
عدتها آخر الأجلين.
- ثم قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ الله [يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً].﴾.
أي: ومن يتق الله فيتبع في طلاقه ما أمره الله به يجعل له من طلاقه ذلك يسراً. وهو أن يسهل عليه إن أراد الرجعة فيجعل الأمر بيده ويرتجعها متى شاء ما كانت في العدة، ويحل له التزويج بعد انقضاء العدة. ومن لا يتق الله - فيطلق ثلاثاً بخلاف ما أمره الله - لا يسهل عليه رجعة في عدة ولا في غيرها، ولا يسهل عليه تزويجها بعد العدة ما لم [تتزوج] غيره.
- قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَمْرُ الله أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ...﴾ إلى آخر السورة.
أي: ذلك الذي بينه لكم حكم الطلاق والرجعة والعدة أَمْرُ الله الذي

أمركم به، أنزله لتأتمروا به وتعملوا به.
ثم قال: ﴿وَمَن يَتَّقِ الله يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾.
أي: ومن (يخف الله) ويتقه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، يمح عنه ذنوبه ويعظم له أجراً يوم القيامة على عمله.
ثم قال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم...﴾.
أي: أسكنوا مطلقات نسائكم من المواضع التي سكنتم من وجدكم، (أي): من سعتكم.
يقال: وجت في المال وُجْداً، ووجدت على الرجل وَجْداً ومَوْجِدَةً، وَوَجَدْتُ الضَّالَّةَ وَجْداناً.

وروي أن الأعمش قرأ بفتح الواو. وهو غلط؛ لأن الوَجْد بالفتح إنما هو في الغضب.
وقرأ يعقوب الحضرمي بسر الواو لغاية فيه.
أمر الله الرجال أن يُسْكِنُوا المطلقات مما يجدون حتى يقضين عدتهن.
قال السدي: ﴿مِّن وُجْدِكُمْ﴾: من ملككم ومقدرتكم.
- ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ...﴾.
أي: لا تضاروهن في المسكن الذي [تسكنوهن] فيه وأنتم تجدون سعة من

المنازل تطلبون التضييق عليهن.
- ثم قال: ﴿َإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ...﴾.
أي: أنفقوا على المطلقة الحامل حتى تضع الحمل، وإن أرضعت فحتى تفطم. وهو قوله: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ...﴾، فلها أجرة الرضاع إن أرضعت وهي أحق بما يأخذ غيرها، وإن أبت أن ترضع اسْتَرْضَعَتْ له أخرى.
- ثم قال تعالى: ﴿وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ...﴾.
قال السدي: معناه: " اصنعوا المعروف فيما بينكم ".
وقيل: المعنى: هموا بالمعروف واعزموا عليه.
وقد قيل: [وَاتَمُرِوا: تشاوروا، وليس بشيء].
- ثم قال: ﴿وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخرى﴾.
أي: إن امتنعت المرأة من الرضاع فلا سبيل له عليها، ولكن يستأجر للصبي مرضعاً غير أمه، قال السدي وغيره: وقال: إذا رضيت الأم من أجرة الرضاع بما

يرضي به غيرها فهي أحق.
- ثم قال تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ الله...﴾.
أي: لينفق الذي بانت منه امرأته إن كان ذا سعة من المال الذي بيده على امرأته لرضاعها ولده. ومن ضيق عليه في رزقه فلم يكن ذا سعة من المال فلينفق مما أعطاه الله على قدر ما يجد.
وقيل: معناه: إن كان له ما يبيعه من متاع البيت باعه فأنفقه.
- ثم قال تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا...﴾.
أي: لا يكلف الله أحداً من النفقة على من تلزمه نفقته إلا ما أعطاه، أن كان ذا سعة فمن سعته، وإن كان مقدوراً عليه (رزقه) فمما رزقه الله. لا يُكَلَّفُ الفقير مثل نفقة الغني.
قال ابن زيد: معناه: لا يكلفه أن يتصدق وليس عنده ما يتصدق به.

- ثم قال تعالى: -ayah text-primary">﴿سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾.
أي: سيجعل الله للمقل بعد شدة رخاء، وبعد فق غنى.
وقيل: [اليسر] الذي يجعله الله له إما في الدنيا وإما في الآخرة.
- ثم قال تعالى: ﴿وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ...﴾.
أي: وكثير من أهل القرى عتوا عن أمر ربهم وخالفوه وعصوا رسله.
- ﴿فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً...﴾.
أي: حاسبنا أهلها على النعم التي أسديت إليهم والشكر عليها حساباً شديداً، أي حساباً ليس فيه عفو/ عن شيء.
- ﴿وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً﴾.

أي: منكراً، وهو عذاب جهنم.
وقال الفراء: في الكلام تقديم وتأخير. والتقدير: فعذبناها عذاباً نكراً في الدنيا، وحاسبناها حساباً شديداً في الآخرة).
والعُتُوُّ في اللغة: التجاوز في المخالفة والطغيان.
- ثم قال تعالى: ﴿فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا...﴾.
أي: عقوبة عملها. الوبال: العاقبة. قال ابن عباس ومجاهد: " ﴿وَبَالَ أَمْرِهَا﴾ ": جزاء أمرها.
- ثم قال تعالى: ﴿وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً﴾.
أي: غبناً، لأنهم باعوا نعيم الآخرة بخسيس الدنيا وقليله.

- ثم قال تعالى: -ayah text-primary">﴿أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً...﴾.
(أي): في الآخرة، يعني عذاب النار.
- ثم قال تعالى: ﴿فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمَنُواْ...﴾.
أي: اتقوا الله في أمره ونهيه يا أصحاب العقول الذي آمنوا.
- ثم قال تعالى: ﴿قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً...﴾ ﴿رَّسُولاً...﴾.
قال السدي: " الذكر: القرآن، والرسول محمد " فيكون (التقدير لى قوله: ذِكْراً ذَا رَسُول. فيكون نعتاً للذكر، قد حذف المضاف) وأقيم المضاف إليه مقامه مثل ﴿وَسْئَلِ القرية﴾ [يوسف: ٨٢] (وقيل: الرسول نصب " بذكر " كأنه قال: " أن تذكروا رسولاً " فهو مفعول به).
وقيل: الرسول نصب إضمار " أعني ".
وقيل: الرسول ترجمة عن الذكر كأنه بدل منه، ولذلك نصب، فيكون - على

هذا القول - الرسولُ بمعنى الرسالة. وقيل: رسولاً منصوب بإضمار فعل، كأنه قال: أرسلنا رسولاً.
- ثم قال تعالى: ﴿يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ الله مُبَيِّنَاتٍ...﴾.
أي: يتلو الرسول عليكم آيات الله واضحات، كي يخرج الذين آمنوا بالآيات من الظلمات إلى النور، أي: من الكفر إلى الإيمان.
- ثم قال تعالى: ﴿وَمَن يُؤْمِن بالله...﴾.
أي: يصدق به.
- ﴿وَيَعْمَلْ صَالِحاً...﴾.
أي: يعمل بطاعة الله.
- ﴿يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار...﴾.
أي: من تحت أشجارها.
- ﴿خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً...﴾.
أي: (لا يخرجون منها أبداً) ولا يموتون.

- ثم قال تعالى: -ayah text-primary">﴿قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً﴾.
أي: قد وسع الله له في الجنات رزقاً.
- ثم قال تعالى: ﴿الله الذي خَلَقَ سَبْعَ سماوات وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ...﴾.
أي: الله (الذي) خلق ذلك، لا (ما) يعبده المشركون من الأوثان والأصنام التي لا تقدر على شيء، وخَلَقَ من الأرض مثلهن (أي): سبعاً.
وعن ابن عباس أنه قال: في كل أرض من الأرضين السبع نحو ما على هذه الأرض من الخلق. ولذلك قال: ﴿وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ﴾ لأن في كل سماء خلقاً لله.
وعن ابن مسعود أنه [قال]: خلق سبع سماوات، غِلَظُ كل واحدة مسيرة خمسمائة عام، وبين كل واحدة منهم والأخرى مسيرة خمسمائة عام، وفوق

السماوات السبع [الماءُ]، والله - جل ذكره - فوق الماء لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم، والأرضُ سَبْعٌ، بين كل أَرْضَيْنِ مسيرة خمسمائة عام. وغِلَظُ كل أرض خمسمائة عام.
[وقال] مجاهد: هذه الأرض إلى تلك الأرض مثل الفسطاط ضربته بأرض فلاة. وهذه السماء إلى تلك السماء مثل حلقة رميت (بها) في أرض فلاة.
وقال الربيع بن أنس: " السماء أولها موج مكفوف، والثانية صخرة، والثالثة

حديد، والرابعة نحاس، والخامسة فضة، والسادسة ذهب، والسابعة ياقوتة ".
وقال مجاهد: (هذا) البيت الكعبة رابع أربعة عشر بيتاً، في كل سماء بيت، كل بيت منها [حَذْرَ] صاحبه، لَوْ وَقَعَ وَقَعَ عَلَيْهِ.
وإن هذا الحَرَمَ حَرَمٌ مثله في السماوات السبع والأرضين السبع. قال أبو عثمان [النهدي]: كنت عند عمر جالسا إذ جاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي ابنا إذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى الأعلى الأعلى، فيكثر من ذلك، فلا أدري أَيَّ شَيْءٍ يريد به. قال: جئني (به)، فجاء الفتى، فقال عمر: ماذا يقول أبوك؟

قال: وما يقول؟ مقال: يقول إنك إذا سجدت أكثرت من سبحان ربي الأعلى الأعلى الأعلى، قال: يا أمير المؤمنين، شيء جراه الله على لساني. قال: وكعب جالس إلى جنبه، فقال كعب: صدق، يا أمير المؤمنين. قال عمر: وكيف ذاك؟ قال كعب: إذاً أخبرك، فإن الله خلق الأرضين سبعاً، (وجعل غلظ كل أرض خمسمائة عام، وما بين كل أرض إلى أرض خمسمائة عام، وجعل السماوات سبعاً)، وجعل غلظ كل سماء خمسمائة عام، وما بين كل سماء إلى سماء مثل ذلك، والله تعالى ملائكة يحملون العرش قياماً في ماء، غِلَظُ ذلك الماء غلظ السماوات السبع والأرضين السبع، لا يبلغ ذلك الماء أعناقهم، فهو جل وعز الأعلى الأعلى الأعلى.
قال (قتادة): خلق الله سبع سماوات وسبع أرضين، في كل سماء من سمائه وأرض من أرضه خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه جل ثناؤه.

وذكر قتادة قال: التقى أربعة أملاك من الملائكة بين السماء والأرض، فقال بعضهم لبعض: من أين [جئت]؟ فقال أحدهم: أرسلني ربي من المشرق وتركته، (ثم) قال الآخر: أرسلني ربي من الأرض السابعة وتركته، (ثم) قال الآخر: أرسلني ربي من المغرب وتركته.
- ثم قال تعالى: ﴿يَتَنَزَّلُ الأمر بَيْنَهُنَّ.
..﴾.
أي: يتنزل الوحي بين السماء السابعة والأرض السابعة. قاله مجاهد.
- ثم قال تعالى: ﴿لتعلموا أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ...﴾.
أي: يتنزل قضاء/ الله وأمره بين ذلك كي تعلما أيها الناس كُنْهَ قدرته وسلطانه، وأنه قادر على كل شيء، لا يتعذر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه شيء شاءه.
- ثم قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾.
أي: ولتعلموا أن الله بكل شيء (مِنْ) خلقه محيط علماً، لا يعزب عنه

مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، فخافوه وأطيعوه تنجوا من عقوبته وتدخلُو جنته. وأعاد الاسم بالإظهار وقد تقدم إظهاره للتفخيم والتعظيم. و ﴿عِلْماً﴾ نصب [على التمييز]. أو (على) المصدر، كأنه قال: علم كل شيء علماً.
صفحة رقم 7559