أبن العالية عن أبي بن كعب في قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ الآية. قال: جمعهم جميعاً فجعلهم أرواحاً، ثم صورهم، ثم استنطقهم، ثم قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شهدنا بأنك ربنا. قال: فإني أرسل إليكم رسلي، وأنزل عليكم كتبي، فلا تكذبوا رسلي، وصدقوا وعدي وأخذ عهدهم وميثاقهم فنظر إليهم آدم فرأى منهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك. فقال آدم: رب لو شئت سويت بين عبادك.
فقال: إني أحببت أن أشكر. قال: والأنبياء يومئذ مثل السرج فأخذ عليهم ميثاق الرسالة أن يبلغوها. فهو قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ [الأحزاب: ٧] الآية.
قال الفقيه: أخبرني الثقة بإسناده عن مالك بن أنس عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية فقال عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ أنه سئل عن هذه الآية فقال: «إنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ:
خَلَقْتُ هؤلاء لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ يَعْمَلُونَ. ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظهره فاستخرج منه ذرية، فَقَالَ:
خَلَقْتُ هؤلاء لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ»
. فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال:
«إن الله تعالى إذا خَلَقَ العَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ. وَإذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ النَّارَ». وبهذا احتج الجبرية أن ما عمل عبد عملاً من خير أو شر إلا ما قدره الله تعالى يوم الميثاق.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما خلق الله تعالى آدم أخرج ذريته من ظهره مثل الذر، فقال لأصحاب اليمين: هؤلاء في الجنة ولا أبالي وقال للآخرين: هؤلاء في النار ولا أبالي.

صفحة رقم 564

وروى أسباط عن السدي في قول الله تعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ الآية. قال: لما أخرج الله تعالى آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء، مسح صفحة ظهر آدم اليمين فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر فقال: ادخلوا الجنة برحمتي، ومسح صفحة ظهره اليسرى أخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال لهم: ادخلوا النار ولا أبالي. فذلك حين يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ثم أخذ منهم الميثاق فقال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فأجابه طائفة طائعين، وطائفة كارهين. فقال هو والملائكة شهدنا أن تقولوا يوم القيامة:
إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ.
فلما رويت فيه من الأخبار من طرق شتى لا يجوز رده، ويرجع الطعن إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- ورضي الله تعالى عنهم-. ويجب للطاعن أن يطعن في فهم نفسه لا في الصحابة. وهذا كقوله: وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ [الأحقاف: ١١] أما الجواب عن قولهم: إنه قال: مِنْ ظُهُورِهِمْ ولم يقل من ظهر آدم فالمعنى في ذلك- والله أعلم- أنه قد أخرج ذرية آدم الذين هم ولده من صلبه، ثم أخرج من ظهورهم ذريتهم، ثم أخرج من بعدهم حتى أخرج جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة، فأخرج من ظهورهم كل نسمة تخرج من ظهر، فذكر الأخذ من ظهور ذريته، ولم يذكر ظهر آدم لأن في الكلام دليلاً عليه كما قال الله تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ [غافر: ٤٦] ولم يذكر فرعون لأن في الكلام دليلاً عليه.
وأما الجواب عن قولهم: إنه لا يجوز خطاب الذر فعن هذا القول جوابان. أحدهما: أنه يجوز أن يكونوا كالذر في الصغر ويرزقهم الله تعالى من العقل ما يكونوا به من أهل الخطاب.
ألا ترى أن نملة سليمان بن داود- عليهما السلام- قد تكلمت بكلام العقلاء وفهم ذلك عنها سليمان، وسبَّح الطير والجبال مع داود، فكذلك هذا. والجواب الثاني أنهم كانوا كالذر في الازدحام والكثرة لا في الخلقة والجثة. ولكنهم في الخلقة مثل خلقتهم اليوم لأن الذر إذا كثرت وازدحمت لا يعرف عددها. فكذلك ذرية آدم كانوا في الكثرة والازدحام مثل الذر.
ولكنهم في الخلقة مثل خلقتهم اليوم. والجواب عن قولهم: أنه لا تكون الحجة بشيء لم يذكر أن يقال: إن الله تعالى قد أرسل الرسل وأخبرهم بذلك الميثاق، وإذا أخبرهم الرسل بذلك صار حجة عليهم. فإن قيل: إن الرسل وإن أخبروهم فإذا لم يذكروا ذلك فكيف يصير حجة عليهم؟ قيل لهم: وإن لم يذكروا صار قول الثقات حجة عليهم. ألا ترى أن رجلاً لو طلق امرأته وقد نسي فشهد عليه شاهدان عدلان بأنه قد طلقها قبل غيبته عنها يجب عليه أن يقبل قولهما. وكذلك لو صلى فشهد عليه عدلان أنه ترك ركعة من صلاته وجب عليه أن يأخذ بقولهما وإن كان لا يذكر. فكذلك هاهنا والجواب عن قولهم أنه لم يقل: أحييتنا ثلاث مرات.
لأن الإحياء المعروف مرتان فذكر الإحياء الذي كان معروفاً عنده. وقوله تعالى: شَهِدْنا قال

صفحة رقم 565
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية