آيات من القرآن الكريم

قَالُوا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ
ﭹﭺﭻﭼﭽ

خلاف؛ إذ ذلك أيسر وأقل في العقوبة من القطع من جانب، والقطع من جانب أشد وأنكل من القطع من خلاف؛ إذ القطع من خلاف لا يمنع القيام ببعض المنافع، ولا يعمل في إتلاف النفس؛ إذ جعل ذلك حدّا في بعض العقوبات، ولم يجعل القطع من جانب عقوبة بحال، فدل أنه أشد وأنكل، ويعمل في إهلاك النفس، والقطع من خلاف لا يعمل، دل أنه لجهله ما قال.
أو أن اختار القطع من خلاف ليكون مؤنة الصلب عليهم لا عليه؛ لأن المقطوع من خلاف قد يمكن له الصعود على الخشبة، والثاني: لا، واللَّه أعلم. وقوله: (قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥)
وقال في موضع آخر (لَا ضَيرَ)، هذا - واللَّه أعلم - يخرج على وجهين:
أحدهما: على الإقرار منهم بالبعث، والإيمان به.
والثاني: وعيد منهم لفرعون لعنه اللَّه؛ حيث أوعدهم بقطع الأيدي والأرجل والصلب وغير ذلك من العقوبات، فقالوا: إنا وأنت إلى ربنا منقلبون، فتجزى وتعاقب جزاء صنيعك بنا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا... (١٢٦)
قيل فيه بوجهين:
قيل: قوله: (وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا) أي: وما تعيب علينا، وتطعن إلا بما كان منا من الإيمان بآيات ربنا لما جاءتنا، وهو ما جاءهم من الآيات.
وقيل: وما تعاقبنا وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا، وكان الحق عليك - وعلينا - أن تؤمن بها كما آمنا نحن.

صفحة رقم 534

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا).
قوله: (أَفْرِغْ). قيل: أنزل علينا صبرًا.
وقيل: أتمم لنا صبزا.
وقيل: اصبب علينا صبرًا، وهو كله واحد.
ثم يحتمل سؤالهم الصبر لما لعله إذا فعل بهم بما أوعد من العقوبات لم يقدروا على التصبر على ذلك، فيتركون الإيمان؛ لذلك سألوا ربهم الصبر على ذلك ليثبتوا على الإيمان به.
(وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ).
سألوا ربهم -أيضًا- التوفي على الإسلام، وهكذا كان دعاء الأنبياء، كما فال يوسف: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا...) الآية.

صفحة رقم 535
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
عدد الأجزاء
1