آيات من القرآن الكريم

سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ

ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم خيلا تكرّ عليهم ورجالا «١»
يوقب على عَلَيْهِمْ ويبتدأ هُمُ الْعَدُوُّ أى الكاملون في العداوة: لأنّ أعدى الأعداء العدوّ المداجى «٢»، الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوىّ فَاحْذَرْهُمْ ولا تغترر بظاهرهم.
ويجوز أن يكون هُمُ الْعَدُوُّ المفعول الثاني، كما لو طرحت الضمير. فإن قلت: فحقه أن يقال:
هي العدوّ. قلت: منظور فيه إلى الخبر، كما ذكر في هذا رَبِّي وأن يقدر مضاف محذوف على:
يحسبون كل أهل صيحة قاتَلَهُمُ اللَّهُ دعاء عليهم، وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم. أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك أَنَّى يُؤْفَكُونَ كيف يعدلون عن الحق تعجبا من جهلهم «٣» وضلالتهم.
[سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ٥ الى ٦]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦)
لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ عطفوها وأمالوها إعراضا عن ذلك واستكبارا. وقرئ بالتخفيف والتشديد للتكثير.
[سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ٧ الى ٨]
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨)
روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين لقى بنى المصطلق على المريسيع وهو ماء لهم وهزمهم وقتل منهم: ازدحم على الماء جهجاه بن سعيد أجير لعمر يقود فرسه،
(١). للأخطل، يقول: لا زلت يا جرير تظن كل شيء بعدهم، أى: بعد خذلان قومك. ويجوز أن بعدهم بمعنى غيرهم، خيلا تكر: أى ترجع بسرعة عليهم ورجالا لكثرة ما قام بقلبك من الخوف.
(٢). قوله «العدو المداجى الذي يكاشرك» أى المدارى. والكثر: التهسم تبدو منه الأسنان. والدوى- مقصور- المرض، تقول: دوى الرجل- بالكسر: مرض ودوى صدره أيضا: ضغن. ودوىّ الريح: حفيفها، كذا في الصحاح. (ع)
(٣). قوله «تعجبا من جهلهم» لعله تعجب، بل لعله: تعجيب. (ع)

صفحة رقم 541

وسنان الجهني حليف لعبد الله بن أبىّ، واقتتلا، فصرخ جهجاه: يا للمهاجرين: وسنان:
يا للأنصار، فأعان جهجاها جعال من فقراء المهاجرين ولطم سنانا، فقال عبد الله لجعال. وأنت هناك، وقال: ما صحبنا محمدا إلا لنلطم، والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل، عنى بالأعز: نفسه، وبالأذل:
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال لقومه: ماذا فعلتم بأنفسكم؟ أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم، ولأوشكوا أن يتحوّلوا عنكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد، فسمع بذلك زيد بن أرقم وهو حدث، فقال: أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك، ومحمد في عزّ من الرحمن وقوّة من المسلمين، فقال عبد الله: اسكت فإنما كنت ألعب، فأخبر زيد رسول الله فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله، فقال: إذن ترعد أنف كثيرة بيثرب. قال: فإن كرهت أن يقتله مهاجرى، فأمر به أنصاريا فقال: فكيف إذا تحدّث الناس أنّ محمدا يقتل أصحابه، وقال عليه الصلاة والسلام لعبد الله: أنت صاحب الكلام الذي بلغني؟ قال: والله الذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك، وإن زيدا لكاذب، وهو قوله تعالى اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فقال الحاضرون: يا رسول الله: شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام، عسى أن يكون قد وهم. وروى أن رسول الله قال له: لعلك غضبت عليه، قال: لا، قال: فلعله أخطأ سمعك، قال:
لا، قال: فلعله شبه عليك، قال: لا. فلما نزلت: لحق رسول الله زيدا من خلفه فعرك أذنه وقال: وفت أذنك يا غلام، إنّ الله قد صدقك وكذب المنافقين «١». ولما أراد عبد الله أن يدخل المدينة: اعترضه ابنه حباب، وهو عبد الله بن عبد الله غير رسول الله اسمه، وقال:
إنّ حبابا اسم شيطان. وكان مخلصا وقال: وراءك، والله، لا تدخلها حتى تقول رسول الله الأعز وأنا الأذل، فلم يزل حبيسا في يده حتى أمره رسول الله بتخليته «٢». وروى أنه قال له:

(١). هكذا ذكره الواقدي في المغازي بغير إسناد وعزاه إلى الثعلبي والواحدي ولأصحاب السير، وأخرجه ابن إسحاق في السيرة: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبى بكر ومحمد بن يحيى بن حبان كل قد حدثني بعض حديث بنى المصطلق- فذكر للغزوة بطولها والقصة المذكورة باختلاف يسير. وكذا أخرجه الطبري من طريقه وأصل القصة في الصحيحين من طريق أبى إسحاق عن زيد بن أرقم قال «كنت مع عمى فسمعت عبد الله بن أبى يقول- الحديث- وأوله عندهما أيضا من طريق عمرو بن دينار عن جابر قال «كنا في غزوة بنى المصطلق فتبع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار» ورواه الترمذي والنسائي والحاكم من طريق أبى سعد الأودى حدثنا زيد بن أرقم قال «غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معنا أناس من الأعراب فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقوننا فسبق أعرابى. فملأ الحوض» فذكر القصة بطولها. وفي سياقها اختلاف.
(٢). هكذا ذكره الثعلبي موصولا بالذي قبله، وروى الزبيدي من طريق عمرو بن دينار عن جابر أصل القصة وقال بعد عمر: دعني أضرب عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه» قال وقال غير عمر وقال له ابنه عبد الله بن عبد الله «والله لا تنفلت حتى تقول إنك الذليل ورسول الله ﷺ العزيز ففعل» قلت: وأصل حديث جابر في الصحيح.

صفحة رقم 542
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية