آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)
أي بنيان لاصق بعضُه بِبَعْض لا يغادر بَعْضُه بَعْضاً.
فأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أنه يحب من يثبت في الجهاد في سبيله ويلزم
مَكَانَهُ كَبُيُوتِ البناء المرْصُوصِ.
ويجوز - واللَّه أعلم - أن يكون عني أن تستوي نِياتُهُمْ في حَرْبِ عَدُوهِمْ حتى يكونوا في اجتماع الكلمةِ ومُوَالَاةِ بعضهم بعضاً كالبنيانِ المرصوص.
* * *
وقوله: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٥)
قد بينَّا في سورة الأحْزاب ما كان آذوه به.
(فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ).
أي عدَلُوا عنِ الحق وانصرفوا عنه فأضلَّهم الله وَصَرَفَ قُلوبَهُمْ.
وقوله: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)
معناه لا يهدي من سبق في علمه أنَّهُ فَاسِقٌ.
* * *
وقوله: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)
موضع (إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) و (إذ قال موسى) جميعاً نصب.
المعنى اذكر إذ قال موسى، واذكر إذ قال عيسى ابنُ مريم.
أي اذْكر لقومِكَ وأُمَّتِكَ قَصةَ مُوسَى وعيسى وما كان عاقبة من آمَنَ بِهِمَا وعاقبة من كفر وآذى الأنبياءَ.
وقولُه: (لِلْحَوَارِيينَ).
قيل إن الحواريين سموا بذلك لبياض ثيابِهِمْ، وقيل كانوا قصَّارِينَ.
والحَوارِيُّونَ خُلْصَان الأنْبِيَاءِ وصَفْوَتُهُمْ، والدليل على ذلك قول النبي - ﷺ -:

صفحة رقم 164

الزبيرُ ابنُ عَمَّتِي وحَوَاريِّي مِنْ أُمَّتِي.
وأصحاب رسول الله - ﷺ - حواريُّون.
وتأويل الحوارِيين في اللغة الذين أخلَصُوا ونُقُّوا من كُل عَيْبِ، وكذلك الدقيق الحوارَى من هذا، إنما سُمِّيَ لأنَّه يُنَقى من لُبَابِ البُرِّ وخالِصِه. وتأويله في الناس أنه الذي إذَا رُجِعَ في اختياره مَرة بعد مَرةٍ وُجِدَ نقيًّا مِنَ العُيُوب.
فأصل التحوير في اللغة من حَارَ يحورُ، وهو الرجوع والترجيعُ.
فهذا تأويله - واللَّه أعلم.
وقوله: (مَنْ أنْصَارِي إلى اللَّهِ).
أي من أنْصَارِي مع اللَّه، وقال قوم مَنْ أنْصَارِي إلى نَصْرِ اللَّهِ.
وقال الشاعر:
ولَوْحُ ذِراعَيْنِ في بِرْكةٍ... إِلى جُؤْجُؤٍ رَهِلِ المَنْكِبِ
المعنى الكاهل مع جؤجؤ رهل الْمنْكِب.
* * *
وقو له: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ)
وأكثر القراءة كونوا أنصارَ اللَّهِ، وهو الاختيار لقولهم نحن أنْصَارُ اللَّه.
لأن الآيتين في جواب كونوا أنصاراً للَّهِ، نحن أنصَارُ اللَّهِ.
ويجوز أن يكون " نحن أنصار اللَّه " جواباً لذلك.
وقرئت (وَاللَّهُ مُتِمٌّ نُورَهِ) - (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ) كلاهما جَيدٌ.

صفحة رقم 165
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية