
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أي ما عرفوه تعالى حق معرفته في اللطف بعباده والرحمة عليهم ولم يراعوا حقوقه تعالى في ذلك إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ.
روي أن مالك بن الصيف- وهو من أحبار اليهود- ورؤسائهم جاء في مكة يخاصم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكان رجلا سمينا، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها أن الله تعالى يبغض الحبر السمين» فقال: نعم- وكان يحب إخفاء ذلك لكن أقر لإقسام النبي عليه- فقال له النبي: «أنت حبر سمين وقد سمنت من الأشياء التي تطعمك اليهود» «١». فضحك القوم، فغضب مالك بن الصيف ثم التفت إلى عمر فقال: ما أنزل الله على بشر من شيء. فقال له أصحابه الذين معه: ويحك، ولا على موسى. فقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء، فلما سمع قومه تلك المقالة قالوا: ويلك. ما هذا الذي بلغنا عنك أليس الله أنزل التوراة على موسى فلم قلت هذا قال؟!: أغضبني محمد فقلته، فقالوا: وأنت إذا غضبت تقول على الله غير الحق. فعزلوه من الحبرية وعن رئاستهم لأجل هذا الكلام وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف.
قُلْ لهم: مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ أي حال كون الكتاب ظاهرا جليا في نفسه وهاديا للناس من الضلالة تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً أي تضعون الكتاب في ورقات مفرقة فجعلوه أجزاء نحو نيف وثمانين جزءا، وفعلوا ذلك ليتمكنوا من إخفاء ما أرادوا إخفاءه، فيجعلون ما يريدون إخفاءه على حدى ليتمكنوا من إخفائه.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو بياء الغيبة في الأفعال الثلاثة. والباقون بتاء الخطاب وَعُلِّمْتُمْ أيها اليهود من الأحكام وغيرها ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ من قبل نزول التوراة. وقيل: المراد من قوله تعالى: وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ أن التوراة كانت مشتملة على البشارة بمقدم محمد واليهود قبل مقدمه صلّى الله عليه وسلّم كانوا يقرءون تلك الآيات وما كانوا يفهمون معانيها فلما بعث محمدا ظهر أن المراد من تلك الآيات هو مبعثه صلّى الله عليه وسلّم قُلِ اللَّهُ أي قل يا أكرم الرسل المنزل لهذا الكتاب هو الله تعالى ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) أي ثم اتركهم في باطلهم الذين يخوضون فيه يسخرون فإنك إذا أقمت الحجة لم يبق عليك من أمرهم شيء ألبتة وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ أي وهذا القرآن كتاب أنزلناه بالوحي على لسان جبريل مُبارَكٌ أي كثير خيره دائم منفعته يبشر بالمغفرة يزجر عن المعصية مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ أي موافق للكتب التي قبله في التوحيد وتنزيه الله، والدلالة على البشارة والنذارة وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى.

قرأ شعبة «لينذر» على الغيبة أي لينذر الكتاب والباقون و «لتنذر» بالخطاب. أي ولتنذر يا أكرم الرسل أهل مكة سميت أم القرى لأنها قبلة أهل الدنيا ولأنها موضع الحج وهي من أصول عبادات أهل الدنيا فيجتمع الخلق إليها كما يجتمع الأولاد إلى الأم، فلما اجتمع أهل الدنيا فيها بسبب الحج فيلزم أن يحصل فيها أنواع التجارات وهي من أصول المعيشة فلهذا السبب سميت مكة أم القرى وَمَنْ حَوْلَها أي من أهل جميع بلاد العالم وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أي بالوعد والوعيد والثواب والعقاب يُؤْمِنُونَ بِهِ أي بالكتاب وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢) فإن الإيمان بالآخرة يحمل على الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وذلك يحمل على المحافظة على الصلاة وتخصيصها بالذكر لأنها أشرف العبادات بعد الإيمان بالله فلم يقع اسم الإيمان على شيء من العبادات الظاهرة إلا على الصلاة. قال تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ [البقرة: ١٤٣] أي صلاتكم. ولم يقع اسم الكفر على شيء من المعاصي إلا على ترك الصلاة.
قال صلّى الله عليه وسلّم: «من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر»
«١» وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً نزل هذا في مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة وفي الأسود العنسي صاحب صنعاء فإنهما كانا يدّعيان النبوة والرسالة من عند الله تعالى على سبيل الكذب أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ.
روي أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما نزل قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [المؤمنون: ١٢] أملاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلما بلغ قوله تعالى: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ [المؤمنون: ١٤] عجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان فقال:
فتبارك الله أحسن الخالقين، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هكذا نزلت الآية اكتبها كذلك» «٢» فشك عبد الله وقال: إن كان محمدا صادقا فقد أوحي إليّ مثل ما أوحي إليه فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين، ثم رجع بعد ذلك إلى الإسلام فأسلم قبل فتح مكة حين نزول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمر الظهران
وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ كما ادعى النضر بن الحرث معارضة القرآن فإنه قال في شأن القرآن: إنه من أساطير الأولين وكل أحد يمكنه الإتيان بمثله، وقال: لو نشاء لقلنا مثل هذا.
قال العلماء: وقد دخل في حكم هذه الآية كل من افترى على الله كذبا في ذلك الزمان وبعده لأن خصوص السبب لا يمنع عموم الحكم وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) أي ولو ترى يا أشرف الخلق الظالمين وقت كونهم في شدائد الموت
(٢) رواه ابن حجر في الكاف والشاف في تخريج أحاديث الكشاف (٦٢).

في الدنيا والملائكة باسطوا أيديهم لقبض أرواحهم قائلين لهم: أخرجوا أنفسكم من هذه الشدائد، وخلّصوها من هذه الآلام، هذا الوقت تجزون العذاب الذي يقع به الهوان الشديد بسبب الافتراء على الله والتكبر على آيات الله، لرأيت أمرا فظيعا. أو المعنى ولو ترى الظالمين إذا صاروا إلى أنواع الشدائد والتعذيبات في الآخرة فأدخلوا جهنم والملائكة باسطوا أيديهم عليهم بالعذاب مبكتين لهم قائلين: أخرجوا أنفسكم من هذا العذاب الشديد هذا الوقت تجزون العذاب المشتمل على الإهانة بسبب كونكم قائلين قولا غير الحق، وكونكم مستكبرين عن الإيمان بآيات الله لرأيت أمرا عظيما. وَلَقَدْ جِئْتُمُونا للحساب فُرادى عن الأهل والمال والجاه كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أي مشبهين ابتداء خلقكم حفاة عراة غرلا بهما أي ليس معهم شيء وَتَرَكْتُمْ بغير اختياركم ما خَوَّلْناكُمْ أي أعطيناكم من الأموال وَراءَ ظُهُورِكُمْ في الدنيا أما إذا صرف الأموال إلى الجهات الموجبة لتعظيم أمر الله وللشفقة على خلق الله فما تركها وراء ظهره بل قدمها تلقاء وجهه وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ أي وما نرى معكم أصنامكم التي زعمتم أنها شركاء لله في استحقاق عبادتكم لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ.
قرأ نافع وحفص عن عاصم والكسائي بالنصب. أي لقد تقطعت الشركة بينكم. والباقون بالرفع أي لقد تقطع وصلكم ف «البين» اسم يستعمل للوصل والفراق فهو مشترك بينهما كالجون للأسود والأبيض وَضَلَّ أي ضاع عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤) إن الأصنام شفعاؤكم إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ أي شاق جميع الحبوب من الحنطة وغيرها وَالنَّوى وهي التي في داخل الثمار أي فإذا وقعت الحبة أو النواة في الأرض الرطبة ثم مرّ عليها مدة أظهر الله تعالى في تلك الحبة أو النواة من أعلاها شقا ومن أسفلها شقا آخر فيخرج من الحبة ورق أخضر ومن النواة شجرة صاعدة في الهواء ويخرج منها عروق هابطة في الأرض يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ أي يخرج من النطفة بشرا حيا، ومن البيضة فروخا حية، ومن الحب اليابس نباتا غضا، ومن الكافر مؤمنا، ومن العاصي مطيعا وبالعكس ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) أي ذلكم الله المدبر الخالق، النافع الضار، المحيي المميت فمن أين تكذبون في إثبات القول بعبادة الأصنام؟ وقيل:
المظلم بأن أجرى جدولا من النور فيه وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً أي يستريح فيه الخلق من التعب الحاصل في النهار.

قرأ عاصم وحمزة والكسائي على صيغة الماضي. والباقون على صيغة اسم الفاعل وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً أي قدّر الله تعالى حركة بمقدار معين من السرعة والبطء بحيث تتم الدورة في سنة، وقدّر حركة القمر بحيث تتم الدورة في شهر وبهذه المقادير تنتظم مصالح العالم في الفصول الأربعة وبسببها يحصل ما يحتاج إليه من نضج الثمار وحصول الغلات ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ أي حصول هذه الأحوال لا يمكن إلا بقدرة كاملة متعلقة بجميع الممكنات وبعلم نافذ في جميع المعلومات من الكليات والجزئيات فليس حصول حركات أجرام الأفلاك بصفاتها المخصوصة بالطبع وإنما هو بتخصيص الفاعل المختار وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي وهو الذي خلق لكم النجوم لاهتدائكم بها في مشتبهات الطرق إذا سافرتم في بر أو بحر، ولاستدلالكم بها على معرفة القبلة وعلى معرفة أوقات الصلاة قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) أي قد بينّا العلامات الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا لقوم يتأملون فيستدلون بالمحسوس على المعقول وينتقلون من الشاهد إلى الغائب، أي فإن هذه النجوم كما يستدل بها على الطرقات في ظلمات البر والبحر فكذلك يستدل بها على معرفة الصانع الحكيم وكمال قدرته وعلمه وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ أي الذي خلقكم مع كثرتكم من نفس آدم عليه السلام فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو «فمستقر» بكسر القاف. والباقون بفتحها وأما مستودع فهو بفتح الدال لا غير بالمعنى على الأول فمنكم مستقر ومنكم شيء مودع في الصلب وهو النطفة وعلى الثاني فلكم مكان استقرار وهو الأرحام، ومكان استيداع وهو نفس الأصلاب. والفرق بين المستقر والمستودع أن المستقر ما لم يكن على قرب الزوال والمستودع ما كان على قرب الزوال فإن النطفة تبقى في صلب الأب زمانا قصيرا والجنين يبقى في رحم الأم زمانا طويلا ولما كان المكث في بطن الأم أكثر من المكث في صلب الأب حمل المستقر على الرحم والمستودع على الصلب.
وقيل: إن المستقر صلب الأب والمستودع: رحم الأم، لأن النطفة حصلت في صلب الأب قبل حصولها في رحم الأم. فحصول النطفة في الرحم من فعل الرجل مشبه بالوديعة وحصولها في الصلب لا من جهة الغير.
وقال أبو مسلم الأصبهاني: إن تقدير الآية هو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمنكم ذكر ومنكم أنثى، وإنما عبر عن الذكر بالمستقر لأن النطفة إنما تنشأ في صلبه وتستقر فيه. وإنما عبر عن الأنثى بالمستودع لأن رحمها شبيه بالمستودع لتلك النطفة قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ أي قد بينا العلامات الدالة على قدرتنا من تفاصيل خلق البشر لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨) أي يدققون النظر فإن

إنشاء الأنس من نفس واحدة وتصريفهم بين أحوال مختلفة ألطف صنعة وإن الاستدلال بالأنفس أدق من الاستدلال بالنجوم في الآفاق لظهورها وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً أي وهو الله الذي خلق هذه الأجسام في السماء ثم ينزلها إلى السحاب ثم من السحاب إلى الأرض فَأَخْرَجْنا بِهِ أي بسبب الماء نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي تنمو من أنواع النجم والشجر فَأَخْرَجْنا مِنْهُ أي النبات خَضِراً أي زرعا. والمراد من هذا الخضر العود الأخضر الذي يخرج أولا في القمح والشعير والذرة والأرز ويكون السنبل في أعلاه نُخْرِجُ مِنْهُ أي من ذلك الخضر حَبًّا مُتَراكِباً بعضه على بعض في سنبله واحدة وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها أي كيزانها قبل أن ينشق عن الإغريض قِنْوانٌ أي عراجين تدلت من الطلع دانِيَةٌ أي قريبة من القاطف يناله القائم والقاعد وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ.
قرأ عاصم بالرفع وهي قراءة علي، أي ومن الكرم جنات من أعناب. والباقون بالنصب والتقدير وأخرجنا بالماء بساتين من أعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ أي شجرهما والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص لعزة هذين الصنفين عندهم مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ أي إن هذه الفواكه قد تكون متشابهة في اللون والشكل مع أنها تكون مختلفة في الطعم واللذة، وقد تكون مختلفة في اللون والشكل مع أنها تكون متشابهة في الطعم واللذة، وأيضا بعض حبات العنقود من العنب متشابهة وبعضها غير متشابه فإنك إذا أخذت العنقود ترى حباته نضجة حلوة طيبة إلا حبات مخصوصة منها بقيت على أول حالها من الخضرة والحموضة والعفوصة. انْظُرُوا أيها المخاطبون. نظر اعتبار إِلى ثَمَرِهِ أي ثمر كل واحد مما ذكر.
قرأ حمزة والكسائي بضم الثاء والميم. وقرأ أبو عمرو بضم الثاء وسكون الميم. والباقون بفتح الثاء والميم إِذا أَثْمَرَ أي إذا خرج ثمره فتجدوه ضئيلا لا يكاد ينتفع به. وَيَنْعِهِ أي وانظروا إلى حال نضجه وكماله فتجدوه قد صار قويا جامعا لمنافع جمة إِنَّ فِي ذلِكُمْ أي في اختلاف الألوان وهو ما أمر بالنظر إليه لَآياتٍ أي عظيمة دالة على وجود القادر الحكيم ووحدته لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩) أي لمن سبق في حقه قضاء الله بالإيمان، فأما من سبق له قضاء الله بالكفر لم ينتفع بهذه الدلالة ألبتة أصلا. وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ أي قال المجوس: إن الله تعالى وإبليس أخوان شريكان فالله تعالى خالق الناس والدواب والأنعام، وإبليس خالق السباع والحيات والعقارب، وقالوا: كل ما في هذا العالم من الخيرات فهو من يزدان وجميع ما فيه من الشرور فهو من أهرمن، وهو المسمى بإبليس في شرعنا. وَخَلَقَهُمْ أي وقد علموا أن الله خلقهم فإن أكثر المجوس معترفون بأن إبليس ليس بقديم بل هو حادث، وإنما كان إبليس أصلا لجميع الشرور والآفات والمفاسد والقبائح وقد سلموا أن إله العالم هو الخالق لما هو أصل