آيات من القرآن الكريم

هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ
ﮠﮡ ﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤ

من حرص وحسد وشره وبخل وخوف وكل صفه مذمومة فمن أجراها على تلك المصارف عادت كلها مكارم اخلاق وزال عنها اسم الذم قال ﷺ لمن ركع دون الصف زادك الله حرصا ولا تعد وقال لا حسد الا فى اثنتين وقال أكثروا من ذكر الله وقال تعالى فلا تخافوهم وخافون وقال تعافلا تقل لهما أف وقال أف لكم وغير ذلك من الآيات ولاخبار فما امر الله باجتناب بعض الأخلاق الا لمن يعتقد انها سفساف اخلاق وجهل معنى قوله عليه السلام بعثت لاتمم مكارم الأخلاق فمن الناس من علم ومنهم من جهل فالكامل لا يرى فى العالم الا اخلاق الله تعالى التي به وجدت وفى كشف الاسرار فى تفسير الآية عرض عليه مفاتيح العرض فلم يقبلها ورقاه ليلة المعراج وأراه جميع الملائكة والجنة فلم يلتفت إليها قال الله تعالى ما زاغ البصر وما طغى ما التفت يمينا وشمالا فقال تعالى انك لعلى خلق عظيم. اى جوانمرد قدر آن مهتر كه داند وكدام خاطر ببدايت عز او رسد صد هزار وبيست و چهار هزار نقطه نبوت كه رفتند در برابر درجات او كواكب بودند وبا آنكه او غائب بود همه نور نبوت ازو كرفتند چنانكه آفتاب اگر چهـ غائب باشد كواكب نور از وى كيرند ليكن چون آفتاب پيدا شود كواكب در نور او پيدا شوند همچنين همه انبيا نور ازو كرفتند ليكن چون محمد عليه السلام بعالم صورت در آمد ايشان هم كم شدند

كأنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
وفى القصيدة البردية.
فاق النبيين فى خلق وفى خلق ولم يدانوه فى علم ولا كرم
فانه شمس فضل هم كواكبها يظهر أنوارها للناس فى الظلم
ومن أخلاقه عليه السلام ما أشار اليه قوله صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من أساء إليك فانه عليه السلام ما امر أمته بشئ قبل الائتمار به وفى الحديث (ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار) وروى عن على بن موسى الرضى عن أبيه موسى بن جعفر عن بيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد ابن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن ابى طالب رضى الله عنهم قال قال رسول الله ﷺ عليكم بحسن الخلق فان حسن الخلق فى الجنة لا محالة وإياكم وسوء الخلق فان سوء الخلق فى النار لا محالة فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ يقال أبصرته وبصرت به علمة وأدركته فان البصر يقال للجارحة الناظرة ولقوة القلب المدركة ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة وفى تاج المصادر الابصار ديدن بچشم وبدل. فالمعنى فستعلم ويعلمون يوم القيامة حين يتبين الحق من الباطل وقال القاشاني فستبصر ويبصرون عند كشف الغطاء بالموت وقال مقاتل هذا وعبد بعذاب بدر (ولذا قال الكاشفى) بدان وقت كه عذاب نازل شود بر ايشان معلوم كردد كه ديوانه توئى يا ايشان. وهو الأوضح ففيه وعد لرسول الله عليه السلام بغلبة الإسلام واهله وبالانتقام من الأعداء بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ اى أيكم الذي ابتلى بفتنة الجنون فأيكم مبتدأ والمفتون بمعنى المجنون خبره والباء مزيدة فى المبتدأ كما فى بحسبك زيد او بأيكم الجنون على ان المفتون مصدر بمعنى الفتون وهو الجنون كالمجلود بمعنى الجلادة والمعقول

صفحة رقم 108

وترك الجد قال فى تاج المصادر الا دهان مداهنت كردن. والتركيب يدل على لين وسهولة وقلة والمعنى أحبوا لو تلاينهم وتسامحهم فى بعض الأمور وترك الدعوة فَيُدْهِنُونَ اى فهم يداهنونك حينئذ بترك الطعن (كما قال الكاشفى) فرمان مبر مشركان مكه را كه ترا بدين آباء دعوت مى نمايند ودوست مى دارند كه تو نرمى كنى با ايشان وسرزنشى نكنى بر شرك تا ايشان نير چرب ونرمى كنند وبر دين تو طعنه نزنند. فالفاء للعطف على تدهن فيكون يدهنون داخلا فى حيزلو ولذا لم ينصب يدهنون بسقوط النون جوابا للتمنى والفعل للاستقبال او الفاء للسببية فهو مسبب عن تدهن ويجوز أن يكون الفعل للحال على معنى ودوا ادهانك فهم الان يدهنون طمعا فى ادهانك فالتسبب عن التمني وتقدير المبتدأ لانه لولاه لكان الفعل منصوبا لاقتضاء التسبب عما فى حيز التمني ذلك قال بعضهم لا توافقهم فى الظاهر كما لا توافقهم فى الباطن فان موافقة الظاهر اثر موافقة الباطن وكذا المخالفة والا كان نفاقا سريع الزوال ومصانعة وشيكة الانقصاء وأما هم فلانهما كهم فى الرذائل وتعمقهم فى التلون والاختلاف لتشعب أهوائهم وتفرق أمانيهم يصانعون ويضمون تلك الرذيلة الى رذيلتهم طمعا فى مداهنتك معهم ومصانعتك إياهم قال بعضهم المداهنة بيع الدين بالدنيا فهى من السيئات والمداراة بيع الدنيا بالدين فهى من الحسنات ويقال الادهان الملاينة لمن لا ينبغى له ذلك وهو لا ينافى الأمر بالمداراة كما قال عليه السلام أمرت بمداراة الناس كما أمرت بالتبليغ قال الامام الغزالي رحمه الله فى احياء الفرق بين المداراة والمداهنة بالغرض الباعث على الإغضاء فان اغضيت للامة دينك ولما ترى فيه من إصلاح أخيك بالإغضاء فأنت مدار وان اغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن قال ابو الدرداء رضى الله عنه إنا لنبش فى وجوه أقوام وان قلوبنا لتلعنهم وهذا معنى المداراة وهو مع من يخلف شره وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ كثير الحلف فى الحق والباطل لجهله حرمة اليمين وعدم مبالاته من الحنث لسوء عقيدته وتقديم هذا الوصف على سائر الأوصاف الزاجرة عن الطاعة لكونه أدخل فى الزجر قال فى الكشاف وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف ومثله قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم انتهى ودخل فيه الحلف بغير الله تعالى فانه من الكبائر واصل الحلف اليمين الذي يأخذ بعضهم من بعض بها الحلف اى العهد ثم عبربه عن كل يمين مَهِينٍ حقير الرأى والتدبير لانه لم يعرف عظمة الله ولذا اقدم على كثرته الحلف من المهانة وهى القلة والحقارة ويجوز أن يراد به الكذاب لانه حقير عند الناس هَمَّازٍ عياب طعان يعنى عيب كننده در عقب مردم يا طعنه زننده در روى با ايشان. قال الحسن رحمه الله يلوى شدقيه فى اقفية الناس وفيه اشارة الى من يعيب ويطعن فى اهل الحق فى رياضاتهم ومجاهداتهم وإنزوائهم وعزلتهم عن الناس (وفى الحديث لا يكون المؤمن طعانا ولا لعانا) وفى حديث آخر (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) يعنى من ينظر الى عيب نفسه يكون ذلك ما نعاله عن النظر الى عيب غيره وتعبيبه به وذلك لا يقتضى أن لا ينهى العاصي عن معصيته اقتداء بأمر الله تعالى بالنهى عن المنكر لا إعجابا بنفسه وازدراء لقدر غيره عند الله فاعانه العالم

صفحة رقم 110
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية