آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭ

إحسانه وتمكينه كيدا كما سماه استدراجا، لكونه في صورة الكيد حيث كان سببا للتورّط في الهلكة، ووصفه بالمتانة لقوّة أثر إحسانه في التسبب للهلاك.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]
أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧)
المغرم: الغرامة، أى لم تطلب منهم على الهداية والتعليم أجرا، فيثقل عليهم حمل الغرامات في أموالهم، فيثبطهم ذلك عن الإيمان أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ أى اللوح فَهُمْ يَكْتُبُونَ منه ما يحكمون به.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٨ الى ٥٠]
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠)
لِحُكْمِ رَبِّكَ وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ يعنى: يونس عليه السلام إِذْ نادى في بطن الحوت وَهُوَ مَكْظُومٌ مملوء غيظا، من كظم السقاء إذا ملأه، والمعنى: لا يوجد منك ما وجد منه من الضجر والمغاضبة، فتبتلى ببلائه.
حسن تذكير الفعل لفصل الضمير في تداركه. وقرأ ابن عباس وابن مسعود: تداركته. وقرأ الحسن: تداركه، أى تتداركه على حكاية الحال الماضية، بمعنى: لولا أن كان يقال فيه تتداركه، كما يقال: كان زيد سيقوم فمنعه فلان، أى كان يقال فيه سيقوم. والمعنى: كان متوقعا منه القيام.
ونعمة ربه: أن أنعم عليه بالتوفيق للتوبة وتاب عليه. وقد اعتمد في جواب «لولا» على الحال، أعنى قوله وَهُوَ مَذْمُومٌ يعنى أنّ حاله كانت على خلاف الذمّ حين نبذ بالعراء، ولولا توبته لكانت حاله على الذمّ. روى أنها نزلت بأحد حين حل برسول الله ﷺ ما حل به، فأراد أن يدعو على الذين انهزموا. وقيل: حين أراد أن يدعو على ثقيف. وقرئ: رحمة من ربه فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فجمعه إليه، وقربه بالتوبة عليه، كما قال: ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ أى من الأنبياء. وعن ابن عباس: ردّ الله إليه الوحى وشفعه في نفسه وقومه.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٥١ الى ٥٢]
وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢)

صفحة رقم 596

إن مخففة من الثقيلة واللام علمها. وقرئ، ليزلقونك بضم الياء وفتحها. وزلقه وأزلقه بمعنى: ويقال: زلق الرأس وأزلقه: حلقه: وقرئ: ليزهقونك، من زهقت نفسه وأزهقها، يعنى:
أنهم من شدّة تحديقهم ونظرهم إليك شزرا بعيون العداوة والبغضاء، يكادون يزلون قدمك أو يهلكونك، من قولهم: نظر إلىّ نظرا يكاد يصرعني، ويكاد يأكلنى، أى: لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل لفعله. قال:

يتقارضون إذا التقوا في موطن نظرا يزلّ مواطئ الأقدام «١»
وقيل: كانت العين في بنى أسد، فكان الرجل منهم يتجوع ثلاثة أيام فلا يمر به شيء، فيقول فيه: لم أر كاليوم مثله إلا عانه، فأريد بعض العيانين على أن يقول في رسول الله ﷺ مثل ذلك، فقال: لم أر كاليوم رجلا فعصمه الله. وعن الحسن: دواء الإصابة بالعين أن تقرأ هذه الآية لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ أى القرآن لم يملكوا أنفسهم حسدا على ما أوتيت من النبوة وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ حيرة في أمره وتنفيرا عنه، وإلا فقد علموا أنه أعقلهم. والمعنى:
أنهم جننوه لأجل القرآن وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وموعظة لِلْعالَمِينَ فكيف يجنن من جاء بمثله.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة القلم أعطاه الله ثواب الذين حسن الله أخلاقهم» «٢».
(١). يقول: إذا للتقوا في مجلس- وروى موطن-: يتقارضون، أى: يقرض بعضهم بعضا بنظره إليه، كأن أحدهم يعطى خصمه النظر، والثاني يكافئه بنظره إليه حسدا وغيظا، وإزلال مواطئ الأقدام: كناية عن الإهلاك، لأن من زلت قدمه سقط على الأرض وربما هلك. أى: ينظر بعضهم بعضا نظر الحسود المغتاظ، فتسبب عن ذلك زلل الأقدام عن مواطئها، وإيقاع الازلال على مواضع الأقدام: مجاز عقلى، لأنه محله، وفيه مبالغة في زلل القدم.
(٢). أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه عن أبى بن كعب.

صفحة رقم 597
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية