آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ
ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

في الحديث، ويُقالُ: أكَبَّ الرجلُ إذا دَرَّ وجهه إلى الأرض، وكبّه غيره، قال- عليه الصلاة والسلام-: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» «١» فَهَذَا الفِعْلُ على خلافِ القَاعِدَة المعلومةِ لأَنَّ «أَفْعَلْ» هنا لا يتعدّى، و «فَعَلَ» يَتَعَدَّى، ونظيرُه قَشَعَتِ الرِّيحُ السَّحَابَ فانْقَشَعَ، وقال- ص-: مُكِبًّا حالٌ وهو مِنْ أَكَبَّ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وَكَبَّ متعدٍ، قال تعالى: فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ [النمل: ٩٠] والهَمْزَةُ فيه للدخولِ في الشيءِ، أو للصيرورَةِ، ومطاوع/ كَبَّ: انْكَبّ، تَقُولُ كَبَبْتُه فانْكَبَّ، قال بَعْضُ الناس:
ولاَ شَيْءَ من بناءِ «أفْعَلَ» مطاوعاً، انتهى، وأَهْدى في هذه الآية أفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الهُدَى.
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ٢٥ الى ٣٠]
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)
وقوله تعالى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ يريدونَ أمْرَ القيامةِ والعذابِ المتوعَّدِ به، ثم أمرَ سبحانه نبيه ع أنْ يخبرَهم بأنَّ علمَ القيامةِ والوعدَ الصدقَ مما تفرَّدَ اللَّهُ- سبحانه- بعلمهِ.
وقوله سبحانه: فَلَمَّا رَأَوْهُ الضميرُ للعَذَابِ الذي تَضَمَّنَه الوعدُ، وهذهِ حكايةُ حَالٍ تأتِي، والمَعْنى: فإذا رأوه.
وزُلْفَةً معناه قريبا، قال الحسن: عيانا «٢».
وسِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا معناهُ: ظَهَرَ فيها السوءُ.
وتَدَّعُونَ معناه: تَتَدَاعَوْنَ أمْرَه بينكم، وقال الحسن: تدعون أنَّه لاَ جَنَّةَ ولاَ نار «٣»، ورُوِيَ في تأويل قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ... الآية، أنَّهم كانوا يدعون على محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابَه بالهلاكِ، فقال اللَّه تعالى لنبيه: قلْ لهم: أرأيتم

(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ١٧٢- ١٧٣)، برقم: (٣٤٥١٦- ٣٤٥١٧)، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٣).
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٣).

صفحة رقم 461

إنْ أهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ معي أو رحمَنا، فمن يُجِيرُكُم مِنْ العذاب الذي يُوجِبُه كفرُكم؟، ثم وَقَفَهم سبحانه على مِيَاهِهِم التي يَعيشُونَ منها، إنْ غَارَتْ، أي: ذَهَبَتْ في الأرضِ، مَنْ يَجِيئُهم بماءٍ كثيرٍ كافٍ؟ - ص-: والغَوْرُ: مَصْدَرٌ بمعنى الغَائِر، انتهى، والمَعِينُ: فَعِيلٌ مِنْ مَعَنَ المَاءُ إذا كَثُرَ، وقالَ ابن عباس: معين عذب «١» :

(١) أخرجه الطبري (١٢/ ١٧٤)، برقم: (٣٤٥٢٤)، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٤)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٣٨٦)، وعزاه لعبد بن حميد.

صفحة رقم 462
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية