آيات من القرآن الكريم

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ

فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم الطوفان) قَالَ عَطاء: أَرَادَ بالطوفان: الْمَوْت الذريع، وَقيل: السَّيْل الْعَظِيم، وَفِي الْقِصَّة: أَنهم مُطِرُوا من السبت إِلَى السبت، حَتَّى بلغ المَاء تراقيهم، فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يجلس غرق فِي المَاء؛ فاستغاثوا بمُوسَى وَقَالُوا: ادْع الله حَتَّى يمسك ونؤمن لَك؛ فَدَعَا الله - تَعَالَى - فَأمْسك عَنْهُم الْمَطَر، فأخرجت

صفحة رقم 207

الأَرْض تِلْكَ السّنة نباتا كثيرا وأخصبت، فَقَالُوا: هَذَا كَانَ خيرا لنا، فَلم يُؤمنُوا وَكَفرُوا بِهِ؛ فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْجَرَاد؛ فَأكل زرعهم ونباتهم إِلَّا قَلِيلا؛ فاستغاثوا بمُوسَى حَتَّى يَدْعُو الله - تَعَالَى - فَيدْفَع عَنْهُم ذَلِك.
وَفِي أَخْبَار عمر - رَضِي الله عَنهُ -: أَنه قل الْجَرَاد فِي زَمَانه سنة، فَبعث رَاكِبًا قبل الْيمن وراكبا قبل الشَّام وراكبا قبل الْعرَاق؛ ليطلبوا الْجَرَاد؛ فجَاء رَاكب الْيمن بكف من جَراد، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - الله أكبر، إِن لله - تَعَالَى - ألف أمة: سِتّمائَة فِي الْبر، وَأَرْبَعمِائَة فِي الْبَحْر، وَأول أمة تهْلك الْجَرَاد، ثمَّ تتبعهم سَائِر الْأُمَم الباقيين ".
وَفِي الْأَخْبَار: أَن مَرْيَم سَأَلت [رَبهَا]، وَقَالَت: يَا رب أَطْعمنِي لَحْمًا بِلَا دم؛ فأطعمها الْجَرَاد. وَفِي الْخَبَر " مَكْتُوب على صدر كل جَرَادَة جند الله الْأَعْظَم ".
رَجعْنَا إِلَى الْقِصَّة، فَلَمَّا رفع عَنْهُم الْجَرَاد لم يُؤمنُوا أَيْضا؛ فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْقمل، قَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة: الْقمل صغَار الْجَرَاد، وَهِي: الدبي الَّتِي لَيست لَهَا أَجْنِحَة، وَعَن ابْن عَبَّاس - فِي رِوَايَة أُخْرَى - أَن الْقمل: سوس الْحِنْطَة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ كبار القراد، وسمى القراد الْكَبِير: حمنان أَيْضا، وَقيل: الْقمل هُوَ الْقمل، وَقيل: هُوَ الرعاف. فاستغاثوا بمُوسَى، فَدَعَا الله فَرفع عَنْهُم فَلم يُؤمنُوا؛ فَسلط عَلَيْهِم الضفادع.
وَفِي الْقِصَّة: أَن مُوسَى جَاءَ إِلَى شط الْبَحْر وَأَشَارَ بعصاه إِلَى أدنى الْبَحْر وأقصاه، فَخرجت الضفادع حَتَّى امْتَلَأت بُيُوتهم - وَكَانَت قوافز - وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا فتح فَاه ليَتَكَلَّم تثب فِي فِيهِ، وكل من نَام مِنْهُم فَإِذا انتبه من النّوم يرى على بدنه مِنْهَا قدر ذِرَاع، وَكَانَ إِذا تكلم الرجل تقفز فِي فَمه، ثمَّ رفع عَنْهُم فَلم يُؤمنُوا؛ فَجعل الله نيل مصر عَلَيْهِم دَمًا - وَكَانَ كل ذَلِك للقبط خَاصَّة - وَكَانَ القبطي يَأْخُذ من النّيل الدَّم، وَبَنُو إِسْرَائِيل يَأْخُذُونَ المَاء، حَتَّى كَانَ الْكوز الْوَاحِد يشرب القبطي مِنْهُ دَمًا عبيطا،

صفحة رقم 208

﴿الطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم آيَات مفصلات فاستكبروا وَكَانُوا قوما مجرمين (١٣٣) وَلما وَقع عَلَيْهِم الرجز قَالُوا يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك بِمَا عهد عنْدك لَئِن كشفت عَنَّا الرجز لنؤمنن لَك ولنرسلن مَعَك بني إِسْرَائِيل (١٣٤) فَلَمَّا كشفنا عَنْهُم الرجز إِلَى أجل هم بالغوه إِذا هم ينكثون (١٣٥) فانتقمنا مِنْهُم فأغرقناهم فِي اليم بِأَنَّهُم كذبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غافلين (١٣٦) وأورثنا الْقَوْم الَّذين كَانُوا يستضعفون مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الَّتِي باركنا فِيهَا وتمت كلمت رَبك الْحسنى على بني إِسْرَائِيل بِمَا﴾ والإسرائيلي مَاء؛ فَذَلِك معنى قَوْله: ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم الطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم، آيَات مفصلات﴾ وتفصيلها أَن كل عَذَاب مِنْهَا يَمْتَد أسبوعا، وَكَانَ بَين كل عذابين شهر ﴿فاستكبروا وَكَانُوا قوما مجرمين﴾.

صفحة رقم 209
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية