
انقطعت بينهما بانقضاء العدة وانبت عقدة النكاح (١).
قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ﴾ أي إن لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسئلوهم ما أنفقتم من المهر، هذا إذا منعوها ولم يدفعوها إلينا فعليهم أن يغرموا لنا صداقها كما يغرم لهم (٢) وهو قوله تعالى: ﴿وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ يعني ما ذكر في هذه الآية من الحكم، فإن رضوا بهذا الحكم وردوا المهر على المسلم أخذه وإن لم يردوا طائعين أو كانوا أهل حرب ولم يكونوا أهل عهد، فالحكم ما ذكره في قوله: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ﴾ الآية.
قال الزهري: لما نزل قوله: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ الآية. أقر المؤمنون بحكم الله وأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما أمر من أداء نفقات المسلمين، فأنزل الله ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ (٣)
١١ - قال الفراء: وفي قراءة عبد الله ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ وأحد يصلح في موضع شيء وشيء في موضع أحد في الناس. يقول إن أعجزتك امرأة ذهبت مريدة فلحقت بأهل مكة كافرة (٤). قال الحسن
(٢) انظر: "زاد المسير" ٨/ ٢٤٢، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣٠٦.
(٣) أخرجه ابن جرير، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وعبد الرزاق. انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٨٨، و"جامع البيان" ٢٨/ ٤٨، و"الدر" ٦/ ٢٠٨
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٥١، وفيه: (بأهل مكة كافرة، وليس بينكم وبينهم عهد فعاقبتم، يقول: فغنمتم، فأعطوا زوجها مهرها من الغنيمة قبل الخمس) وعليه فالعبارة قد سقطت عند المؤلف رحمه الله.

ومقاتل: نزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان. ارتدت وتركت زوجها عياض ابن غنم القرشي (١) -ولم ترتد امرأة من قريش غيرها- ثم عادت إلى الإسلام (٢).
قوله: ﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾ أي فغتمتم (٣). قاله ابن عباس، ومسروق، وإبراهيم.
قال أبو عبيدة: ﴿عَاقَبْتُمْ﴾ أصبتم منهن عقبة (٤).
وقال المبرد: ﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾ فعلتم ما فعل بكم -أي ظفرتم وهو من قولك: العقبى لفلان، أي: العاقبة بعد الأولى، وتأويل العاقبة الكرة الآخرة (٥).
وقال ابن قتيبة: ﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾ أي: أصبتم عقبى، أي: غنيمة من غزوٍ، ومعنى ﴿عَاقَبْتُمْ﴾ غزوتم معاقبين غزوًا بعد غزو (٦).
وقال أبو إسحاق: تأويله في اللغة: فكانت العقبى لكم، أي: كانت الغلبة لكم حتى غنمتم. قال: ومعنى ﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾ أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم (٧)، ومعنى الآية: فغنمتم من العدو شيئًا فإن صارت العاقبة في
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٢ ب، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣٠٧، و"الدر" ٦/ ٢٠٨. عن الحسن، وفي "تنوير المقباس" ٦/ ٥٧، وعند الثعلبي في تفسيره ١٣/ ١١٠ ب، ست نسوة رجعن عن الإسلام ولحقن بالمشركين.
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٥٠، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣٥٧، و"الدر" ٦/ ٢٠٧. عن ابن عباس والنخعي.
(٤) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٥٧.
(٥) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٣٠٧.
(٦) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٤٦٢.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٦٠.