آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

والمعنى فلما رأوا العذاب زلفةً، أَيْ قريباً، سِيَتْ وجوه الذين كفروا.
تَبين فيها السوء (١).
(وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ).
وقُرِئَتْ (تَدْعُونَ)، من دعوت أَدْعو.
فَأمَّا (تَدَّعُونَ)، فجاء في التفسير تُكَذِبُونَ.
وتأويله في اللغة هذا الذي كنتم من أجله تَدَّعُونَ الأباطيل والأكاذيب.
أي تدعون أنكم إذَا مِتُّم وكنتم تراباً وعظاماً أَنَّكُمْ لا تُخْرَجُونَ.
ومن قَرَأَ تَدْعُونَ. بالتخفيف -
فالمعنى هذا الذي كنتم به تستعجلون وتدعون اللَّه في قولكم:
(اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً
مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢).
ويجوز أن يكون معنى (تَدَّعُونَ) هذا أَيضاً تَفْتَعِلُونَ، من الدعاء.
وتفتعلون من الدِعوى، يجوز ذلك - واللَّه أعلم.
* * *
وقوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)
أي غائِراً، وهو مصدرٌ يوصف به الاسم، فتقول: ماء غَوْرٌ، وماءَان غَوْرٌ
ومياه غَوْرٌ.
كما تقول: هذا عَدْل وهذَان عَدْلٌ وهؤلاء عَدْلٌ.
ومعنى مَعِين جارٍ من العُيونِ.
وجاء في التفسير [ظاهر]، والمعنى أَنَّه يظهر من العُيُون.

(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿رَأَوْهُ﴾: أي: الموعودَ أو العذابَ زُلْفَةً أي: قريباً، فهو حالٌ ولا بُدَّ مِن حَذْفِ مضافٍ أي: ذا زُلْفَةٍ، أو جُعِل نفسَ الزُّلْفَةِ مبالغةً. وقيل: «زُلْفَةً» تقديرُه: مكاناً ذا زُلْفَةٍ فينتصِبُ انتصابَ المصدرِ.
قوله: ﴿سِيئَتْ﴾ الأصلُ: ساء أي: أحزنَ وجوهَهم العذابُ ورؤيتُه. ثم بُنِي للمفعول. و «ساء» هنا ليسَتْ المرادِفَةَ ل «بِئْسَ» كما عَرَفْتَه فميا تقدَّم غيرَ مرةٍ. وأَشَمَّ كسرةَ السينِ الضمَّ نافعٌ وابنُ عامرٍ والكسائيُّ، كما فعلوا ذلك في ﴿سياء بِهِمْ﴾ [هود: ٧٧] في هود، وقد تقدَّم، والباقون بإخلاصِ الكسرِ، وقد تقدَّم في أولِ البقرةِ تحقيقُ هذا وتصريفُه، وأنَّ فيه لغاتٍ، عند قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ١١].
قوله: ﴿تَدَّعُونَ﴾ العامَّةُ على تشديدِ الدالِ مفتوحةً. فقيل: من الدَّعْوى أي: تَدَّعُون أنه لا جنةَ ولا نارَ، قاله الحسن. وقيل: من الدعاءِ أي: تَطْلبونه وتستعجلونه. وقرأ الحسن وقتادة وأبو رجاء والضحاك ويعقوبُ وأبو زيدٍ وابنُ أبي عبلةَ ونافعٌ في روايةِ الأصمعيِّ بسكونِ الدالِ، وهي مؤيِّدَةٌ للقولِ: إنَّها من الدعاء في قراءةِ العامَّة.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

صفحة رقم 201
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية