آيات من القرآن الكريم

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ

* ذكر من قال ذلك:
١٣٦١٢ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر"، قال: يضلّ الرجل وهو في الظلمة والجور عن الطريق.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإلهكم، أيها العادلون بالله غيره ="الذي أنشأكم"، يعني: الذي ابتدأ خلقكم من غير شيء، فأوجدكم بعد أن لم تكونوا شيئًا (١) ="من نفس واحدة"، يعني: من آدم كما:-
١٣٦١٣ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"من نفس واحدة"، قال: آدم عليه السلام.
١٣٦١٤ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة"، من آدم عليه السلام.
* * *
وأما قوله:"فمستقر ومستودع"، فإن أهل التأويل في تأويله مختلفون.
فقال بعضهم: معنى ذلك: وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة، فمنكم مستقِرٌّ في الرحم، ومنكم مستودع في القبر حتى يبعثه الله لنَشْر القيامة.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٦١٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن إبراهيم، عن عبد الله: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا، [سورة هود: ٦]. قال:"مستقرها"، في الأرحام ="ومستودعها"، حيث تموت.

(١) انظر تفسير"أنشأ" فيما سلف: ٢٦٣، ٢٦٤.

صفحة رقم 562

١٣٦١٦- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن إسماعيل، عن إبراهيم، عن عبد الله أنه قال:"المستودع" حيث تموت، و"المستقر"، ما في الرحم.
١٣٦١٧- حدثت عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود قال:"المستقر"، الرحم، و"المستودع"، المكان الذي تموت فيه.
١٣٦١٨ - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا محمد بن فضيل وعلي بن هاشم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن إبراهيم: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا قال: (مُسْتَقَرَّهَا)، في الأرحام = (وَمُسْتَوْدَعَهَا)، في الأرض، حيث تموت فيها.
١٣٦١٩ - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مقسم قال:"مستقرها"، في الصلب حيث تأويل إليه ="ومستودعها"، حيث تموت.
* * *
وقال آخرون:"المستودع"، ما كان في أصلاب الآباء = و"المستقر"، ما كان في بطون النساء، وبطون الأرض، أو على ظهورها.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٦٢٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير في قوله:"فمستقر ومستودع"، قال: مستودعون، ما كانوا في أصلاب الرجال. فإذا قرّوا في أرحام النساء أو على ظهر الأرض أو في بطنها، فقد استقرّوا.
١٣٦٢١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن علية، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير:"فمستقر ومستودع"، قال: المستودعون ما كانوا في أصلاب الرجال. فإذا قرّوا في أرحام النساء أو على ظهر الأرض، فقد استقروا.

صفحة رقم 563

١٣٦٢٢- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير قال، قال ابن عباس: ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾، [سورة هود: ٦]. قال:"المستودع" في الصلب = و"المستقر"، ما كان على وجه الأرض أو في الأرض. (١)
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمستقر في الأرض على ظهورها، ومستودع عند الله.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٦٢٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن المغيرة، عن أبي الجبر بن تميم بن حذلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"المستقر" الأرض،"والمستودع"، عند الرحمن. (٢)

(١) الأثر: ١٣٦٢٢ -"المغيرة بن النعمان النخعي"، يروي عن سعيد بن جبير، وروى عنه شعبة، والثوري، ومسعر، وغيرهم. ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤/١/٣٢٥، وابن أبي حاتم ٤/١/٢٣١.
(٢) الأثر: ١٣٦٢٣ -"المغيرة" في هذ١ الإسناد، هو"المغيرة بن مقسم الضبي"، إمام مشهور، مضى مرارًا، آخرها رقم: ٩٢٩٢. و"أبو الجبر بن تميم بن حذلم"، كان في المطبوعة هنا، وفي رقم: ١٣٦٢٩، ١٣٦٣٧"أبو الخير تميم بن حذلم"، وفي المخطوطة: "أبو الحر تميم بن حذلم"، غير منقوطة وبإسقاط"بن"، وهوخطأ. فإن"تميم بن حذلم الضبي" كنيته"أبو سلمة"، أو "أبو حذلم"، وهو من أصحاب عبد الله بن مسعود، وأدرك أبا بكر، فهو تابعي قديم، وليس يروى عنه"مغيرة"، إنما يروى عنه من طريق ابنه هذا، ومن طريق إبراهيم اللخعي. وهو مترجم في التهذيب، والكبير ١/٢/١٥١، ١٥٢، وابن أبي حاتم ١/١/٤٤٢. وأما ابنه"أبو الجبر بن تميم"، فاسمه"عبد الرحمن بن تميم بن حذلم الضبي"، روى عنه أبو إسحق الهمداني، ومغيرة. فلذلك صححت ما كان في المخطوطة، والمطبوعة، وزدت"بن"، وكذلك أشار إليه البخاري في التاريخ وغيره في ترجمة أبيه، الكبير ١/٢/١٥١، ١٥٢. و"أبو الجبر" بالجيم والباء، وهو مذكور في أكثر الكتب"أبو الخير"، وهو خطأ، ضبطه عبد الغني في المؤتلف والمختلف، وابن ماكولا، والدولابي، وكذلك ذكره ابن أبي حاتم في الكنى (٤/ ٢/ ٣٥٥) في حرف الجيم، وهو مترجم أيضًا فيه ٢/٢/٢١٨. وانظر الأثرين التاليين رقم: ١٣٦٢٩، ١٣٦٣٧.

صفحة رقم 564

١٣٦٢٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال:"المستقر"، الأرض، و"المستودع"، عند ربك.
١٣٦٢٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن إبراهيم قال، قال عبد الله:"مستقرها"، في الدنيا،"ومستودعها"، في الآخرة = يعني="فمستقر ومستودع".
١٣٦٢٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال:"المستودع"، في الصلب، و"المستقر"، في الآخرة وعلى وجه الأرض.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فمستقر في الرحم، ومستودع في الصلب.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٦٢٧ - حدثنا هناد قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي الحارث، عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله:"فمستقر ومستودع"، قال: مستقر في الرحم، ومستودع في صلب، لم يخلق سَيُخلق. (١)
١٣٦٢٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن يحيى الجابر، عن عكرمة:"فمستقر ومستودع"، قال:"المستقر"، الذي قد استقر في الرحم، و"المستودع"، الذي قد استودع في الصلب. (٢)
١٣٦٢٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي الجبر تميم، عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس: سل! فقلت: "فمستقرّ

(١) في المطبوعة: "وسيخلق" بزيادة الواو، ولا ضرورة لها.
(٢) الأثر: ١٣٦٢٨ -"يحيى الجابر"، هو"يحيى بن المجبر" منسوبًا لجده، و"يحيى بن عبد الله بن الحارث بن المجبر التيمي"، مضى برقم: ١٠١٨٨ - ١٠١٩٠، وكان في المطبوعة هنا"يحيى الجابري"، وهو خطأ صرف.

صفحة رقم 565

ومستودع"؟ قال:"المستقر"، في الرحم، و"المستودع"، ما استودع في الصلب. (١)
١٣٦٣٠- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله:"فمستقر ومستودع"، قال:"المستقر" الرحم، و"المستودع"، ما كان عند رب العالمين مما هو خالقه ولم يخلق.
١٣٦٣١- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ [سورة هود: ٦]، قال:"المستقر"، ما كان في الرحم مما هو حيٌّ، ومما قد مات = و"المستودع"، ما في الصلب.
١٣٦٣٢- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جيير قال: قال لي ابن عباس، وذلك قبل أن يَخْرُج وجهي (٢) أتزوّجت يا ابن جبير؟ قال: قلت لا وما أريد ذاك يومي هذا! قال فقال: أما إنه مع ذلك سيخرج ما كان في صلبك من المستودَعين.
١٣٦٣٣- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جيير قال: قال لي ابن عباس: تزوجت؟ قلت: لا! قال: فضرب ظهري وقال: ما كان من مستودَع في ظهرك سيخرج.
١٣٦٣٤- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"فمستقر ومستودع"، قال:"المستقر"، في الأرحام، و"المستودع"، في الصلب، لم يخلق وهو خالقه.
١٣٦٣٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني

(١) الأثر: ١٣٦٢٩ -"أبو الجبر بن تميم"، انظر التعليق على رقم: ١٣٦٢٣، وكان في المطبوعة: "أبو الخير تميم"، وفي المخطوطة: "أبو الحبر تميم" غير منقوط، وهما خطأ.
(٢) قوله: "وذلك قبل أن يخرج وجهي"، يعني: قبل أن تنبت لحيته، وهذا تعبير عزيز لا تجد تفسيره في كتب اللغة والمجاز، فقيده.

صفحة رقم 566

معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"فمستقر ومستودع"، قال:"المستقر"، في الرحم، و"المستودع"، ما استودع في أصلاب الرجال والدوابّ.
١٣٦٣٦ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد قال:"المستقر"، ما استقرّ في الرحم، و"المستودع"، ما استودع في الصلب.
١٣٦٣٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي الجبر بن تميم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بنحوه. (١)
١٣٦٣٨ - حدثنا هناد قال، حدثنا عبيدة بن حميد، عن عمار الدهني، عن رجل، عن كريب قال: دعاني ابن عباس فقال: اكتب:"بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن عباس، إلى فلان حَبْر تَيْماء، سلامٌ عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد = قال، فقلت: تبدؤه تقول: السلام عليك؟ فقال: إن الله هو السلام = ثم قال: اكتب"سلامٌ عليك، أما بعد، فحدثني عن:"مستقر ومستودع". قال: ثم بعثني بالكتاب إلى اليهودي، فأعطيته إياه. فلما نظر إليه قال: مرحبًا بكتاب خليلي من المسلمين! فذهب بي إلى بيته، ففتح أسفاطًا له كبيرة، (٢) فجعل يطرح تلك الأشياء لا يلتفت إليها. قال قلت: ما شأنك؟ قال: هذه أشياء كتبها اليهود! حتى أخرج سفر موسى عليه السلام، قال: فنظر إليه مرتين فقال:"المستقر"، الرحم، قال: ثم قرأ: ﴿وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ﴾ [سورة الحج: ٥]، وقرأ: ﴿وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ﴾، [سورة البقرة: ٣٦]، [سورة الأعراف: ٢٤]. قال: مستقرُّه فوق

(١) الأثر: ١٣٦٣٧ -"أبو الجبر بن تميم"، مضى برقم: ١٣٦٢٣، ١٣٦٢٩، تصحيحه، وكان هنا أيضًا في المطبوعة: "أبو الخير تميم"، وفي المخطوطة: "أبو الخير تميم" غير منقوط.
(٢) "الأسفاط" جمع"سفط" (بفتحتين) : وهو وعاء كالجوالق، وبين الخبر هنا أنهم كانوا يستخدمونه في حفظ الكتب والأسفار.

صفحة رقم 567

الأرض، ومستقرُّه في الرحم، ومستقره تحت الأرض حتى يصير إلى الجنة أو إلى النار. (١)
١٣٦٣٩ - حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء:"فمستقر ومستودع"، قال:"المستقر"، ما استقر في أرحام النساء، و"المستودع"، ما استودع في أصلاب الرجال.
١٣٦٤٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال:"المستقر"، الرحم، و"المستودع"، في أصلاب الرجال.
١٣٦٤١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن عطاء = وعن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = قال:"المستقر"، الرحم، و"المستودع"، في الأصلاب.
١٣٦٤٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثناعيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فمستقر"، ما استقر في أرحام النساء ="ومستودع"، ما كان في أصلاب الرجال.
١٣٦٤٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
١٣٦٤٤- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد قال:"المستقر"، ما استقر في الرحم، و"المستودع"، ما استودع في الصلب.
١٣٦٤٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال:"المستقر"، الرحم،"والمستودع"، الصلب.

(١) الأثر: ١٣٦٣٨ -"كريب" هو"كريب بن أبي مسلم الهاشمي" مولى ابن عباس، تابعي ثقة، مضى برقم: ١٠٧٥.

صفحة رقم 568

١٣٦٤٦ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون قال: أتينا إبراهيم عند المساء فأخبرونا أنه قد مات، فقلنا: هل سأله أحدٌ عن شيء؟ قالوا: عبد الرحمن بن الأسود، عن"المستقر" و"المستودع"، فقال:"المستقر"، في الرحم، و"المستودع"، في الصلب.
١٣٦٤٧- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا ابن عون قال: أتينا إبراهيم وقد مات، قال: فحدثني بعضهم: أنّ عبد الرحمن بن الأسود سأله قبل أن يموت عن"المستقر" و"المستودع"، فقال:"المستقر"، في الرحم،"والمستودع"، في الصلب.
١٣٦٤٨- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون: أتينا منزل إبراهيم، فسألنا عنه فقالوا: قد توفي. وسأله عبد الرحمن بن الأسود، فذكر نحوه.
١٣٦٤٩- حدثني به يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون: أنه بلغه: أنّ عبد الرحمن بن الأسود سأل إبراهيم عن ذلك، فذكر نحوه.
١٣٦٥٠- حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن العلاء بن هارون قال: انتهيت إلى منزل إبراهيم حين قبض، فقلت لهم: هل سأله أحد عن شيء؟ قالوا: سأله عبد الرحمن بن الأسود عن"مستقر ومستودع"، فقال: أما"المستقر"، فما استقر في أرحام النساء، و"المستودع"، ما في أصلاب الرجال. (١)

(١) الأثر: ١٣٦٥٠ -"عبيد الله بن محمد بن هرون الفريابي"، شيخ الطبري، مضى برقم: ١٧، ٩٢٢٧.
و"ضمرة بن ربيعة الفلسطيني"، مضى برقم: ٧١٣٤، ١٢٨٦٨.
و"العلاء بن هرون الواسطي"، سكن الرملة. روى عن ابن عون. ثقة، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/١/٣٦٢.
وأخشى أن يكون هذا الخبر، عن العلاء بن هرون، عن ابن عون، بل أرجح أن يكون كذلك.

صفحة رقم 569

١٣٦٥١- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد في"فمستقر ومستودع"، قال:"المستقر"، الرحم، و"المستودع"، الصلب.
١٣٦٥٢ - حدثني يونس قال، حدثني سفيان، عن رجل حدَّثه، عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: ألا تنكح؟ ثم قال: أما إني أقول لك هذا، وإني لأعلم أن الله مخرجٌ من صلبك ما كان فيه مستودَع. (١)
١٣٦٥٣- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال:"المستقر"، في الرحم، و"المستودع"، في الصلب.
١٣٦٥٤- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن ابن عباس:"فمستقر ومستودع"، قال:"مستقر"، في الرحم، و"مستودع"، في الصلب.
١٣٦٥٥ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:"فمستقر ومستودع"، قال:"مستقر"، في الرحم، و"مستودع"، في الصلب.
١٣٦٥٦ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك:"فمستقر ومستودع"، أما"مستقر"، فما استقر في الرحم = وأما"مستودع"، فما استودع في الصلب.
١٣٦٥٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فمستقر ومستودع"، قال:"مستقر"، في الأرحام،"ومستودع"، في الأصلاب.
١٣٦٥٨- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا

(١) في المطبوعة: "ما كان فيه مستودعًا"، غير ما في المخطوطة بلا طائل.

صفحة رقم 570

حماد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير = وأبي حمزة، عن إبراهيم = قالا"مستقر ومستودع"،"المستقر"، في الرحم، و"المستودع"، في الصلب.
* * *
وقال آخرون:"المستقر"، في القبر،"والمستودع"، في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٦٥٩ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول:"مستقر"، في القبر،"ومستودع" في الدنيا، وأوشك أن يلحق بصاحبه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله جل ثناؤه عمّ بقوله:"فمستقر ومستودع"، كلَّ خلقه الذي أنشأ من نفس واحدة، مستقرًّا ومستودعًا، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى. ولا شك أنّ من بني آدم مستقرًّا في الرحم، ومستودعًا في الصلب، ومنهم من هو مستقر على ظهر الأرض أو بطنها، ومستودع في أصلاب الرجال، ومنهم مستقر في القبر، مستودع على ظهر الأرض. فكلٌّ"مستقر" أو"مستودع" بمعنى من هذه المعاني، فداخل في عموم قوله:"فمستقر ومستودع" ومراد به، إلا أن يأتي خبرٌ يجب التسليم له بأنه معنيٌّ به معنى دون معنى، وخاص دون عام.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله:"فمستقر ومستودع".
فقرأت ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)، بمعنى: فمنهم من استقرّه الله في مقرِّه، فهو مستقَرٌّ = ومنهم من استودعه الله فيما استودعه فيه، فهو مستودَع فيه.
* * *
وقرأ ذلك بعض أهل المدينة وبعض أهل البصرة: (فَمُسْتَقِرٌّ)، بكسر"القاف"

صفحة رقم 571

بمعنى: فمنهم من استقرّ في مقرّه، فهو مستقِرّ به.
* * *
وأولى القراءتين بالصواب عندي، وإن كان لكليهما عندي وجه صحيح: (فَمُسْتَقَرٌّ)، بمعنى: استقرّه الله في مستقَرِّه، ليأتلف المعنى فيه وفي"المستودَع"، في أن كل واحد منهما لم يسمَّ فاعله، وفي إضافة الخبر بذلك إلى الله في أنه المستقِرُّ هذا، والمستودِع هذا. وذلك أن الجميع مجمعون على قراءة قوله:"ومستودَع" بفتح"الدال" على وجه ما لم يسمَّ فاعله، فإجراء الأوّل = أعني قوله:"فمستقر" = عليه، أشبه من عُدُوله عنه.
* * *
وأما قوله:"قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون"، يقول تعالى: قد بيّنا الحجج، وميزنا الأدلة والأعلام وأحكمناها (١) ="لقوم يفقهون"، مواقعَ الحجج ومواضع العبر، ويفهمون الآيات والذكر، (٢) فإنهم إذا اعتبروا بما نبّهتهم عليه من إنشائي من نفس واحدة ما عاينوا من البشر، وخلقي ما خلقت منها من عجائب الألوان والصور، علموا أنّ ذلك من فعل من ليس له مثل ولا شريك فيشركوه في عبادتهم إياه، كما:-
١٣٦٦٠- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون"، يقول: قد بينا الآيات لقوم يفقهون.
* * *

(١) انظر تفسير"فصل" فيما سلف ص: ٥٦١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"فقه" فيما سلف ص: ٤٣٣، تعليق٢، والمراجع هناك.

صفحة رقم 572
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية