آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

١٣٠ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ الآية. السنين: جمع السنة (١)، وقد ذكرنا (٢) كيف كانت السنة في الأصل والاختلاف فيها عند قوله: ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ [البقرة: ٢٥٩].
قال أبو علي الفارسي: (السنة على معنيين؛ أحدهما: يراد بها الحول والعام، والآخر: يراد بها الجدب، وهو (٣) خلاف الخصب، فمما أريد به الجدب هذه (٤) الآية، وقوله - ﷺ -: "اللهم سنين كسني يوسف" (٥)، وقول عمر -رضي الله عنه-: (إنا لا نقطع في عام السنة) (٦). أي: في عام الجدب.

(١) انظر: "العين" ٤/ ٨، و"الجمهرة" ١/ ١٣٥، و"تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٨٢، و"الصحاح" ٦/ ٢٢٣٥، و"المجمل" ٢/ ٤٧٤، و"مقاييس اللغة" ٣/ ١٠٣، و"المفردات" ص ٤٢٩، و"اللسان" ٤/ ٢١٢٧ (سنة).
(٢) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية ١/ ١٥٦ أ.
(٣) لفظ: (هو) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (في هذه الآية).
(٥) الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب الاستسقاء، باب دعاء النبي - ﷺ - رقم (١٠٠٦)، ومسلم رقم (٦٧٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب المساجد، باب: استحباب القنوت، وأخرجه البخاري برقم (٤٨٢١) كتاب التفسير، باب: يغشى الناس في تفسير سورة الدخان، ومسلم رقم (٢٧٩٨) كتاب صفة الجنة والنار، باب: الدخان، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٦) الأثر أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" ١٠/ ٢٤٢، وابن أبي شيبة ٥/ ٥١٦ (٢٨٥٧٧) بسند ضعيف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لا يقطع في عذق، ولا في عام السنة) اهـ، وأورده الحافظ في "تلخيص الحبير" ٤/ ٧٠ وقال: (أخرجه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني في "جامعه" عن أحمد بن حنبل وقال: سألت أحمد عنه فقال: العذق النخلة وعام سنة عام المجاعة، فقلت لأحمد تقول به؟ قال: إي لعمري) اهـ، وذكره الألباني في "إرواء الغليل" ٨/ ٨٠ وقال: (ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة) اهـ.

صفحة رقم 296

وقول حاتم (١):

فإنَّا نُهِينُ المالُ منْ غَيْرِ ظنَّهٍ ولا يَشْتَكِينا في السنينَ ضَرِيرُها
أي: لا يشتكينا الفقر في المحل لأنا نسعفه ونكفيه، ولما كانت السنة يعني بها الجدب اشتقوا منها كما يشتق من الجدب فقيل: أسنتوا كما يقال: أجدبوا) (٢). قال الشاعر (٣):
وَرِجالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
وقالوا في جمع السنة: سنون وسنين، وإنما جمعت هذا الجمع للنقصان الذي لحقها، وقد مرّ بيان هذا في هذا الكتاب (٤).
قال أبو زيد: (وبعض العرب يقول: هذه سنين ورأيت سنيناً فيعرب النون) (٥).
(١) "ديوانه" ص٦٢، و"البحر المحيط" ٤/ ٣٦٩، و"الدر المصون" ٥/ ٤٢٧، وفي الديوان (وما) بدل (ولا).
(٢) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٣٦٩ - ٣٧٢.
(٣) الشاهد لعبد الله بن الزِّبَعْرَى في "ديوانه" ص ٥٣، و"الصحاح" ٥/ ٢٠٥٨ (هشم)، والقرطبي ٧/ ٢٦٤، و"اللسان" ٤/ ٢١١١ (سنن)، ولمطرود بن كعب الخزاعي في "الاشتقاق" ص ١٣، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٧٦٤ (هشم) ولبنت هاشم بن عبد مناف في "العين" ٣/ ٤٠٥، و"المبهج" لابن جني ص ٦٠، و"اللسان" ٨/ ٤٦٦٨ (هشم) وبلا نسبة في "النوادر" لأبي زيد ص ١٦٧، و"الكامل" للمبرد ١/ ٢٠٩، و"المقتضب" ٢/ ٣١١، ٣١٥، و"سر صناعة الإعراب" ٥٣٥، والرازي ١٤/ ٢١٤، و"البحر" ٤/ ٣٦٩، و"الدر المصون" ٥/ ٤٢٧، وصدره:
عَمْرُو العُلاَ هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ
وعمرو هو ابن هاشم جد النبي - ﷺ - سمي هاشمًا؛ لأنه هشم الخبز فجعله ثريدًا، ومسنتون: أي أصابتهم سنة وقحط وعجاف: هزل وضعف. انظر: "حاشية ديوان عبد الله بن الزبعرى" ص ٥٢ - ٥٤.
(٤) انظر: "البسيط" النسخة الآزهرية ١/ ٧٣ أو ١٥٦ أ
(٥) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٨٢ وزاد: (وبعضهم يجعلها نون الجمع فيقول: هذه سنون،=

صفحة رقم 297

ونحو ذلك قال الفراء (١)؛ فمن ذلك قول الشاعر (٢):

دَعَاني مِنْ نَجْدٍ فَإنَّ سِنِينَهُ لَعِبْنَ بِنَا شِيبًا وَشَيَّبْننَا مُرْدًا
وقال أبو إسحاق: (السنين في كلام العرب: الجدوب، يقال: مستهم السنة، [ومعناه: جدب السنة] (٣) وشدة السنة) (٤).
قال عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ﴾، (يريد: بالجوع) (٥).
وقال الفراء: (﴿بِالسِّنِينَ﴾ بالقحط والجدوبة عاماً بعد عام) (٦).
قال ابن عباس (٧) وقتادة (٨) والمفسرون (٩): (السنون لأهل البوادي، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ لأهل القرى).
= ورأيت سنين، وهذا هو الأصل لأن النون نون الجمع والسنة سنة القحط) اهـ.
(١) "معاني الفراء" ٢/ ٩٢ وفيه: (وهي لغة كثيرة في أسد وتميم وعامر وأنشدني بعض بني عامر) ثم ذكر الشاهد.
(٢) الشاهد للصمة بن عبد الله القشيري في "ديوانه" ص ٦٠ وبلا نسبة في "مجالس ثعلب" ص ١٤٧، ٢٦٦، و"الحجة" لأبي علي ٢/ ٣٧٤، و"التكملة" لأبي علي ص ٥٠٣، و"أمالي ابن الشجري" ٢/ ٢٦١، والرازي ١٤/ ٢١٤، و"اللسان" ٧/ ٤٣٤٦ (نجد)، و"الدر المصون" ٥/ ٤٢٦، والشاهد: (فإن سنينه) حيث نصب سنين بالفتحة ولم يعاملها معاملة المذكر السالم في نصبها بالياء انظر: "الخزانة" ٨/ ٥٨.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٦٨ وفيه: (وشدة السنة ونقص الثمرات) اهـ.
(٥) "تنوير المقباس" ٢/ ١٢٠ وفيه: (بالقحط والجوع عامًا بعد عام) اهـ.
(٦) "معاني الفراء" ١/ ٣٩٢.
(٧) لم أقف عليه.
(٨) أخرجه الطبري ٩/ ٢٩، وابن أبي حاتم ٥/ ١٥٤٢ بسند جيد.
(٩) انظر: "الكشف" للثعلبي ٦/ ٩ أ، والبغوي ٣/ ٢٦٨ والرازي ١٤/ ٢١٤.

صفحة رقم 298
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية