آيات من القرآن الكريم

قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَبِيلِ مَا تُشَعْبِذُهُ سَحَرَتُهُمْ فَلِهَذَا جَمَعُوا لَهُ السَّحَرَةَ لِيُعَارِضُوهُ بِنَظِيرِ مَا أَرَاهُمْ مِنَ الْبَيِّنَاتِ كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عن فرعون حيث قَالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يَا مُوسى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى [طه:
٥٧- ٦٠] وقال تعالى هاهنا:
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١١٣ الى ١١٤]
وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا تَشَارَطَ عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ وَالسَّحَرَةُ الَّذِينَ اسْتَدْعَاهُمْ لِمُعَارَضَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ غَلَبُوا مُوسَى لَيُثِيبَنَّهُمْ وَلَيُعْطِينَّهُمْ عَطَاءً جَزِيلًا فَوَعَدَهُمْ وَمَنَّاهُمْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مَا أَرَادُوا ويجعلهم مِنْ جُلَسَائِهِ وَالْمُقَرِّبِينَ عِنْدَهُ فَلَمَّا تَوَثَّقُوا مِنْ فرعون لعنه الله.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١١٥ الى ١١٦]
قالُوا يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)
هَذِهِ مُبَارَزَةٌ مِنَ السَّحَرَةِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِمْ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ أَيْ قَبْلَكَ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى [طه: ٦٥] فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلْقُوا أَيْ أَنْتُمْ أَوَّلًا، قيل الحكمة فِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِيَرَى النَّاسُ صَنِيعَهُمْ ويتأملوا فإذا فرغوا مِنْ بَهْرَجِهِمْ وَمُحَالِهِمْ جَاءَهُمُ الْحَقُّ الْوَاضِحُ الْجَلِيُّ بعد التطلب لَهُ وَالِانْتِظَارِ مِنْهُمْ لِمَجِيئِهِ فَيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَكَذَا كَانَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ أَيْ خَيَّلُوا إلى الأبصار أن ما فعلوا لَهُ حَقِيقَةٌ فِي الْخَارِجِ وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا مُجَرَّدَ صَنْعَةٍ وَخَيَالٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى [طه: ٦٦- ٦٩].
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَلْقَوْا حِبَالًا غِلَاظًا وَخُشُبًا طِوَالًا، قَالَ فَأَقْبَلَتْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى «١» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: صَفَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَاحِرٍ مَعَ كُلِّ سَاحِرٍ حِبَالُهُ وَعِصِيُّهُ وَخَرَجَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ أَخُوهُ يَتَّكِئُ عَلَى عَصَاهُ حَتَّى أَتَى الْجَمْعَ وَفِرْعَوْنُ فِي مَجْلِسِهِ مَعَ أَشْرَافِ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ ثُمَّ قَالَ السَّحَرَةُ يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ [طه: ٦٥- ٦٧] فَكَانَ أَوَّلُ مَا اخْتَطَفُوا بِسِحْرِهِمْ بَصَرَ مُوسَى وَبَصَرَ فِرْعَوْنَ ثُمَّ أَبْصَارَ الناس بعد ثم ألقى كل رجل

(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٢١.

صفحة رقم 410
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية