آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ

{يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن

صفحة رقم 523

ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور} ﴿يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً﴾ وذلك أن النبي ﷺ لما دخل مكة عام الفتح وبايعة الرجال جاءت النساء بعدهم للبيعة فبايعهن. واختلف في بيعته لهن على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه جلس على الصفا [ومعه عمر أسفل منه] فأمره أن يبايع النساء، قاله مقاتل. الثاني: أنه أمر أميمة أخت خديجة خالة فاطمة بنت رسول الله بعد أن بايعته، أن تبايع النساء عنه، قاله محمد بن المنكدر عن أميمة. الثالث: أنه بايعهن بنفسه وعلى يده ثوب قد وضعه على كفه، قاله عامر الشعبي. وقيل بل وضع قعباً فيه ماء وغمس فيه يده وأمرهن فغمسن أيديهن، فكانت هذه بيعة النساء. فإن قيل فما معنى بيعتهن ولسن من أهل الجهاد فتؤخذ عليهن البيعة كالرجال؟ قيل: كانت بيعته لهن تعريفاً لهن بما عليهن من حقوق الله تعالى وحقوق أزواجهن لأنهن دخلن في الشرع ولم يعرفن حكمه فبينه لهن، وكان أول ما أخذه عليهن أن لا يشركن بالله شيئاً توحيداً له ومنعاً لعبادة غيره. ﴿ولا يسرقن﴾ فروى أن هند بنت عتبة كانت متنكرة عند أخذ البيعة على

صفحة رقم 524

النساء خيفة من رسول الله ﷺ لما صنعته بحمزة وأكلها كبده، فقالت حين سمعته في أخذ البيعة عليهن يقول: ﴿لا يسرقن﴾ والله إني لا أصيب من أبي سفيان إلا قوتنا ما أدري أيحل لي أم لا، فقال أبو سفيان: ما أصبت مما مضى أو قد بقي فهو لك حلال، فضحك رسول الله ﷺ وعرفها فقال: (أنت هند)؟ فقالت عفا اللَّه عما سلف. ثم قال: ﴿ولا يزنين﴾ فقالت هند يا رسول الله أو تزني الحرة؟ ثم قال: ﴿ولا يقتلن أولادهن﴾ لأن العرب كانت تئد البنات، فقالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر، وأنت وهم أبصر. وروى مقاتل أنها قالت: ربيناهم صغاراً وقتلتوهم كباراً فأنتم وهم أعلم، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى. ﴿ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه السحر، قاله ابن بحر. الثاني: المشي بالنميمة والسعي في الفساد. والثالث: وهو قول الجمهور ألا يلحقن بأزواجهن غير أولادهن لأن الزوجة كانت تلتقط ولداً وتلحقه بزوجها ولداً، ومعنى ﴿يفترينه بين أيديهن﴾ ما أخذته لقيطاً، ﴿وأرجلهن﴾ ما ولدته من زنى، وروي أن هنداً لما سمعت ذلك قالت: والله إن البهتان لأمر قبيح، وما تأمر إلا بالأرشد ومكارم الأخلاق. ثم قال: ﴿ولا يعصينك في معروف﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أن المعروف ها هنا الطاعة لله ولرسوله، قاله ميمون بن مهران. الثاني: ما رواه شهر بن حوشب عن أم سلمة عن النبي ﷺ ولا يعصينك في معروف قال: هو النوح. الثالث: أن من المعروف ألا تخمش وجهها ولا تنشر شعرها ولا تشق جيباً ولا تدعو ويلاً، قاله أسيد بن أبي أسيد.

صفحة رقم 525

الرابع: أنه عام في كل معروف أمر الله ورسوله به، قاله الكلبي. فروي أن هنداً قالت عند ذلك: ما جلسنا في مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعطيك من شيء وهذا دليل على أن طاعة الولاة إنما تلزم في المعروف المباح دون المنكر المحظور. ﴿يأيها الذين ءامنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الأخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور﴾ ﴿يأيها الذين ءامنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم اليهود، قاله مقاتل. الثاني: أنهم اليهود والنصارى، قاله ابن مسعود. الثالث: جميع الكفار، قاله مجاهد. ﴿قد يئسوا من الأخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: يئسوا من ثواب الآخرة كما يئس الكفار من بعث من في القبور، قاله ابن عباس. الثاني: قد يئسوا من ثواب الآخرة كما يئس أصحاب القبور بعد المعاينة من ثواب الآخرة لأنهم تيقنوا العذاب، قاله مجاهد. الثالث: قد يئسوا من البعث والرجعة كما يئس منها من مات منهم وقبر. الرابع: يئسوا أن يكون لهم في الآخرة خير كما يئسوا أن ينالهم من أصحاب القبور خير.

صفحة رقم 526

سورة الصف
مدنية في قول الجميع بسم الله الرحمن الرحيم

صفحة رقم 527
النكت والعيون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد البصري الماوردي الشافعي
تحقيق
السيد بن عبد الرحيم بن عبد المقصود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
عدد الأجزاء
6
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية